غزة ـ كمال اليازجي
في حي راقٍ من أحياء مدينة رام الله، استعرض 370 راقصًا وراقصة مهاراتهم في الدبكة الشعبية الفلسطينية، على أنغام الأغاني التراثية التي تحكي سيرة الفلاحين في حقولهم وأفراحهم وأتراحهم، حتى بدوا كأنهم يبعثون من جديد الروح الفلسطينية القديمة الباقية في البلاد رغم ما طرأ عليها من تغيرات صادمة بفعل الزمن وممارسات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا الاستيطان.
وأبهر الراقصون والراقصات الصغار الذين تراوحت أعمارهم بين السادسة والسابعة عشرة، الجمهور الذي قدم من أنحاء الضفة الغربية لحضور افتتاح مهرجان فلسطين الدولي للرقص والموسيقى"، فوقف وصفق لهم مراراً وهم يقدمون بإتقان، الدبكة والأغاني والأهازيج الفلسطينية العتيقة.
وذكر أستاذ جامعي قدم إلى المهرجان مع عائلته أن المهرجان "أعادنا هؤلاء الأولاد إلى الجذور، إلى الأصول، إلى الماضي الجميل" .
وبدأ المهرجان فعالياته ليل الثلاثاء-الأربعاء في قصر الثقافة في رام الله، بعروض الدبكة الشعبية التي قدمتها 13 فرقة تلقت تدريبها طيلة عام كامل في مركز الفن الشعبي الذي يقيم المهرجان سنويًا، سوى في حالات استثنائية مثل الحرب على غزة أو أثناء سنوات الانتفاضة الثانية، واختتمت الفرق الـ13 عروضها بعرض جماعي شارك فيه الـ370 راقصًا وراقصة.
وأكد منظمو المهرجان في كلمات الافتتاح أنهم "مصممون على الفرح والحياة رغم الظلام الذي يزرعه الاحتلال"، إذ ترافق هذا العام مع عمليات القتل التي ارتكبها جيش الاحتلال والمستوطنون، وأكثرها بشاعة قيام المستوطنين بإحراق عائلة فلسطينية في بيتها أثناء نومها، ما أدى إلى موت رضيع لم يتجاوز عمره 18 شهرًا وإصابة والديه وشقيقه ابن السنوات الأربع بحروق بالغة الخطورة ما زالت تهدد حياتهم.
وارتقى في اليوم التالي لحرق العائلة، طالب جامعي من مخيم الجلزون في مواجهات مع جيش الاحتلال، وسبقه شهيد سقط في مخيم قلنديا أثناء مواجهات مماثلة، وكان قد ارتقى في الأسابيع الأخيرة عدد من الشبان الفلسطينيين في أنحاء الضفة.
وأوضحت مديرة المهرجان إيمان الحموري لـ"الحياة" ،"هذا العام، نحن أكثر إصرارًا على الحياة من أي وقت مضى لأنه عندما تضيع البوصلة فإننا يجب أن نعمل على إعادتها إلى فلسطين".
واختار المنظمون مناهضة "التمييز" موضوعًا للمهرجان، وأوضحت الحموري "اخترنا التمييز موضوعاً للمهرجان هذا العام لأننا أكثر شعب يتعرض للتمييز من سلطات الاحتلال، التمييز في كل أشكال الحركة والعمل والبناء والإقامة، كما أن العالم العربي يشهد حالة تمييز عبثية على أساس الطائفة والدين والجهة وغيرها".
واستضاف المهرجان في ليلته الأولى فرقة "بلدنا" الأردنية التي قدمت عرضًا في مدينة جنين شمال الضفة، وقدم الراقصون في اليوم الأول ثلاثة أنماط مختلفة من الرقص، هي الدبكة الفلسطينية، والأفرو- دبكة، والـ"هيب هوب"، وقالت الحموري أنه "جرى وضع الرقصات في سياق واحد بحيث تؤدي إلى الجذور التي نحن جميعنا منها".
وتشارك في مهرجان هذا العام فرق أرمنية وإرلندية، كما يشارك فيه الفنان الكردي عمار الكوفي الذي كان أحد أبرز المشاركين في برنامج "أراب آيدول"، وذلك تكريسًا لفكرة المهرجان المناهضة لكل أشكال التمييز.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر