بعد اشهر من المحادثات الفاشلة، استخدم قادة الاتحاد الاوروبي لغة غير دبلوماسية في تصريحاتهم بشان اليونان ووجهوا مجموعة من الاتهامات الى اثينا من بينها التوجه نحو الانتحار، والابتزاز، والكذب.
ورغم ان هذه الانتقادات تعكس مشاعر الاحباط من اساليب التفاوض التي يستخدمها رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس وحكومته التي يقودها حزب سيريزا اليساري المتشدد، الا انها ربما تكون كذلك جزءا من استراتيجية لتعبئة الراي العام قبل نهاية الازمة، بحسب ما يرى خبراء.
ورئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر، المعروف بصراحته، كان ابرز الزعماء الذين اعربوا عن مشاعرهم بدون تحفظ.
ففي مؤتمر صحافي الاثنين قال انه يشعر ب"الخديعة" و"الحزن الشديد" بسبب "الاعيب" اليونان.
ويبدو ان ما اثار غضب يونكر، الذي كان من اشد مؤيدي تسيبراس في الاتحاد الاوروبي خلال الاشهر الخمسة من المحادثات، هو خروج اليونان من المحادثات بينما كان الاطراف على وشك التوصل الى اتفاق حول مستقبل اليونان في اوروبا، بحسب الاتحاد الاوروبي.
وبعد ذلك دعا تسيبراس الى اجراء استفتاء الاحد يحدد فيه اليونانيون موقفهم من شروط الاتفاق، وهي الخطوة التي اعتبرها قادة الاتحاد الاوروبي بمثابة تصويت على مستقبل اليونان في اوروبا.
وفي الاسابيع السابقة شوهد يونكر (60 عاما) يرحب بتسيبراس (40 عاما) بالعناق والقبلات اثناء زياراته لبروكسل، الا ان جو البهجة ذلك اختفى.
وقال يونكر "ساقول لليونانيين انا احبكم بحق، وان عليكم ان لا تختاروا الانتحار لمجرد انكم خائفون من الموت"، داعيا اليونانيين الى التصويت ب"نعم" في الاستفتاء.
وفي محاولة اخيرة، قدمت اليونان الثلاثاء اقتراحا تطلب فيه صفقة انقاذ اخرى بقيمة نحو 30 مليار يورو (33 مليار دولار) تضاف الى برنامجي الانقاذ بقيمة 240 مليار يورو اللذين حصلت عليهما منذ 2010.
الا ان دول منطقة اليورو رفضت اجراء اي محادثات اضافية مع اثينا الا بعد اتضاح نتيجة الاستفتاء.
واضافة الى تصريحات يونكر، ادلى العديد من زعماء الاتحاد الاوروبي بتصريحات تنتقد اليونان.
فقد دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد اليونان الى التصرف "كالبالغين"، فيما وصف الالماني مارتن شولتز رئيس البرلمان الاوروبي اساليب اثينا بانها "مزعجة حقا" و"متعبة".
ولكن المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تقود اكبر اقتصاد في اوروبا، كانت اكثر حذرا في تصريحاتها، الا ان وزير ماليتها فولفغانغ شويبله اتهم تسيبراس بإطلاق "مزاعم غير صحيحة لا تمت للواقع بصلة".
وذهب يانيس ريرس وزير مالية لاتفيا الى ابعد من ذلك اذ قال للتلفزيون المحلي الخميس "نستطيع الان ان نرى سياسات سيريزا: الترهيب، الابتزاز والاكاذيب".
وقد ردت الحكومة اليونانية على الانتقادات بالمثل، اذ اتهم تسيبراس قادة اوروبا في تغريدة على تويتر بممارسة "الخنق المالي" و"الابتزاز" و"الاكراه".
ورغم الخلافات بين الطرفين الا ان وزراء مالية منطقة اليورو تركوا الباب مفتوحا لاجراء مزيد من المحادثات بعد الاستفتاء. واقر القادة الاوروبيون بان هذه المحادثات ستكون اكثر صعوبة من سابقتها.
واعتبر محللون انه ربما كانت وراء هذه التصريحات الغاضبة استراتيجية سياسية.
وراى بابلو كالديرون مارتينز استاذ الدراسات الاسبانية والاوروبية في جامعة كنغز كوليدج في لندن ان القادة الاوروبيين ربما يحاولون التمهيد لتداعيات الحل النهائي للازمة.
ومن المرجح ان يكون هذا الحل مكلفا جدا لدول منطقة اليورو كما انه سيؤدي الى انقسام الراي العام.
واوضح ان جميع القادة الاوروبيين "يحاولون تغطية انفسهم من اي نوع من الانكشاف (على تداعيات الازمة) ... فقد بدأت لعبة تبادل الاتهامات وتحميل المسؤولية للاخر".
واشار برونو امابل الخبير الاقتصادي في جامعة بانثيون سوربون في باريس الى ان التصريحات السلبية تهدف الى توجيه رسالة الى الناخبين الاوروبيين.
واوضح ان هذه التصريحات "تريد ان تظهر لعامة الناس ان اي حكومة ليسار متطرف تقود الى الفشل وان عليهم ان يثقوا بالاحزاب التقليدية".
ومعظم الحكومات في دول منطقة اليورو حاليا هي حكومات تتبنى سياسات اقتصادية ليبرالية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر