الجوع الكافر

الجوع الكافر

المغرب اليوم -

الجوع الكافر

بقلم : محمد بربر

انهالت الأحكام الصادرة مع سبق الإصرار والترصد، على المواطن الذي اختار نهاية قاسية لحياته، حين تدلى جسده من أعلى لوحة إعلانات على طريق مصر الصحراوي، ورفع البعض سيوف التكفير في وجه من شنق نفسه دون البحث عن أسباب جعلته يقدم على الرحيل.
والمواطنون في بلادنا يمارسون طوال الوقت الأدوار المهمة، بعضنا يعمل قاضيًا حتى وإن يجهل القانون، والآخر شرطيًا يفرض على الناس رأيه وحكمته، وآخرون يبحثون عن دور بالقرب من القصر الرئاسي سواء عبر أحزاب تمارس أنشطتها فقط على شاشات الفضائيات، أو الإعلاميون الذين يبثون كل ليلة المنشور ذاته.
4 محاولات انتحار نفذها مصريون في يوم واحد، انتهت 3 منها بنهاية مرتكبيها، وفشلت واحدة، لكن فرج رزق فرج، المواطن الذي اختار له القدر أن تكون نهايته عكس مولده، أثار جدلا كبيرًا حين قرر الموظف البسيط  اختيار "لوحة إعلانية" على طريق يشهده الناس يوميًا، ليسدل ستار حياته أمام الجميع، بعد أن فشل في تدبير مصاريف حياته للانفاق على أسرته.
في مصر لم يعد الأمر سهلا أن توفر نفقات بيتك، تحتاج إلى تسديد خانات عدة، تبدأ من فواتير الشقة والكهرباء والغاز والمياه والهاتف، مرورًا بالمواصلات - وهي تحتاج إلى قدرات فائقة خصوصًا فيما يتعلق بميكروباصات انتهى عمرها الافتراضي قبل أن يولد سائقها - وليس انتهاء بمصاريف الدراسة والدروس الخصوصية و"سمن رمضان" و"ترمس العيد"، وعليك أن تمارس صلواتك حتى يحميك الله من الأمراض ومن ثم مستشفيات الحكومة وعيادات الأطباء، في الوقت ذاته تخرج الحكومة لتعلن عن تطبيق الحد الأدنى استجابة لمطالب الثورة وعلى رأسها "العدالة الاجتماعية"، والوزراء يدركون جيدًا أن الحد الأدنى لا يكفي مصاريف أسبوع واحد لأسرة تتكون من 3 أفراد فقط، ومع ذلك لم يطبق حتى الآن.. رغم فوضوية الزيادات وعشوائية القرارت والظلم الواقع على بعض المؤسسات الحكومية.
الذين رفعوا سيوف تفكير فرج لم يدركوا أن الرجل عجز عن تلبية مصاريف أسرته، وربما آلمه أن يقف مشلولا أمام صراخ طفله المريض أو فشله في توفير "حاجة المدارس"، الاحتياج كافر.
ولا أعرف كيف استقبل إبراهيم محلب رئيس الوزراء هذا الخبر وهذه المحاولات وهو يجلس مع رجال الأعمال، الذين نهبوا الأراضي وقت أن كان مبارك في سدة الحكم، دون أن يفرض عليهم أية ضرائب، أو أن يرسخ لتطبيق "دولة القانون".
وتتبخر أحلام العدالة الاجتماعية لدى الشباب، ومنهم من ضحى بحياته وشارك في ثورة 30 يونيو، ليتخلص من حكم جماعة "الإخوان" أملا في من يحارب الجوع والخوف، والحكومة ما زالت عاجزة عن توفير فرص عمل حقيقية، أو وضع نظامًا للتأمينات يكفل حياة كريمة للمتقاعدين في سن المعاش، إلى جانب تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور، في استجابة حقيقية وليست "على ورق" لأهداف ثورة التحرير التي تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام الأمم المتحدة.
وأصدقكم القول، فقد انتظرت طويلا في محاولة البحث عن تعليق عالم دين على واقعة الانتحار، بعيدًا عن الأمر الشرعي، لينصح الحكومة بالعمل على سد احتياجات المواطنين، أو أن يذكرهم بعمر بن الخطاب وبغلته الشهيرة، دون أن أجد.
لكن تامر أمين الإعلامي المصري كانت له صولة مختلفة، حين وجه اتهامات للمواطن المنتحر "حسب وصفه"، مفادها أنه اختار لوحة الإعلانات لعمل دعاية "وشو" للإضرار بسمعة مصر، ما جعلني أخشى تغيير القناة حتى لا يطربني عبد الرحيم علي بمكالمة مسربة للمواطن، أو أن يقر أحمد موسى بأنه شارك في الحرب مع المتطرفين في موقعة الجمل.. الجوع كافر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجوع الكافر الجوع الكافر



GMT 14:20 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 12:23 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 05:17 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

اليمن السعيد اطفاله يموتون جوعاً

GMT 00:59 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 19:57 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib