الرياضة التي نستحق

الرياضة التي نستحق

المغرب اليوم -

الرياضة التي نستحق

بقلم يونس الخراشي

تنجح الرياضة، عموما، حين تكون مبنية على سياسات عمومية، ينصاع لها المسؤول الحكومي، أيا كان توجهه السياسي. أما حين يصبح الحال مثلما هو عليه في المغرب، حيث الرياضة ليست مادة لسياسة عمومية للدولة، وكل وزير يكلف بتدبير شؤونها يعمد إلى التغيير، فإن النتيجة تكون سلبية بالقطع، ولو في ظل وجود استثناءات.

فقد تعاقب على وزارة الشباب والرياضة في السنوات الخمس الأخيرة خمسة وزراء، أولهم منصف بلخياط، وثانيهم محمد أوزين، وثالثهم محند العنصر، ورابعهم لحسن السكوري، وخامسهم، وهو الوزير الحالي رشيد الطالبي العلمي، الذي جاء ليكرس سياسة تغيير التغيير، مع أن الملك محمد السادس حذر منها في رسالته التاريخية إلى المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، بالصخيرات، يوم 24 أكتوبر من سنة 2008.

وبمعدل سنة لكل وزير من هؤلاء، قد تزيد أو تنقص، مع رؤية خاصة بكل منهم، وفي غياب أي سياسة دولية، مدعمة بخارطة طريق وفق برنامج زمني واضح، كان طبيعيا أن تعيش الرياضة المغربية على وقع قفزات في الهواء غير مفهومة، بنجاحات تبدو أحيانا خيالية، وبإخفاقات تبدو أحيانا غير متناسبة تماما مع الواقع، مثال ذلك الانتصارات التي أدركتها رياضات مثل كرة السلة، وفنون الحرب، والدراجات الهوائية، والإخفاقات التي سقطت فيها رياضات أخرى، ضمن تظاهرات لم تتضمن منافسين من العيار الثقيل.

في عهد الوزير بلخياط كان ملحوظا أنه يركز على "الشو"، أو الفرجة، الذي جاء به من المدرسة الأمريكية في الماركوتينغ، ثم حل محله محمد أوزين، الذي أمضى معظم الوقت يصارع لتثبيت القوانين، بما أنه كان يدرك أن النتائج لن تسعفه، أما وقد جاء محند العنصر إلى الوزارة فقد ظل ينتظر تعيين وزير "رسمي"، وحين جاء هذا المسؤول، وهو لحسن السكوري فقد كان مهووسا بالخطاب الهادئ، بما أنه يعرف جيدا أن زمنه عابر بسرعة، ثم جاء الدور على رشيد الطالبي العلمي ليتحمل المسؤولية، ويقضي أشهرا في الأرشيف، بحثا عن جواب لسؤال "أين صرف بعضهم كل الأموال التي منحت لهم؟".
ولا يرى في الأفق المنظور، بالنسبة إلى المهتمين بشؤون الرياضة المغربية، أي خروج عقلاني عن هذه المنهجية العقيمة في تدبير الشأن الرياضي، سواء بالقياس إلى السنوات الخمس الماضية في وزارة الرياضة، أو بالنظر إلى ما سبقها، إذ ظل هذا القطاع يتقلب بين وزارات أخرى ومندوبيات سامية ووزراء لا علاقة لهم بالرياضة من قريب أو من بعيد، باستثناء نوال المتوكل، التي لم تعمر طويلا، لا حين عينت كاتبة دولة على عهد الملك الراحل الحسن الثاني (تمهيدا لإجراء الانتخابات وتعيين حكومة جديدة)، أو حين عينت وزيرة في عهد الملك محمد السادس.
وحدث في مرات أن عاشت الوزارة عهودا غريبة، ذلك أن الوزير الحركي أحمد الموساوي، الذي ما أن بدأ يتعرف على خبايا القطاع، حتى تخلى عنه حزبه، فصار وزيرا بلا أي غطاء حزبي، مثل يتيم في العيد، يحتاج إلى من يزكيه، فأحرى أن يزكي سياسة ما، أو استراتيجية ما، أو يتسنى له الإشراف على قطاع حيوي بالنسبة إلى الشباب المغربي، الذي ظل ولا يزال يشكل قاعدة الهرم السكاني في المغرب، وبالتالي طاقته الأكثر قوة وعطاء.

إن دستور 2011 الذي منح للرياضة موقعا ساميا بفعل دسترتها، وعدها حقا من الحقوق الأساسية للمواطنين، كان وما يزال بحاجة إلى تنزيل مضامينه ذات الصلة بما هو رياضي، حتى يسعف الأجيال المقبلة في حب الرياضة، ليس فقط بهوى طائش، بل بهوى يعرف طريقه، بداية من الأسرة، مرورا بالتعليم، وصولا إلى رياضة النخبة، عبر إعلام محترف، يبوئها المكانة المستحقة في برامجه، ويؤدي حقوقها عليه كما ينبغي، بمهنية عالية، قاعدتها ميثاق أخلاقي لا محيد عنه، همه رياضة مغربية ناجحة في كل المستويات؛ الشعبية والنخبوية، وهدفه الأول والأخير راية خفاقة في كل المحافل، وطنية وجهوية ودولية، للإسهام في حب الوطن، وحمايته، وإشعاعه.
إلى اللقاء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياضة التي نستحق الرياضة التي نستحق



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib