رام الله ـ المغرب اليوم
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني «ماس» في مقره برام الله، أمس،جلسة طاولة مستديرة حول «أولويات ومتطلبات انضمام فلسطين للمنظمات الاقتصادية الدولية» شارك فيها شخصيات من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.
وأجمع المشاركون على ضرورة السعي التدريجي نحو الانضمام ووضع فلسطين على الخارطة الدولية، وأكدوا على أهمية وضرورة الانضمام، ولكن يجب أن يكون في سياق السعي نحو التحرر الوطني والاستقلال وبناء مؤسسات الدولة والسعي لتقليص الاعتماد على إسرائيل من الناحية الاقتصادية، وألا يرتبط موضوع الانضمام بمسألة التكاليف وحسابات الربح والخسارة المالية، ويجب على النظام السياسي الفلسطيني أن يترجم موضوع الانضمام إلى برامج شاملة يستفاد منها على جميع الأصعدة.
بالإضافة إلى ترجمة الانضمام بالبعد القانوني التنفيذي في المحاكم الفلسطينية والدولية من خلال إصدار القوانين المصاحبة للتوقيع على الاتفاقيات الدولية.
وقدم المداخلات الرئيسية في الجلسة كل من معد الورقة الدكتور حازم الشنار، والسيد رأفت ريان مدير دائرة المنظمات الدولية والإقليمية في وزارة الاقتصاد الوطني، والسيدة رنا أبو صبيعة، مديرة دائرة الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية.
افتتح الجلسة الدكتور سمير عبد الله، مدير البحوث في «ماس»، مشيراً إلى أهمية وجود خطة فلسطينية واضحة للانضمام للمنظمات الدولية، تستند إلى فهم طبيعة تلك المنظمات ودورها وأهميتها وطريقة عملها.
وأشار إلى أن الانضمام لتلك المنظمات يزيد من تثبيت الهوية الفلسطينية، ولكن وبعد أن باتت فرصة الانضمام لمعظمها قائمة ودون عوائق، بات المطلوب تحديد أولوياتنا بدقة، والبحث في المتطلبات والالتزامات مقابل الفرص والفوائد التي يمكن استغلالها من الحصول على العضوية فيها، وهذا يتطلب بعض الدراسة والتمحيص، ودراسة الجاهزية والقدرة على الالتزام بمتطلبات العضوية الفنية والإدارية والمالية، وتحديد خططنا للاستفادة مما تتيحه العضوية فيها من فرص في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية، كما ينبغي التحضير الجيد لتحقيق ذلك، لتوظيف المكاسب التي سنحققها في خدمة تحقيق الاستقلال وبناء قدرات الدولة الفلسطينية في كافة المجالات القانونية والإدارية والاقتصادية.
وعرض الدكتور حازم النقاط الرئيسية في ورقته حول أهمية وجدوى انضمام فلسطين إلى المنظمات الاقتصادية الدولية باعتبارها نافذة مهمة لتثبيت الكيان السياسي والاقتصادي فضلاً عن مساهمتها في بناء الدولة والقدرات الفلسطينية ووضع فلسطين في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية الطبيعية. وهذا الأمر يتطلب تحديد المعايير والأولويات السياسية والاقتصادية التي تجلب النفع على المجتمع الفلسطيني، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على حالة التوازن في عملية الانضمام بما لا يضر بمصالح المنظمات الدولية والدول الصديقة وخاصة في ظل المقاطعة الأميركية لهذه المنظمات وحبس أموال الدعم عنها في حال قبول فلسطين كعضو.
من جانبه أكد ممثل وزارة الاقتصاد رأفت ريان على أهمية الاستفادة من الخبرات الموجودة والتشاور معها في آلية العمل للانضمام بهدف تعظيم الاستفادة لصالح الاقتصاد الفلسطيني.
وأشار إلى تقديم الوزارة ورقة دراسية لمجلس الوزراء من قبل وزارة الاقتصاد بضرورة الانضمام إلى 9 منظمات دولية مع التحفظ في الانضمام إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لارتفاع تكاليف الانضمام وبسبب تحكم السياسة الأمريكية فيهما.
وأكدت رنا أو صبيعة مدير دائرة الشؤون الاقتصادية الدولية في وزارة الخارجية أهمية الانضمام للمنظمات الدولية وفقاً للنهج التدريجي وترسخ الشخصية القانونية الفلسطينية على المستوى الدولي بما لا يضر بالمنظمات الدولية والدول الصديقة، وهذه هي الإستراتيجية الدبلوماسية التي تنتهجها الوزارة.
كما أكدت أيضاً على ضرورة عدم الفصل بين المسار السياسي والمسار الاقتصادي في عملية الانضمام وأن الأولويات يجب أن تكون مشتركة من خلال عمل المزيد من التنسيق بين مؤسسات السلطة الفلسطينية بما يتناسب مع المراحل والأوضاع السياسية، وذلك ضمن الرؤية السياسية الفلسطينية. كما أكدت السيدة منا الدسوقي مدير عام التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد الوطني على ضرورة الزحف إلى الأمام في مساعي الانضمام على أن يتم العمل بشكل جماعي للاستفادة من كافة الجهود الفلسطينية والخبرات المحلية والدولية، ووجهت الدعوة للجميع للمشاركة في اجتماع تشاوري في هذا الخصوص والذي سيعقد في وزارة الاقتصاد الوطني بتاريخ 14/9 من الشهر القادم.
وتحدث رجا الخالدي الخبير السابق في الأمم المتحدة، حيث أكد أنه يمكن الاستفادة من المنظمات الدولية دون الانضمام الكامل، على اعتبار أن الانضمام الكامل يترتب عليه التزامات وواجبات غير ضرورية في المرحلة الحالية وخاصة أن فلسطين لا تزال تقع تحت الاحتلال، كما أكد على ضرورة الفصل بين طبيعة عمل المنظمات الدولية والدور الذي تؤديه، وخاصة أن منظمات الأمم المتحدة لها دور مختلف عن باقي المنظمات من ناحية الالتزامات القانونية في نفس الوقت الذي يعتبر فلسطين غير جاهزة قانونياً واقتصادياً لاستحقاقات الانضمام، وأن العضوية الكاملة لا توفر المزيد من الموارد والخبرات والاهتمام، لذلك يكفي أن تكون عضواً مراقباً في هذه المنظمات.
وأشار الخبير الاقتصادي المصري الدكتور محسن أبو هلال إلى ضرورة انضمام فلسطين ومراعاة التوازن في هذه العملية فيما بين الالتزامات والحقوق، وهل الثمن المدفوع للانضمام يساوي الفوائد، وأن الانضمام ليس النهاية بل هو البداية لوضع فلسطين على الخارطة الدولية، ولكن هذا يتطلب بناء برنامج فلسطيني شامل للانضمام لكافة المؤسسات الدولية، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك التزامات عامة تفرض على فلسطين بالإضافة إلى الالتزامات المحددة المتعلقة بالسياسات التجارية والجمركية في حال الانضمام لمنظمة التجارة العالمية كأحد المنظمات الدولية المستقلة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر