التلميذ ونجاح الأستاذ

التلميذ.. ونجاح الأستاذ

المغرب اليوم -

التلميذ ونجاح الأستاذ

بقلم - محمد لبيب سالم

إذا كان التلميذ لؤلؤة فالأستاذ هو المحارة، والمحارة بدون لؤلؤة تفني بلا ذكرى.. من أجمل وأقوى وأنجح العلاقات الإنسانية على وجه الإطلاق حسب تقديري هي العلاقة بين التلميذ والأستاذ.. والعلاقة بين الأستاذ ولو كان عبداً صالحاً والتلميذ ولو كان نبياً مرسلاً علاقة رائعة تغلب عليها التساؤلات والمناقشة ويتبعها الطاعة..
 
ومع أن معظم الحديث يدور عادة حول أهمية شخصية الأستاذ في تشكيل شخصية التلميذ ودفعه على التفوق، إلا أن العكس أيضاً ذو أهمية قصوى.. فشخصية الطالب وتفوقه أيضاً ذات أهمية قصوى لمساعدة الأستاذ على استمرارية تفوقه وتطوير ذاته.. وعلى التلميذ أن يلزم أستاذه وينصت إليه ويتعلم منه ليصبح أستاذاً قادراً على تعليم غيره وإن لم يقدر له أن يعلم غيره فسوف يفيد نفسه..
 
ومن أرقى العلاقات التي ذكرت بين التلميذ وأستاذه من وجهة نظري والتي أذكرها لطلابي دائماً هي العلاقة بين سيدنا الخضر (الأستاذ) وسيدنا موسى (التلميذ وهو النبي المرسل). علاقة كان الغرض منها تعلم فيها سيدنا موسى العلم والحكمة من سيدنا الخضر..
 
وعلاقة سيدنا موسى وسيدنا الخضر تم تصويرها في أروع حوار في سورة الكهف ليس للحفظ ولكن للتدبر والتعلم في أمور حياتنا . { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} سورة الكهف آية 65 – 66 – 67.  فقال موسى وكان حريصاً على العلم توّاقًا إلى المعرفة: {سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} الكهف/69..
 
وكلمة الأستاذ كلمة أعجمية، دخيلة على اللغة العربية، ولم ترد في الشعر الذي يحتج به. ومن تحريف العامة أنهم يقولون: أُسْطى، وقد نشأ اللفظ من تفخيم التاء. ويعنون به الرجل الماهر في صنعته أو حرفته..
 
ويقال أن التلميذ هو لفظٌ معرَّبٌ عن العبرانيةِ، أصلُه ( تَلْمِيذ)، ومعناه (متعلِّم).. وقيلَ أيضاً أنه معرَّبٌ عن غيرِها. وقد وردَ في قليلٍ من الشعرِ الجاهليِّ بالدالِ ، والذالِ ، وبحذفِها ؛ إذْ كان أصلُه أعجميًّا . ومعنى التلميذ هو الخادم عند صاحب الصنعة، المعين له.
 
والعلاقة بين الأستاذ والتلميذ هي علاقة مكسب-مكسب، بمعني علاقة قصة نجاح ثنائية، إذا خفق أحد طرفيها خسر الطرف الآخر. وإذا كان للأستاذ تأثير كبير على نجاح تلميذه وتشكيل شخصيته في الحياة، فالتلميذ أيضاً له تأثير بالغ على نجاح أستاذه.. فإذا كان التلميذ ذكي ولماح وقارئ جيد ومخلص ويعمل بجدية وإبداع، فسوف يؤثر ذلك تأثيراً إيجابياً كبيراً على إفشاء روح الإيجابية والانطلاق والحيوية في روح أستاذه. فعلى التلامذة ألا يغفلوا هن مدى أهميته دورهم في نجاح الأستاذ..
 
ومع أن علاقة الأستاذ بالتلميذ موجودة في معظم المجالات، إلا أن الجامعة هي المكان الأمثل والأقوى لتأصيل هذه العلاقة السامية لأن الجامعة هي الحاضنة المثلى لإنتاج المعرفة.. فليت التلميذ قبل الأستاذ يحرص على نجاح هذه العلاقة السامية ويقدسها ليس بالسلامات والتحيات والتبريكات ولكن بالعمل الجاد والمبدع والاستمرار فيه.. يحيا التلميذ ومعه الأستاذ..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التلميذ ونجاح الأستاذ التلميذ ونجاح الأستاذ



GMT 07:56 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 10:27 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقييم رؤساء الجامعــات؟!

GMT 09:26 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الرد على الإرهاب بالعلم والعمل

GMT 11:55 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حكايات من المخيم مخيم عقبة جبر

GMT 10:48 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الإرشاد النفسي والتربوي

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib