تعتبر مصر دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، كما أن لها ثقلا كبيرًا، فهي تحمل حضارة 7 آلاف سنة، وتعتبر دولة شرق أوسطية، وبلدًا يطل على البحرين الأحمر والمتوسط، كما أنها دولة لها ارتباط بإفريقيا، ورغم انتمائها لإفريقيا إلا أنها تعتز بهويتها العربية ما جعلها تعتبر أمن الخليج العربي «خط أحمر»، فهي دولة محورية وذات ثقل كبير تجلى في مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماعات الأمم المتحدة هذا العام.
فإن أهم ما يميز المشاركة المصرية في هذه الدورة من اجتماعات الأمم المتحدة، هي أن مصر ستصبح رئيسا للاتحاد الإفريقي بعد عدة أشهر، وبالتالي تحمل على عاتقها هموم 55 دولة إفريقية، وتتحدث باسمهم، ما يعطيها ثقلا كبيرًا.
أن مصر لديها تجربة في الإصلاح الاقتصادي، خاصة في ظل تعاونها مع البنك الدولي، وصندوق البنك الدولي، حيث ستعرض تجربتها الناجحة أمام العالم بأسره «الدورة رقم 73 تقدم مصر فيها نفسها للعالم، بوجه جديد بعد تغلبها على الكثير من مشاكلها الاقتصادية، وأنها تلعب دورًا محوريًا لتحقيق الاستقرار في المنطقة». أن الحضور القوي للرئيس السيسي في الساحة الدولية يعطي ثقلا لمصر.
إن مشاركة «السيسي» هذه المرة تأتي بنكهة مختلفة، خاصة بعد فوز الرئيس السيسي بولاية ثانية بشعبية جارفة في الانتخابات التي أجريت في العام الجاري. إن «السيسي» سيطرح أمام العالم كله تجربة مصر في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتجديد الخطاب الديني، وسيتحدث عن خلاصة التجربة المصرية للعالم، كما سيطرق لنتائج العملية الشاملة «سيناء 2018».
أن المشاركة المصرية في الأمم المتحدة هذا العام، تأتي بالتزامن مع النجاحات التي تحققها مصر في القضاء على الإرهاب خاصة في ظل العملية الشاملة «سيناء 2018». أن ما يميز المشاركة الخامسة للرئيس السيسي في اجتماعات الأمم المتحدة هو أن الرئيس يقوم بعقد عدة لقاءات ثنائية مع رؤساء وزعماء العالم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. أن تلك اللقاءات تعتبر أمرًا مهمًا، نظرًا لأنها توفر على الرئيس القيام بجولات خارجية مخصصة لمقابلة رؤساء تلك الدول. أن توقيت هذه الزيارة مناسب تمام للظروف الراهنة التي تمر بها البلدان العربية من أزمات وضغوطات ومحاربة للإرهاب.
إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الى نيويورك تأتي لتعزيز دور مصر في الأمم المتحدة تجاه القضايا الدولية والإقليمية، وتعد بمثابة فرصة لفتح آفاق التعاون الاقتصادي لجذب مزيد من الاستثمارات إلى مصر، أن الرئيس يبذل جهد كبير في ملف السياسة الخارجية لتظل مصر تحتل مكانتها الريادية بين الدول. من أهم القضايا التي يحرص الرئيس السيسي التأكيد عليها في الجمعية العامة للأمم المتحدة هي الرؤية المصرية تجاه أزمات المنطقة، والتي تنطلق من منهج ومنطق ضرورة الحفاظ على الدول الوطنية في المنطقة والعمل على دعم مؤسساتها والتأكيد على حماية وحدتها بما يحقق سلامة أراضيها، أيضاً التعامل مع قضية مواجهة الإرهاب بوصفها القضية الأخطر التي تشكل تهديداً وجودياً للعالم بأكمله، وبالتالي فإن مواجهته صارت فرضاً لمن يسعى إلى تحقيق السلام والأمان في مجتمعات العالم.
كما أن النجاحات والإنجازات الاقتصادية التي حققتها مصر طوال السنوات الأربع الماضية تأتي في مقدمة الموضوعات التي يتحدث عنها الرئيس السيسي، فضلاً عن أن هناك حرصاً شديداً على ضرورة الوصول إلى استراتيجية مشتركة لسبل التعامل مع التحديات والأزمات القائمة بالمنطقة، فمشاركة مصر هذه المرة لها أهمية وخصوصية مختلفة، فنحن أمام قضايا عدة ومتنوعة في المنطقة، ومن ناحية أخرى
فإن مصر تؤمن بدورها المهم جداً تجاه أفريقيا والعرب، سيما أنها ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي في العام المقبل 2019، ومن المعروف أن مصر صارت الآن واحدة من الدول الرئيسية في عمليات حفظ السلام، حيث تسهم حالياً بـ 2659 من أفراد الجيش والشرطة في تسع مهمات لحفظ السلام حول العالم، وتستضيف مركز القاهرة الإقليمي لتسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا الذي أنشأته وزارة الخارجية المصرية عام 1994، وهو أحد مراكز التميز الأفريقي في مجال حفظ السلام،
بالإضافة إلى ما ستتناوله الاجتماعات من مناقشات حول عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويين الدولي والإقليمي، غير أن هناك قضايا ملتهبة تفرض نفسها على طاولة العالم تتعلق بالتحديات الأمنية، وعلى رأسها تمدد وانتشار ظاهرة الإرهاب واحتدام الصراعات والنزاعات وانتشار أسلحة الدمار الشامل وقضايا الهجرة واللاجئين وتأثيراتها على السلم والأمن الدوليين.
كما سيولي الرئيس اهتماماً كبيراً بمناقشة وبحث تطورات الوضع في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً العواصم المتأزمة، ففيما يتعلق بالأزمة اليمنية فإن الموقف المصري يقوم على ثوابت سياسة مصر الخارجية والتي تتبنى دعم الشرعية، على أسس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني لعام 2013 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما في ذلك القرار 2216، والتأكيد على أهمية التوصل لتسوية سياسية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية والتي ستكون على رأس الموضوعات التي سيتناولها الرئيس ووزير الخارجية سامح شكري في اللقاءات الثنائية سواءً مع الأطراف الإقليمية أو الدولية للمساهمة بفاعلية في استقرار الشرق الأوسط، وتوفير الأمن لجميع شعوب المنطقة.
وبالنسبة للقضية السورية، فإن مصر موقفها كان واضحاً منذ البداية من أجل إعلاء المصلحة العامة للسوريين والعمل على تحقيق التسوية السياسية، وفيما يتعلق بالأوضاع في العراق وليبيا، فإن الموقف المصري ثابت يتبنى فكرة الحفاظ على الدولة الوطنية ووحدة أراضيها وسيادة شعبها.
كل هذه القضايا والملفات سيتم طرحها أمام العالم بكل قوة للتأكيد على أن هناك جملة من التحديات تواجه العالم العربي، وفي الوقت نفسه رسالة واضحة تؤكد قدرة الدول العربية على تجاوز المخططات التي كانت تحاك لها منذ عام 2011. وتحظى قضية تمكين الشعوب من استعادة مقدراتها وتحقيق العدالة بأوسع معانيها على الصعيد العالمي أهمية بالغة على أجندة الرئيس السيسي في جولته الأممية، وذلك من خلال التأكيد المتواصل حول فتح آفاق جديدة للتعاون بين كل أعضاء المجتمع الدولي للخروج من دائرة المصالح الضيقة وتغليب منطق القوة إلى رحابة المصالح الإنسانية المشتركة والتعاون بين الجميع من أجل تحقيق الأمن والسلام العالميين.
جدير بالذكر أن حرص الرئيس السيسي على المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة للمرة الخامسة يحمل دلالات مهمة ورسائل عاجلة تعكس مكانة مصر الإقليمية والدولية وثقلها التاريخي البارز ودورها العظيم في مكافحة الإرهاب، وذلك انطلاقا من أن مصر أصبحت دولة مؤسسات راسخة الأركان وتملك قرارا مستقلا تجاه جميع القضايا حول العالم.
وتفوق مشاركات الرئيس السيسي، في جولته الأممية، مشاركات قادة مصر منذ إنشاء المنظمة الأممية، وهو ما يعكس حرص القيادة السياسية على تعزيز علاقات مصر الخارجية بخطى ثابتة من أجل الانتصار لإرادة الشعب المصري، وسعيا منها نحو تحقيق تطلعات شعوب المنطقة بأسرها.
أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كشف العوار الذي أصاب منظومة العمل الدولي وتأكيده أنه لا سبيل لتحقيق أهداف الأمم المتحدة في ظل الهيمنة على النظام الدولي من قبل دول بعينها مشيراً إلى أن الرئيس دافع عن إفريقيا وحقها المسلوب في المشاركة في تقرير مصيرها من خلل صنع القرار الدولي.
إن الرئيس وضع نقاط محددة بشكل واضح أمام العالم وبين كيفية مواجهة الأزمات والمشكلات التي تواجه عدد من الدول خاصة بمنطقة الشرق الأوسط ومواجهة ظاهرة الإرهاب الأسود التي باتت تمثل خطرا كبيرا على الأمن والسلم الدوليين، التي تتطلب بناء استراتيجية دولية لمكافحته والتعامل مع مموليه وداعميه.
أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس وضع روشتة لحل النزاعات في منطقة الشرق اﻷوسط أهم عناصرها الحفاظ على الدولة الوطنية وثانياً إيجاد حلول سلمية للنزاعات ثالثا تحقيق التنمية الشاملة المستدامة وإصلاح النظام الاقتصادي الدولي ما يمهد الطريق لإصلاح منظومة العمل بالأمم المتحدة باﻹضافة إلى فضح الدور المشبوه الذي تقوم به منظمات حقوق الإنسان من خلال التشهير الإعلامي بالدول.