بقلم: بدر الدين الإدريسي
كل الذين أقرأ لهم، وكل الذين أتابعهم على بلاطوهات التحليل، يرون في منتخبنا أحد أقوى المرشحين للفوز بالنسخة 32 لكأس إفريقيا للأمم التي تنطلق اليوم الجمعة في ظل أجواء مشحونة سياسيا، بفعل ما يتداعى على المشهد السياسي بعد وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وفي ظل ما يتقاذف الكونفدرالية الإفريقية من تيارات جافة تصيب بالكثير من الرطوبة الفكرية.
بالقطع لن تسأل مصر على أي ارتعاشة قد تحدث على مستوى تنظيم هذه النسخة الاستثنائية في تاريخ كأس إفريقيا للأمم، كيف لا وهي النسخة التي تقام صيفا وبمشاركة 24 منتخبا لأول مرة، فما منحت مصر الحق في تنظيم مسابقة ممددة، إلا قبل ستة أشهر، لما أكرهت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم على سحب تنظيم النسخة 32 من الكاميرون لعدم وفائها بدفتر التحملات، إلا أن الكونفدرالبية الإفريقية ستسأل وبحدة وقساوة من قبل عائلة كرة القدم الإفريقية، وقبلها العالمية، إن استنسخت المشاهد الممسوخة والكارثية التي رافقت نهائي عصبة الأبطال الإفريقية برادس بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي، فلا مجال في مسابقة قارية ستجلب لها أنظار العالم، لوقوع ما يزيد في فداحة أخطائنا التنظيمية، ثم أيضا لن يسمح للفريق الوطني تحت أي ظرف، أن يخذل المغاربة أولا وأن يخذل ثانيا كل من انحاز له بإعمال المقايسات التقنية والموضوعية الكاملة في جرد القدرات التقنية الفردية والجماعية، ويعتزل مبكرا المنافسة على اللقب.
ولا أحد من الذين يرشحون الفريق الوطني ليكون ضمن الرباعي المرشح للتنافس بضراوة على اللقب القاري، فرمله الوجه القميء الذي ظهر به الفريق الوطني في وديتيه أمام المنتخبين الغامبي والزامبي، لا أحد على الإطلاق اهتز له جفن واحد من المحصلات الضعيفة ومؤشرات التشاؤم التي خرجت من معاطف الوديات الأخيرة، فمن يعرف جيدا كنه كرة القدم لا يمكن أن يعتد بمحكات تجريبية قد يكون ظاهر كثير منها خادعا، ومن يعرف جيدا معدن أسود الأطلس، لا يمكن البتة أن ينتقص من حظوظهم لمجرد أنهم أساؤوا التعبير عن امكناتهم التقنية الجماعية في محكين وديين أمام منتخبين غير معنيين أصلا بالكأس الإفريقية.
بالقطع لا يمكن لكل هذه الترشيحات أن تشتت أذهان اللاعبين، مثلما أن الخسارة في الوديتين، وما ترتب من رجات نفسية عن الخروج الطوعي لحمد الله من معسكر الأسود، يمكن أن يضعف الثقة في القدرات، لذلك سيكون متوقعا أن يتم تصريف الضغط النفسي المترتب عن توجه الأصابع بالإشارة إلى الفريق الوطني، وعن حجم الإنتظارات الكبير للمغاربة، وأن تتنظف الذهنيات بحيث يكون التركيز كبيرا على مبتدإ الرحلة، على مباراة يوم الأحد التي يخوضها الفريق الوطني أمام المنتخب الناميبي، وأبدا لا يمكن القول بأننا سنقابل في مستهل المشوار منتخبا مصنفا في المستوى الرابع وهو الحلقة الأضعف في المجموعة، وما إلى ذلك من التفييئات التي تصيب في مقتل وتأتي على مساحة كبيرة من سعار الفوز.
يعرف الفريق الوطني أنه أمام بداية ملغومة ومفخخة، ويعرف أكثر أن لا قياس بين ناميبيا 2008 وناميبيا 2019، مع وجود فارق كبير في طبيعة الأداء وفي نوعية اللاعبين، ويكفي التذكير بأن هؤلاء «المحاربون الشجعان» تأهلوا عن مجموعة خرجت منها زامبيا متذيلة للمجموعة.
ليس القصد أن الأسود يستسهلون خصما خارج التصنيف، ولكن القصد أن البداية الجيدة وضمان النقاط الثلاث من أول مباراة، يمهد لتعاط أفضل مع المباراتين المتبقيتين عن الدور الأول، بخاصة وأنهما ستكونان أمام منتخبين مرعبين هما كوت ديفوار وجنوب إفريقيا، ولنكون أمناء مع أنفسنا فالفريق الوطني لا خيار أمامه إلا أن يكون صورة طبق الأصل من الصورة الجميلة التي كان عليها في كأس العالم بروسيا، والتي هي أصل هذا الإجماع الحاصل عند الخبراء من أن أسود الأطلس مرشحون فوق العادة للمنافسة على اللقب، ولو أن في حساب المدربين تؤخذ كل مباراة على حدة، وترتب الأهداف بشكل موضوعي، فلا يتم القفز على مرحلة من المراحل، أي أن الهم الأكبر للفريق الوطني في مستهل المونديال الإفريقي الثالث له في أرض الكنانة بعد مونديالي 1986 و2006، هو تجاوز الدور الأول، والأفضل أن يكون ذلك بتصدر المجموعة، ولتجاوز هذا الدور لابد من الفوز على ناميبيا، ولابد من ترويض هؤلاء «المحاربون الشجعان» الذين يأتون لـ «الكان» برهان تفجير أكبر المفاجآت وكتابة التاريخ.
بالتوفيق لأسودنا.. قلوبنا معكم.