بقلم : مصطفى أيتوعدي
أصبح كل من هب و دب يُنعت بكلمة مناضل، و أضحى كل من يكسِّر طابو هاتٍ أُسْدِل عليها الستار مراعاةً لمشاعر الناس و عقائدهم يوصف بالمناضل, و كأن النضال هو المرادف لكشف المستور و إظهاره و لو كان عيبًا تنفر منه النفوس و الأذواق السليمة
فالنضال في اللغة لا يخرج عن دائرة التعب و الكفاح من أجل قضية ما أو فكر معين أو إيديولوجية ما، إلا أن الكلمة أُفرغت من محتواها اليوم و أُخرجت من مجالات تداولها و إستعمالها لتستقر في جرف خطير يُطلّ على هاوية فكرية، لغوية تهدد العنصر البشري بالإنحطاط الثقافي و الإنجراف وراء الماديات الزائلة التي سرعان ما تجعل المرء يعود لحجمه الطبيعي إثر زوال المؤثرات التي كانت سببا في بروزه و ظهوره.
و النضال يتخذ أشكالًا عديدة تصب جميعها في المطالبة بتحقيق أمر عادل و كرامة مفقودة و حقوق مهضومة حتى يتسنى للمناضل أن ينعم بطعم الحياة و لذتها ليجمع شحنات تسانده لمواصلة نضاله و المحافظة على المكتسبات.
و ينقسم النضال إلى قسمين رئيسين: فردي و جماعي فأما النضال الفردي فهو نضال يأتي من شخص واحد في سبيل قضية معينة فيسعى لجمع تكتلات مؤيدة لكي يقوى على الجهر برسالته، و لا ننسى أب المناضلين و سيد الأولين و الآخرين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه و سلم، حين كان وحيًدا مناضلًا من أجل تخليص البشرية جمعاء من ظلمات الجهل إلى أشعة النور و الهدى الساطع، و لن ننسى الوسائل الدعوية التي انتهجها لإيصال صوته و رسالته لأكبر عدد من الناس مستفيدا من تجمعات الناس و مواسمهم لنشر الرسالة الربانية و تعميمها، و هو عليه الصلاة و السلام رمز للنضال الفردي إبان السنوات الأولى من البعثة.
النضال الجماعي: و هو النضال التي تتبعه جماعة تتكون في غالبيتها من أعضاء يتشاركون الهموم نفسها و يتفقون على نفس الآليات النضالية و الأدوات و الوسائل التي تتيح لهم المضي قدما بمشروعهم النضالي لتحقيق غاية و الوصول لهدف، و غالبا ما تكون هذه الجماعات أحزابا أو نقابات أو جمعيات المجتمع المدني.
لكن الملاحظ أن في الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من المتطفلين على الحقل النضالي بأفكار خبيثة و نيات مبيتة لزعزعة مشاعر الناس و الإستيلاء على اهتماماتهم قصد كسب الجماهير من مؤيدي هذا التوجه المنحط و المسار المعوج.
و قد كانت القضية الأمازيغية إحدى ضحايا هؤلاء المتطفلين عندما ظهروا رافعين شعارات لنصرة الأمازيغية ظاهريا و هم في قرارة أنفسهم يقرون بهزالة مطلبهم و يركبون على القضية من أجل قضاء مآربهم و حبك خطط لنشر الفتنة و الذعر في صفوف المغاربة سواء أكانوا أمازيغا أم عربا.
مليكة مزان هي إحدى هؤلاء ممن سمحت لنفسها بالتمرد على القيم، و معارضة كل منطق و ذوق سليم لأجل الظهور و لا شيء غير الظهور, فهي تعتبر نفسها مناضلة و شريفة، و أنا أتساءل و يتساءل معي كل شريف أمازيغي حر، من أين لك الشرف يا سيدة نفسها؟ و دعيني أسألك من أين تعلمت النضال يا من تسيئين و تحسبين أنك تحسنين صنعًا؟
أمن شِعْرِك الذي تظلين تتغنين به و تقرين بعهرك فيه، أمِنْه نستلهم الشرف أم من جهاد النكاح الذي أقررت به مع مناضل مثلك، كيف تقرين بالدنس و تدعين أنك شريفة، لماذا تؤمنين بجهاد النكاح و تكفرين بالدين؟ أليس هذا دليلا أنك تتبعين غرائزك الحيوانية و أنت تدعين أنك عقلانية و متنورة؟أليس هذا قمة في التناقض؟
أنحسبك حقًا أمازيغية متنورة أم نحسبك من فضلات آل مازيغ؟
في رأيي المتواضع فأنت مجرد نقطة لا ترى بالعين المجردة أمام مناضلات أمازيغيات شريفات حافظن على كرامتهن و شرفهن و لم يمنعهن ذلك من انتزاع مكاسب كثيرة، و من الأمازيغيات من ربين رجالًا ناضلوا من أجل القضية و لازلن يناضلن في تربية النشء بأكتافهن الشريفة و بعمل حلال أكسبهن الشرف و الكرامة و ما أذللن أنفسهن و لا و اشتكين بل واصلن طريقهن لازلن يواصلن بينما تظل أخريات أمثالك في النباح لإصطياد المكبوتين و الزعم أنكم تمارسون جهاد النكاح لتقووا على مواصلة النضال.
إن السيدة تسعى لضرب الهوية و تكريس الإسثناء و جعله قاعدة و هو ما لا نرضاه، لأن هؤلاء يظهرون الدفاع عن الأمازيغ بضرب الإسلام, فما هو ذنب الإسلام إن أخطأ العرب في القضية الأمازيغية، و لماذا نجعل الإسلام مرتبطًا بالعرب أساسًا، فهو ملكنا أيضًا و ليس للعرب وحدهم فكون النبي صلى الله عليه و سلم عربيًا لا يعني إضفاء الهوية العربية على الإسلام، إنه دليلنا للعيش الكريم و المطمئن، و نحن نؤمن أنه إلهي المصدر، فلا داعي لبشري أن يطعن فيه ليصدنا عنه، فإننا نعلم أن الإنسان مهما سما و تعالى فلن يصل إلى الحكمة الإلهية ذلك أن ما غاب عنه أعظم مما يعلمه، بل لا مجال للمقارنة حيث أن وزن ما يعلمه مهمل و غير ذي أهمية أمام ما يجهله، و صدق القول لو اطلعتم على الغيب لعلمتم أن ما فعل ربكم خيرًا
فعن أي نضال تتحدث إذن، بل و بأي وسيلة تناضل هذه السيدة، فالحرة تحفظ شرفها و عفتها و تناضل من أجلهما في حين نرى هذه المخلوقة تجعل من أغلى ما تملكه أي أنثى وسيلة للنضال في سبيل الغريزة الحيوانية
و إذا كان هذا هو النضال في نظر العصر فتبًا للنضال و رجاله و المناضلين جميعًا