بقلم: بدر الدين الإدريسي
وقعت عيني على بيان، ذيله بتوقيعه، عبد الرحمن الشكري رئيس الجمعية الرياضية السلاوية، لم تستفزني فقط الصياغة اللغوية الركيكة التي جاء بها والتي أحدثت شرخا كبيرا على مستوى التعبير، ولكن استفزني ما عرض له البيان وهو يرد على خرجة إعلامية لمحمد أجدي رئيس جمعية قدماء الجمعية السلاوية، يستنكر فيها رفض المكتب المسير للفريق طلب انخراطه، من دون تقديم تعليلات موضوعية، ولو أن رفض انخراط لاعب سابق، أفنى زهرة شبابه في خدمة الجمعية السلاوية، يعتبر جرما رياضيا وأدبيا تعاقب عليه قيم ومواثيق الرياضة، حتى لو وقف هذا اللاعب السابق على النقيض تماما من النقطة التي يقف عليها المكتب المسير.
هذا البيان التحفة الذي، أشار إلي فقط «بالصحافي البارز من مدينة سلا»، والذي استحى وخجل من تسميتي، يتحدث عن مؤامرة تدبر في الخفاء للإطاحة بالرجل الذي ضحى بماله وبصحته من أجل أن يعيش فريق الجمعية السلاوية، بعد أن تخلت عنه مدينته، وما إلى ذلك من أسطوانة مشروخة ما مل ولا تعب صاحبنا من سردها، كلما شعر أن هناك من يتقدم لصناعة التغيير وإخراج الفريق من النفق الذي أدخل إليه كرها منذ سنوات.
ولا أحسب أنني بتلك التفاهة التي توهمها البيان، حتى أكون طرفا في ما أسماه بالمؤامرة، فأنا أجاهر عمليا بحبي لجمعية سلا، وتجديدي لانخراطي هو بوازع صناعة التغيير، وبتحريض من سلطة الإنتماء لإسدال الستار على مشهد سخيف من مسرحية مسخ وتشويه فريق بقيمة الجمعية السلاوية.
ولا يشعرني شيء بالألم، بالعتاب وبالخجل، أكثر من الحال البئيس الذي أصبح عليه فريق القلب والوجدان، الجمعية الرياضية السلاوية.
الألم مما تكالب على هذا الفريق من ظروف رمت به إلى مستنقع النسيان، فأصبح لغاية الأسف إسما على الهامش. والعتاب، هو عتاب موجه من نفسي لنفسي، لأنني باسم الحيادية والموضوعية وعدم التغول، نأيت بكتابتي عن فريقي الموجوع، وأبدا لم أكرس سلطة القلم في صناعة التغيير من أجل أن أساهم مع الذين لم ينتحر فيهم الحب الكبير للجمعية السلاوية، لإماطة اللثام عن المآسي التي يعيشها فارس الرقراق، منذ أن بات الفريق ضيعة موصدة لا يقرب منها ولا يدخل إليها، إلا من يظهر الولاء للرئيس المطلق أو الرئيس الأوحد.
وأعترف أنني لجمت نفسي أكثر من اللازم، لكبح جماح الغضب الذي كان يسكنني ومعي الآلاف من السلاويين لهول المآل وكارثية المصير، حتى أنني كنت أتهم من قومي، بأنني بهذا الصمت المريب إنما رضيت بأن أتحول إلى شيطان أخرس، والحقيقة أن ما يتداعى على المشهد الكروي بمدينة سلا، من إسفاف ومن تدبير أرعن لفريق تاريخي، أصبح مدعاة للسخرية، فإلى متى السكوت على هذه المنكرات الرياضية التي ترتكب باسم الحفاظ على مصلحة جمعية سلا؟ وإلى متى الصبر على هذا التخريب المعلن للقيم وللصروح؟ وإلى متى تستمر مؤامرة الصمت والجمعية السلاوية تصدر للمشهد الكروي الوطني صور الرداءة؟
لا أنكر أنني، بدافع سلطة الإنتماء والحب للجمعية السلاوية، اقتربت كثيرا من دائرة القرار، وأبرزت إسوة بكثير من أبناء جيلي، من خيرة ما أنتجته مدينة سلا، من الذين أتقاسم معهم الشغف الرياضي الرغبة في مساعدة الفريق، وحاولت بما تراكم لدي من خبرات على مدى سنين العمل في المعترك الرياضي، أن أقدم إضافة نوعية لنخرج الفريق من النمطية التي دخلها لسنوات، بسبب ما كان من تجاذبات، وقد كان من حسن الطالع وقوة الفريق التسييري أن الجمعية السلاوية بلغت مستويات رائعة وحققت بالفعل ما كان غائبا عنها لعشرين سنة كاملة، ففي تلك الفترة صعد الفريق للقسم الأول وحل ثالثا في بطولة الكبار، وشارك لأول مرة في تاريخه في دوري أبطال العرب.
وعوض أن يعمل السيد عبد الرحمن الشكري، على الإستثمار الجيد للمكتسب الرياضي وللرأسمال البشري الذي تجمع للفريق، فإذا به ينسف البناء بالكامل بإيعاز من وساوس سياسية، وخوفا من أن تبتلع هذا الطليعة التسييرية فريقا لا يكف عن القول بأنه مملوك له، ولأن كل هذه الكفاءات لم يكن هاجسها المركزي هو استجداء المواقع على حساب الرياضة، فإنها ستشرع في الإنسحاب فور شعورها من أن هناك من يجرها إلى المستنقع لافتعال حرب دنيئة، يكون فيها الضرب تحت الحزام مباحا.
تجبرني أخلاقي الرياضية على أن أشكر عبد الرحمن الشكري، على ما أعطاه للجمعية السلاوية لسنوات من خلال مواقع كثيرة، ولو أن ما كان سلبيا في ذاك العطاء أكثر بكثير مما كان إيجابيا، وهو معذور في ذلك، ويجبرني حبي للجمعية السلاوية الذي لم يكن يوما موضوع مساومة ولا مزايدة ولا يحرض على صناعة المؤمرات والدسائس، يجبرني هذا الحب، أن أطلب من الشكري الرحيل وأن أكون مساهما في صناعة التغيير مهما كلف ذلك من عناء.
عن صحيفة المنتخب المغربية