بقلم- المهدي شبو
الرياضة لم تكن قط قطاعا إستراتيجيا في السياسة العامة للمغرب مثلها في ذلك مثل الثقافة. والسبب معروف هو طغيان منطق الأولويات في بلاد كانت ولا تزال محكومة بمحدودية مواردها المالية إذا ما قورنت بطموحاتها الاقتصادية والتنموية؛ لكن الراحل الحسن الثاني وعى الأهمية الدعائية للرياضة، فسعى إلى توظيفها ابتداء من عقد الثمانينيات من القرن الماضي في الدعاية للقضية الوطنية الأولى؛ فأطلق المغرب مبادرات كثيرة، من مثل استضافة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الدار البيضاء سنة 1983 ودورة الألعاب العربية بالرباط سنة 1985. وسهر العاهل شخصيا على مواكبة مشاركة منتخب كرة القدم في مونديال المكسيك سنة 1986، ثم رعايته مرتين لترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم؛ بالرغم من القناعة بضعف حظوظ البلد أمام دول عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
في خضم هذا الاهتمام الذي أبداه المغرب لقطاع الرياضة، تحققت بعض النتائج الإيجابية بفضل عطاءات رياضتين أساسيتين هما كرة القدم وألعاب القوى؛ فقد قفز المغرب إلى واجهة الأخبار في العالم كله بفضل عدائيين من أمثال سعيد عويطة ونوال المتوكل وإبراهيم بوطيب وخالد السكاح وهشام الكروج ونزهة بيدوان وغيرهم، إلا أن الانتشاء بإنجازات هؤلاء الأبطال ظل كالشجرة الكثيفة التي تخفي وراءها واقع الغابة، فالإنجازات المحققة ظلت في جوهرها وليدة مواهب وعصامية أبطالنا أكثر ما كانت نتاج وثمرة سياسة رياضية للدولة. وحتى الحصيلة المحققة بقيت في عمومها دون الإمكانيت البشرية المعتبرة التي تزخر بها بلادنا؛ ففي ستين سنة من الاستقلال لم تستطع بلد مهووسة بكرة القدم أن تفوز إلا بلقب قاري وحيد في بطولة نظمت بنظام النقط دون اللجوء إلى المباراة النهائية الفاصلة. وأكبر إنجاز عالمي حققته الكرة المغربية هو بلوغ الدور الثاني في مكسيكو 1986.