أسماء الجنزوري
تنقل موجات الصوت النغمات التي لُحنت لأجل صوت فيروز ، لكن فى حضرة صوت آخر سرسوع . تأبى النغمات أن تنصاع لصوت هذه الفتاة حديثة السن و الموهبة. يغير المحطة الإذاعية فى مذياع السيارة، فيجد إذاعة صوت العرب تذيع أخبار الهجمات البوذية الشرسة على مسلمى الروهينجا فى إقليم أراكان غرب ميانمار (بورما سابقا). يغلق المذياع و هو يفادى الميكروباص الأهوج دون أن يسب سائقه أو حتى يقطب جبينه ؛ فعقله مدفون فى غياهب الإدارة و ملفات العمل و متابعة الموظفين و كيفية تحفيزهم و آلية حسابهم إلى آخره من سخافات الإدارة لاسيما إدارة البشر.
يعشق قيادة كل شىء: الدراجة الهوائية، الدراجة النارية، السيارات بموديلاتها، و سيارات السباق، ويتمنى لو يسمح له سائق السوبر جت (السوبر زفت حقيقة) أن يقوده و يجرب الفتيس الرفيع الطويل و بدّالات الفرامل والبنزين و الدبرياج تلك الشبيهة بنعول الاحذية ، حتي أنه يبدو كطفل لاه عندما يقفز فى عربات الملاهى المتصادمة. أما قيادة البشر فحبهان بين الأسنان !
غاب عما حوله و غاص فى فكرة أن الإدارة اللعينة تخرج له لسانها، فهي تدفن مواهبه التي يعلم جيدًا أنها ليست فائقة أو مكتملة.
يؤمن كالنساك، أن كل بصيص موهبة من تمثيل و إلقاء و كتابة، قيادة سيارات السباق، يشع منه ، يمكن أن يستحيل يوما مشكاة، شريطة أن يحقن قلبه بالإرادة و ينفى من عقله الإدارة. وشريطة أن يزرع التنظيم فى وقته و ألا يبيعه رخيصا للحاسوب و دهاليز اللسان الملولوة بالثرثرة.
آفته هى شعوره بتفوقه العقلى و البصرى ، حيث يدرك عقله ما لا يدركه زملاؤه فى الشركة، تري عيناه ما لا يراه المارة فى سوق الفاكهة.
حين يحدث حدثاً....أية حدث ، يبدو له محزنا، فتخترق معنوياته الأرض السابعة و يتضاءل حجم جسده البشرى فيصبح كالسنفور* فى هذا الكرتون الشهير. هو الآن الأقل ذكاءا..الأفقر جمالا....الأعوز كاريزما....إلى آخره من بغيض الصفات التي يذهب البشر إلى خلعها على أنفسهم دفعةً واحدة عندما يقابلون مكروها.
أكثر من أسبوع أو أقل ثم يبدأ فى الصعود من الأرض السابعة إلى السادسة ثم إلى الخامسة وهكذا حتى يصل للسماء بعدد طبقاتها و يهبط ثانية كأنه فى لعبة على الحاسوب ، كلما أنهاها و فاز أو خسر فيها بدأ من جديد.
وهكذا تمر حياة كل منا بظاهرة التضاغطات والتخلخلات المميزة لموجات الصوت و هنا اسمها موجات حياة البشر!
الأجدر بالاعتبار هو أن يدرس كل بشرى نفسه و يعرف متى تتضاغط معنوياته و متى تتخلخل، فيصبح أكثر قدرة و مهارة على إدارة ذاته و وقته ...... آه رجعنا ثانية للإدارة ...... صاحبنا معه الحق كله فى بغضه لهذا الشىء المسمى "الإدارة".
فلينعمنا المُنعِم بحسنها و يقينا سوءها.
هكذا دعى الله و هو ينهى كتابة تقريره الأسبوعى عن موظفي القسم الذى يرأسه.
* السنافر هو كارتون أميركي شهير