محمد عـبيد
خطوة إقدام الحكومة، على تنفيذ توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول ضرورة الاستجابة السريعة للشكايات الحقوقية لساكنة الصحراء، في البداية ومن باب "حسن النية"، لا يمكن سوى التنويه بالقرار، وتقييمه بإيجابية، ليس لأنه خطوة قد تحد من خروقات حقوق الإنسان في الصحراء، بل بصفته "قرارا جريئا"، لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي، يقرر "مجرد رئيس حكومة" تمرير ملف مكتوب عليه "مشاكل الصحراء"، بعفوية وإرتجالية، ولو أن الأمر "مجرد رد على مجرد شكايات قادمة عن تلك البيداء"، خاصة بعد تأكيدات صريحة، غير ما مرة من قبل رؤساء الحكومات السابقة، ومن بينهم حكومة بنكيران، عن طريق المتحدث باسمها بـ"أن موضوع الصحراء هو أمر سيادي يخص القصر، ولا شأن للحكومة فيه !". نقطة رجوع للسطر. غير أن الغير طبيعي، هنا، هو لعبة الشطرنج التي تدار بحنكة، على مستوى صعيد حيوي في الصحراء، هو جانب حقوق الإنسان، فالإعلام اليوم أصبح ينتفض على "تفضيل الصحراء وجعلها محمية حقوقية" على غير أرياف وجبال وقرى هذا البلد السعيد، التي يجلد فيها بني آدم ألف جلدة، بمجرد أن طالب بحق "شربة ماء". وخيوط اللعبة تسير في اتجاه دفع الرأي العام المغربي نحول التساؤل :"كيف يتجرأ الصحراويين، ومعهم مجلس الأمن الدولي، على مباغثة المغرب حقوقيا، والدولة تمنح امتيازات حقوقية للصحراويين على حساب باقي حقوق الشعب المغربي !؟". وبعيدا عن تحليل خلفيات القرار الحكومي، فحتى لو "افترضنا جدلا"، أن الحكومة أعطت "وضعا تفضيليا لساكنة الصحراء"، فعمليا، هل تمتلك الحكومة المغربية بصفتها "مجرد سلطة تنفيذية"، الشجاعة الكاملة بأن تكشف عن جميع الخروقات الحقيقية لحقوق الإنسان في حواضر الصحراء، وتسمي الأمور بمسمياتها، وتذهب بعيدا لتفتح تحقيقات قضائية ضد مرتكبيها من رجال الأمن أو حتى من قبل مدنيين صحراويين (كما تدعي الداخلية) ؟ ففي واقع الأمر، من "البلادة" لو اعتبرنا أن بهذه "المساحيق للتجميل" قد نثني بها مجلس الأمن الدولي، شهر أبريل المقبل، عن توصيته بـ"توسيع صلاحيات المينورسو في الصحراء"، أو أي صيغة مماثلة، وحتى لو تسلمنا بواجب "حسن النية"، تجاء المبادرة، فإننا نضحك على الذقون، حينما نتكّل على الدور التقريري للجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الطنطان، والعيون والداخلة، فرئيس وأعضاء اللجنة الجهوية للمجلس الوطني حقوق الإنسان بالعيون، يشهدون كيف كانت "هيستيرية وعنجهية" رجال الأمن، حينما لاحقوهم الى مستشفى بن المهدي، العمومي، بالسب والشتم العنصري، وباتهامات الانفصال والخيانة، و ذلك فقط بسبب تواجدهم فقط داخل المستشفى العمومي، للتقرير عن يوم من الخروقات. فالذي يحكم القبضة الحديدية لمعادلة الحراك بالصحراء، ليست هي الحكومة، ولا أعيان الصحراء، هي أجهزة أمنية خاصة معزولة، عن المشهد المؤسسي في البلاد، وبالتالي، فلتذهب تقارير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الجحيم، ومعها حكومة بنكيران إن أرادت.. فقضية الصحراء، كما يفهما المهتم بشأن نزاعها السياسي والإقليمي، هي قضية لم تعد تحكمها قرارات وإعلانات أممية مرقمة، في "1514"، أو"2625"، فقد أضحت بمثابة "ملكة" داخل رقعة شطرنج غير مرتبة منذ البداية، من يدير خيوط اللعبة بدهاء وحنكة، سيكون الأجدر بها من منظور المنتظم الدولي، ففي الوقت الذي ظل فيه المغرب يبحث عن "مساحيق تجميل" حقوقية في الصحراء، استباقا لإجتماع مجلس الأمن الدولي حول موضوع الصحراء، أبريل المقبل، ومشاكل دبلوماسية مع حلفائه الشداد (فرنسا)، بدأت جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر، تخترق دبلوماسيا جدار الديمقراطيات العريقة، في الدول الإسكندنافية، إذ تسلم البرلمان الدنماركي بعد السويدي، الأسبوع الماضي، طلب "الاعتراف بالدولة الصحراوية" للنظر فيه، وسط تكتم إعلامي، والسبب بسيط، لأن جل إستراتيجيات المغرب، بخصوص خوض "لعبة الشطرنج" كانت دائما "دفاعية لا هجومية".