بقلم : حسن البصري
خرج فصيل ألتراس "إيغلز" للاحتجاج بعد أن انتهى اللاعبون من مسلسل إضراباتهم، انتظموا في وقفة احتجاجية أمام مقر نادي الرجاء في الوازيس، عشية السبت، أدوا صلاة العصر جماعة خلف إمام يلف جسده باللون الأخضر، ثم انتشروا في محيط الملعب يبتغون الإطاحة برئيس الفريق. وحسب الإحصاءات المتوفرة، فإن الاحتجاجات التي قامت يها جماهير الفرق المغربية، تراوحت ما بين 12 و16 حالة انتفاضة، شملت مناطق جغرافية متنوعة بطول البلاد وعرضها، بتعليمات من المجلس الأعلى للالتراس المغربي، إلا أن الكثير من الفصائل اختارت المقاطعة كشكل من أشكال الاحتجاج.
لكن جمهور الرجاء يبدو أقل لجوءًا للإضرابات من لاعبي الفريق الذين حطموا في الموسم الرياضي رقما قياسيا في الوقفات والجلسات الاحتجاجية تجاوزت 11 حالة عصيان، ليحتلوا الصف الأول في قائمة المتمردين مناصفة مع أعوان ومستخدمي الطريق السيار، بينما جاء في الصف الثاني، حسب إحصاء نقابي، عمال ومستخدمو الرجاء الذين لا تتجاوز احتجاجاتهم حدود المطالبة بأجر يبقيهم أحياء لا يرزقون.
في ثورة أهل الكرة، هناك فريضة غائبة اسمها التنظيم الثوري، الذي يربط الرياضي بالملف المطلبي، فأغلب الانتفاضات التي طالبت برحيل الرؤساء من حركة "كفى" إلى حملة "أكرم ارحل"، إلى فورة "حلالة" في القنيطرة التي طالبت بإسقاط دومو، كلها لجأت لقيادة من المدرجات، وجعلت "الكابو" عنصرا أساسيا في تحقيق مطلب الإطاحة بالرؤساء، في غياب وعي جماعي بالقضية ومشاركة كل الفعاليات من منخرطين وحقوقيين وقدماء اللاعبين ومتعاطفين ومؤطرين، فالتغيير لا يتحقق بأهازيج مستعارة من شعر "الفيراج"، وبناء التنظيم الثوري لا يتحقق إلا بقيادة حكيمة تعرف أن تغيير الرؤساء لا يتم بالكتابة على الحيطان واستنفار الشبان في يوم امتحانهم الجهوي.
في مصر انتفض فصيل "وايت نايتس" المساند للزمالك المصري، ضد الرئيس مرتضى منصور، مطالبًا برحيله وأقسم ألا يعود إلى المدرجات إلا بعد استقالته، لكن منصور أقسم بدوره على تمديد مقامه على كرسي الرئاسة، وقال إنه لن يرحل لأن رحيل حسني مبارك كلف البلاد غاليا. وفي انتفاضة الوازيس رفع المتظاهرون شعارات ضد حسبان، "الجمهور يريد بريزيدون جديد"، أي غير مستعمل، في المقابل كانت حركة المنخرطين تراقب المشهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي قلوبهم مع المحتجين وأصواتهم مع حسبان، لأنهم يعلمون علم اليقين أن الحركة الاحتجاجية الرمضانية لها راعٍ رسمي.
لم يطالب أحد برحيل لاعب لا يربطه بالرجاء سوى عقد مصادق عليه في مقاطعة حضرية، لم ينتفض أحد ضد لاعبين أسسوا مكتبا نقابيا في مستودع الملابس وشرعوا في تعلم فن الخطابة النقابية وصياغة بيانات العصيان، بدل قيادة الفريق إلى الانتصارات. لم ترفع لافتة تدعو للإطاحة بمنخرط لا يفرق بين بطاقة الانخراط ودعوة لحضور عرس سنوي اسمه الجمع العام، الذي يتحول إذا زاد عن حده إلى "نهش عام" في الأعراض. هذه هي مبطلات الحراك الكروي، التي غالبا ما يبدأ بدعوة فايسبوكية من مجهول، وتنتهي بشعارات "الفيراج" من معلوم.
الخلاف بين الرئيس الحالي للرجاء سعيد حسبان والرئيس السابق محمد بودريقة، ليس وليد اليوم، بل يعود إلى فترة رئاسة حسبان لمقاطعة الفداء درب السلطان، حين أصدر هذا الأخير قرارا بتوقيف مشروع لبودريقة عبارة عن حمام تركي في ملكية والد رئيس الرجاء، كان موضوع شكاوى من سكان حي المسجد في الدار البيضاء، بسبب تلويثه للبيئة وإضراره بالجيران، بدأ الخلاف بتعيين لجنة مختلطة عهد إليها بتقصي الحقائق وحين تبين لها أن الحمام يخالف المعايير الصحية والبيئية تقرر توقيفه عن العمل وإغلاقه في وجه الزبائن إلى حين إصلاحه وفق توجيهات اللجنة. خرجت الأزمة من الحمام طاهرة، وتسللت إلى المدرجات، في غفلة من الكسالى.