العنف الأسري

العنف الأسري

المغرب اليوم -

العنف الأسري

بقلم : الدكتور وليد سرحان

الأسرة هي وحدة بناء المجتمع فيها تبنى الأجيال ويتم إعداد شخصياتهم وصقل مواهبهم، ولا شك أن الجو الأسري الذي يعيشه الفرد يؤثر على التطور النفسي والعاطفي له، ومن أسوأ الأجواء الأسرية التي يمكن للفرد أن يعيشها ، هو جو العنف، والعنف الأسري من المشاكل الموجودة في كل الشعوب، إلا أن الإتجاه الغالب في المجتمع هو نحو التستر عليها، وعدم الحديث عنها، الطفل الذي سينشأ في أسرة مليئة بالعنف لاشك أنه سيتعلم هذا النموذج ، ويحمله معه إلى المجتمع والمدرسة والشارع ثم إلى أسرته التي سيكونها في المستقبل، وسيتوارث العنف جيلاً بعد جيل، والعنف الأسري قد يكون عنفًا لفظيًا كلاميًا فيه الصراخ والعويل والشتائم بين الزوجين، وبين الأبناء، أما الجانب الأخر فهو العنف البدني وفيه الضرب الموجه من الزوج للزوجة والأبناء، ثم ضرب الأم للأبناء وبعد أن يشب بعض الأبناء يبدأوا بضرب إخوانهم وأخواتهم ، فكل واحد يضرب من هو أضعف منه ويكيل له الشتائم ، وهذا هو نظام القيم الذي سيسود الأسرة والمجتمع إذا كان النظام سيكون قد اقتبس من العنف.

والعنف الأسري أصبح راسخًا في عاداتنا وتقاليدنا وعلينا معالجة هذه السلوكيات السلبية والمنحرفة ، ولنأخذ العنف ضد الزوجة، فإذا كان هناك عدم إنسجام وعدم تفاهم بين الزوجين، فهل تعتقدوا أن الضرب المبرح للزوجة سيحل المشكلة، خصوصًا إذا قامت الزوجة بالرد بنفس الأسلوب، فهل هذا زواج قادر على الصمود والبقاء، هناك من يعتقد أن سماح الإسلام بضرب المرأة كافٍ لإعطاء هذا العنف قالبًا دينيًا ، يتفق معظم الفقهاء أن الضرب المسموح به هو بسيط معنوي لا يكون أسلوبًا طبيعيًا للحياة الزوجية بل هو إستثناء لا يلجأ إليه إلا نفر قليل من المسلمين "لا يفعله خياركم "، الفكرة التي قد يحملها البعض بأن ضرب الزوجة منذ الليلة الأولى للزواج سيجعلها مطيعة مخلصة صالحة، لا شك أنها فكرة مرفوضة لأن ما نشاهده ونلمسه أنها لن تكون الزوجة المثالية و الأم الصالحة، وستفرغ شحنة غضبها بعنف تكيله لأبنائها في المستقبل، إن لم تعيده للزوج بأساليب أخرى كالتبذير أو عدم المحافظة على البيت والإهمال وتعمد الإستفزاز، وفي بعض الأحيان العنف الجسدي ضد الزوج، أما العنف الذي يمارسه الوالدان على الأطفال فقد يبدأ منذ لحظة ولادتهم وبأساليب قد لا تكون مقبولة لأي إنسان، مثل ضرب الطفل في الشهور الأولى إذا بكى مما يؤدي لإصابته بكدمات وكسور وخدوش أو أن يحرق بالسجائر، أو أن يهمل ساعات طويلة دون عناية

لاشك أن الأسرة ستعاني من الخلافات والمشاكل بين الحين والآخر، وهذه المشاكل تتفاقم إذا كان العنف هو وسيلة التصحيح والحل ، أما الأسلوب السليم لحل هذه الخلافات فهو الحوار الهادف المنطقي بين الزوجين أولًا ثم الأبناء ، في جو من الحب والإحترام مما يعطي الكثير من الثمار الإيجابية ويساعد على استقرار وسعادة الأسرة، ومن الأعذار المعتادة للعنف قضية أن فلان عصبي أو فلانة عصبية بمعنى أنه لا يسيطر على نفسه في لحظة الغضب ، فلا يدري ما يفعل فقد يضرب ويزمجر ويكسر أثاث البيت، وعظام زوجته وأبنائه إذا لزم الأمر أو لم يلزم، هذا الإنسان يعاني من أثار عصبيته الزائدة وعنفه، وتجده يبكي ويندم على ما فعل إلا أنه يعود ويكرر نفس الفعل كلما غضب، وقد تبرر بعض الأمهات العنف بأن أحد الأطفال أو كلهم شقي وكثير الحركة ويتطلب الكثير من الرقابة والضبط، وخصوصًا إذا كان قد وصل عدد الأطفال إلى عشرة وهي حامل للمرة الحادية عشرة، ومما يزيد من التوتر والعنف الأسري تعاطي الكحول والمواد المخدرة التي تفقد متعاطيها صوابه وسيطرته على أعصابه، وهناك من يشعل سيجارة ويشرب القهوة كلما توتر، وهذه منبهات ستزيد من عصبيته وسرعة إنفعاله، فإلى الأسر التي تعاني من ظاهرة العنف ، أقول راجعوا أنفسكم وأسلوبكم جميعًا، ستجدوا فيكم أخطاءً يجب أن تصححوها أو تستطيعوا تصحيحها ومشاكل أخرى عليكم التعايش معها، أما إذا كان أحدكم بعصبية شديدة فعليه بالعلاج، وهذا لصالح حاضر الأسرة ومستقبلها . بل وأكثر من ذلك فهو لصالح المجتمع وإستقراره، وإذا كان هناك مشكلة في تعاطي الكحول أو المواد المخدرة أو فرط الحركة عند الأطفال أو الإكتئاب عند الأم، هذه كلها قضايا نفسية قابلة للعلاج .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنف الأسري العنف الأسري



GMT 12:02 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

أطفالٌ بنيرانٍ صديقة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib