لم أُقرِّر مراسلتك إلاَّ والصَّبر قد نفَذَ، وشُحُنات السُّخط والامتعاض قد بلغت مَدَاها، ليْس من زاويتي فقط، كإعلامي يسيئه أن يُعاني ويئِنَّ فريقٌ من قيمة ووزن الجيش الملكي، وإنَّما كذلك من مُنطلق استِنْفاذ الجماهير العسكرية لكافة وسائل التّعبير، وهي التّي أدْمَنت حناجِرُها أن تصدح مُندِّدةً، وشاجبةً، ومُستنكرة ما يقع داخل بيت "الزعيم".
أدْري أنك لست المسؤول الوحيد عما يشوب النادي من ضيْقٍ للأُفق، وغيابٍ للرؤية، وما إلى ذلك من مظاهر وتجلّيات لا تُنذِرُ بمستقبلٍ مُشرق، لكنّك في جميع الأحوال في دفَّة القيادة، وتملك المفاتيح التّقنية والبشرية والتكتيكية لقيادة الكتيبة العسكرية، دون أنْ يثْبتَ تعرُّضك لأية إملاءات أو ضغوطات.
لم تكُنْ لتوجد في فوهة البركان، ومرمى الانتقادات، لو لم تبنيَ أوهاماً أمام الأنصار والمسيرين، وترفع سقف الطُّموحات، وتُشدِّدَ على أن الألقاب ستكون حليفةً للفريق، في الموسم المنصرم، عِندما تُتاح لك جميع الصلاحيات المرتبطة بالجانب البشري في الميركاتو الصيفي.
وذلك ما كان، فقد بتَرْتَ التركيبة البشرية، وجرَّدتها، من أسلحتها ومخالبها، وعوّضْتها بانتدابات تُبرهن يوماً بعد يوم على فشلها، لتأتي في الندوة الصحفية التي تلت مباراة ذهاب نصف نهائي كأش العرش أمام الرجاء الرياضي، دون أن يرِفَّ لك جفنٌ، وتلوم إدارة الفريق لعدم ضم لاعبين مثل لامين دياكيتي وكريم البركاوي، رغم أنك هَنْدَستً الصفقات من ألفها إلى يائها.
وأنْتَ منُتشٍ بلقبك مع المغرب التطواني، رُحتَ تستهزئ بالنمط التكتيكي لجوزيه مورينهو، وصنَّفْتهٌ في عِداد "الجاهلين" وغير الملمين بالمستديرة، بل أمْعنت في إبداء اشمئزازك من الأسلوب القائم على الركون للخلف واعتماد الكرات الطويلة، قبل أن تتخلَّى عن مبادئك، وتستقر في المقابلة الأخيرة أمام الرجاء على نهجٍ قِوامه التّحفظ والخجل الهجومييْن.
هالَني وأنا أشاهد لقاء يوم أمس، كيف ناقشت مجريات المباراة بنزعة دفاعية قاتلة، كأن التعادل يعْبُر بك إلى المقابلة النهائية، رغم أنك طالبت الأنصار بالتحلي بالصّبر، وأكدت لي شخصياً في حوارٍ أن تشرُّب اللاعبين لأسلوب التمريرات القصيرة يتطلّب في المتوسط 70 حصة تدريبية، وها أنت تُراكم عشرات الحصص التدريبية، لكن بنتائج سلبية وأداء بشِعٍ للغاية في آخر المطاف.
لا مناصَ من القول بأنك اقترَفْت أخطاء فنّية وحتى بشرية في جملة من المباريات، وبشهادة الخبراء والتّقنيين، لكنكَ لم تكتفِ بذلك، بل لم تجد ما تُعلِّق عليه شمّاعة فشلك وعجزك في مقابلة الرجاء ذهاباً، إلا لاعبٌ شابٌ لا زال يؤسِّس للنضج، وتُحمِّله مسؤولية الهدف الذي تلّقته شباك الفريق.
يغيب عن عِلمْكَ رُّبما أن اللاعبين الشباب يحتاجون إلى "بيداغوجية" وتعامل من نوع خاص؛ وهم الذين لم يُتمموا بعد لبِنات الثِّقة، لكنك ذهبت على نقيض ذلك لتُجْهِزُ على المناعة الدِّهنية لأيوب العملود، وتُسرِّب الشكَّ والارتياب في نفسه، قبل أن يضطلع الخصوم والمنافسين بهذه المُهمة.
في قاموس جوزيه مورينهو، الذي تمْقُتُه بشِدّة، وغيره من المدربين العمالقة، لا تتواجد سوى كلمات الشحَّن والتعبئة والتحفيز في خطابهم الموجه إلى لاعبيهم، وكم من مُناسبة نقرأ فيها تصريحا لهم يقولون فيه إن أحدًا من لاعبيهم الأفضل في العالم، رغم هذا الجانب محسوم فيه بالإجماع.
لا أدري إنْ كانت هذه العبارات ستَبْلُغك، وستتناهى إليك، فهي في آخر المطاف ليست سوى تجسيد لما يعتمل وتجيش به مشاعر الجماهير العسكرية، وعُصارةٌ لما يملؤ به أنصار "الزعيم" جدرانهم الفايسبوكية، وينثرونه على باقي المواقع الاجتماعية، في محاولةٍ منهم لتفريغ جرعات الاستياء التي تستحوذ عليهم.
هي كلمات وآراء قد يحتمل جزءٌ منها الصّواب والخطأ، غير أنها تنطوي على ما يمكن به أن تُرمِّم منهجيتك، وتُقوِّمَ نمط اشتغالك، قبل فوات الآوان، وقبل انتهاء موسم الجيش الملكي مبكراً.