بن رضوان

"بن رضوان"..

المغرب اليوم -

بن رضوان

بقلم : يونس الخراشي

لم يفاجئني ما قاله العداء بن رضوان، وهو يخرج إلى العلن ليكشف النقاب عن معاناة عداء مغربي جراء الظلم والقهر. فهو عنوان لمرحلة تخبئ الكثير من الأسرار المؤلمة، وهو صوت حق علا في سماء الحقيقة كي ينبئ عن آلام ما زالت طي الصمت.
الرياضة المغربية مليئة بالقصص الجارحة. هناك مئات الحالات التي لو حكى أصحابها عن ما وراء صورهم المضيئة، لبكى الناس أجمعين. ولكن للأسف، هناك ركح يظهر عليه، في العادة، المسؤولون، بالابتسامات العريضة، فيما تخفي كواليسه من يحملون هم الوطن على أكتافهم، ويعانون الأمرين.
قصة بن رضوان ليست جديدة. إنها قصة الكثير من العدائين الذين فضلوا، في وقت من الأوقات، "الحريك" على الإهانات المتكررة لمسؤولين تجبروا ذات يوم، ثم انتهوا إلى الهامش. وهي قصة رياضيين في أنواع شتى، تقرر، عبثا، إخراجهم من اللعبة، ومن الملعب، دون أي وجه حق، ثم حرموا من الكلام، فإذا بالحياة تضطرهم إلى سبلها المريرة.
عندما كنا، ذات سنوات، ننصت لبعض الرياضيين، فيُسمعون أصواتهم الجريحة، سرعان ما تجدنا في مرمى المسؤولين، ليقال لنا:"واش نتوما غير اللي بغى يقول أي كلام كتسمعوا ليه، وتعطيوه صفحة؟ واش باغيين تخربوها؟"، بل إن منهم من اتهمنا، دون حياء، بأننا نخرب الرياضة عنوة، وقالت لي بطلة كبيرة ذات يوم في مدينة مراكش:"مالك مع ألعاب القوى؟". فذهلت، وقلت لها:"لا أفهم". قالت:"علاش اللي جا كتعطيوه يتكلم، ويبدا يسب في المسؤولين". قلت لها:"أولا نحن لا ننشر أي قذف أو سب، ولكن هؤلاء يشعرون بالقهر، فحقهم علينا أن نمنحهم فرصة كي يقولوا ما يرغبون فيه، مثلما نمحنكم حقكم في الكلام". ذهلت أكثر وهي ترد علي:"هذوك راه ما عندهم عقل"، فقررت الانصراف.
المصيبة أن المسؤولين أنفسهم، وهم يخرجون من اللعبة، إما بجمع استثنائي مفبرك، أو بضربة مقص من جهة ما، سرعان ما تجدهم يبحثون عمن يمنحهم الحق في الكلام، ليقولوا ما تجيش بهم صدورهم من هموم، وما يحوم حول رؤوسهم من غيوم. فتراهم بلا زوار، ولا متكلمين، ولا مخاطبين. وفي مرة اختزل أحدهم حالته، وهو يجالس صديقا له بفندق رويال منصور بالدار البيضاء، بالقول:"شوف شحال وحنا جالسين، حتى شي حد ما اتصل بي. تلفوني مكانش كيرصى، ومنين خرجت من الجامعة، عمر باقي شي حد اتصل بي". ثم صار هو الآخر رجلا باكيا، مثل الرياضيين الذين لطالما بكوا بفعل الحيف والظلم والقهر.
الرياضة، في الأصل، لمة اجتماعية لجمع الشمل، وصنع الفرجة، وتكريس قيم التسامح، والتعايش، والتآزر، وحب الغير وإن كان منافسا في الملاعب. وهي بهذا المعنى لا تبنى على الدسائس وقهر الناس، للوصول إلى المناصب. ولا يكون فيها المسؤول بسلطة استبدادية مطلقة، يرفع من يشاء ويخفض من يشاء؛ ما ينتج ضحايا، ومشردين، ومصابين بأمراض شتى، لتنعكس الصورة، وتصير الرياضة لمة غير اجتماعية، لتشتيت الشمل، وصنع القرحة، وتكريس نعرات الحقد، والتباغض، والتنافر. فترى البعض يبتسم مكرا، لأنه تفوق، قهرا، على غيره، وترى الآخر يمكر لنفسه كي يرد الصاع صاعين. 
هذا مؤسف، ولكنه واقع. رياضتنا لم تعد مدرسة للقيم النبيلة. رياضتنا صارت ساحات للحرب على المواقع؛ إما خوفا وإما طمعا. وككل الساحات التي تكون مسارح لحروب مجنونة، فإن الضحايا حين تتاح لهم فرصة للكلام، بعد حين، تكون قصصهم موجعة، وقد لا يصدقها البعض، إما لأنها صادمة للغاية، وإما لأن من اقترفوا الفظاعات كانوا يظهرون، باستمرار، بصورة الملائكة الكرام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بن رضوان بن رضوان



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 14:44 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 05:21 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب والأكثر شعبية في العالم

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 10:52 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تبدأ تسليم السيارة الأقوى في تاريخها

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 15:46 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

فضيحة "شاذ مراكش" تهدّد العناصر الأمنية بإجراءات عقابية

GMT 11:56 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الحجوي يؤكّد أن تحويل الأندية إلى شركات يتطلب مراحل عدة

GMT 15:09 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

أحمد عز يواصل تصوير الممر في السويس

GMT 06:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتعي بشهر عسل رومانسي ومميز في هاواي

GMT 08:50 2018 الأحد ,11 شباط / فبراير

بيور غراي يعدّ من أفضل المنتجعات حول العالم

GMT 21:34 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فريق "وداد تمارة" يتعاقد مع المدرب محمد بوطهير

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

قمر في فستان أبيض قصير على "إنستغرام"

GMT 09:35 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

محرك البحث "غوغل" يحتفل بيوم المعلم العالمي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib