محمد خالد
شكك الكثيرون في قدرة المدرب الويلزي جون بنيامين طوشاك على تحقيق النجاح مع فريق الوداد البيضاوي لكرة القدم، عندما وقع في كشوف النادي في الموسم الماضي، ليس لأنه مدرب فاشل أو "مغمور"، ولكن بكل بساطة لكون الرجل لم يسبق له أن خاض أيّة تجربة تدريبية في بلد عربي أو أفريقي، ولأنه بلغ من الكبر عتيًّا، ما جعل البعض يقول إنه حصل على تقاعد مريح بعد تعاقده مع الوداد.
المدرب السابق لأندية ريال مدريد وسبورتينغ لشبونة وديبورتيفو لا كورونيا، فند كل التوقعات ونجح في قيادة الوداد نحو العودة إلى سكة الألقاب التي غاب عنها لأعوام، بعد أن أعاد الانضباط المفقود للمجموعة، ووجد الخلطة السحرية التي مكنته من تشكيل فريق متجانس ومتكامل دفاعيًّا وهجوميًّا، وتمكن من التتويج بلقب الدوري المغربي.
وما يحسب لطوشاك ليس فقط لقب الدوري الذي أعاد به البهجة والفرحة إلى جماهير أحد أعرق الأندية المغربية، وإنما أيضًا نجاحه في كسب تحدٍ، استعصى على عدد كبير من المدربين قبله، والنجاح فيه تحدي المراهنة على الشباب.
فالكثير من المدربين سواء المحليين أو الأجانب الذين مروا في الدوري المغربي، كانوا دائمًا ما يجدون صعوبة كبيرة في منح الفرصة للشباب، لاسيما في الأندية الكبيرة التي تلعب سنويًّا على الألقاب مثل الوداد والرجاء، وذلك بدعوى أن المنافسة على الصعود إلى منصات التتويج، تتطلب لاعبين مجربين وبكاريزما خاصة، وليس لاعبين شباب تخرجوا حديثًا من مراكز تكوين أنديتهم.
وطوشاك بخبرته وحنكته منح الفرصة لعدد من اللاعبين الصاعدين في صفوف الوداد وعرف كيف يدمجهم في الفريق، دون أن يؤثر ذلك على مسار هذا الأخير، فلاعبين أمثال هجهوج والمترجي والكرتي والأصباحي الذين لا تتجاوز أعمارهم 21 عامًا ما كانوا لينالوا فرصة البروز لولا شجاعة المدرب الويلزي وذكائه في توظيف هذه الأسماء الواعدة في المباريات المناسبة.
والأكيد أن الوداد ربح جيلاً جديدًا من اللاعبين الذين سيدافعون عن ألوانه لأعوام طويلة، علمًا بأن الأنباء المقبلة من القلعة الحمراء، تشير إلى أن طوشاك يعتزم منح الفرصة للاعبين شباب آخرين بعدما اختارهم واقتنع بإمكانياتهم.
وشجاعة طوشاك في التعامل مع ملف لطالما أسال الكثير من الحبر وطرح الكثير من التساؤلات بشأن جدوى مراكز تكوين الأندية، مادامت هذه الأخيرة لا تعتمد على اللاعبين الذين يتخرجون منها بدعوى افتقاد التجربة، وقد يغير الكثير من الأمور، حيث من الممكن أن نشاهد أندية مغربية أخرى تتبع نفس التوجه الذي نجح فيه " العراب" الويلزي بامتياز.