واشنطن - وكالات
ارتفع عدد البنوك الأوروبية التي تسعى وراء الحصول على صفقات في قطاع العقارات، ما أدى إلى احتدام المنافسة وانخفاض تكاليف التمويل. واستمرت سوق الإقراض في التحسن بوتيرة بطيئة خلال العامين الماضيين، وتمكن المقترضون في قطاع العقارات خلال الشهرين الماضيين على وجه الخصوص، من تأمين قروض كثيرة من مصادر مختلفة. وفي حين لا تبحث البنوك التجارية عن زيادة نموها في مجال العقارات، اقتنص عدد من المقرضين غير التقليديين الفرصة لدخول السوق، بما في ذلك شركات التأمين وصناديق الدين ومؤسسات الملكية الخاصة. ويقتصر اهتمام الجهات التي توفر القروض، على بلدان مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والسويد، ما يقلص فرص البلدان الواقعة في شرق وجنوب أوروبا للحصول على قروض جديدة، في وقت أصبح فيه الإقبال على العمليات المحفوفة بالمخاطر شحيحاً للغاية. ويقول ويليام نيوسم، رئيس التقييمات في مؤسسة «سافيلز» للاستشارات العقارية :»شهدت الآونة الأخيرة تدفقات ضخمة من القروض الجديدة بواقع عملية واحدة كل أسبوع». وتشير المؤسسة إلى دخول 50 صفقة للسوق البريطانية خلال الإثني عشر شهراً الماضية. ومن المثير للدهشة، تفضيل هذه القروض الدخول في المشاريع الكبيرة التي تزيد تكلفتها على 100 مليون جنيه استرليني، بدلاً من الصغيرة التي تتراوح قيمتها بين 30 إلى 50 مليون جنيه استرليني. وتتضمن المصادر الجديدة، بنوك استثمارية أميركية وصينية ويابانية مثل، «جولدمان ساكس» و»سوميتومو ميتسوي»، إضافة إلى صناديق الثروة السيادية مثل «الشركة الاستثمارية لحكومة سنغافورة». ولم تدخر سوق السندات جهداً، في تقديم القروض للشركات العقارية أيضاً. وتمكنت شركات العقارات الأوروبية خلال الربع الأول من العام الحالي، من بيع 4 مليار يورو (5 مليار دولار) في شكل سندات لتمويل عمليات استحواذ عقارات، بزيادة قدرها 15% بالمقارنة مع العام الماضي. وارتفع الرقم تدريجياً على مدى الخمس سنوات الماضية، من واقع 672 مليون يورو التي كان عليها خلال الربع الأول من 2008 خلال الأزمة المالية وانهيار سوق العقارات. وتتوقع شركة «دي تي زد» للخدمات العقارية، بلوغ حجم القروض العقارية في سوق السندات للعام 2013 ككل 17 مليار يورو، مقارنة بنحو 15 مليار يورو في 2012. ويرى خبراء القطاع، أنه كلما اشتدت المنافسة بين المقرضين، كلما استفادت الجهات التي تحصل على القروض نتيجة تخفيف الشروط. ووفقاً لويليام نيوسم، أدت المنافسة الحادة للحصول على عقارات من الدرجة الأولى في بريطانيا، إلى تراجع أسعار الفائدة بنسبة 1% خلال الستة أشهر الماضية لمتوسط قدره 2,25% لقروض العقارات التجارية ذات الخمس سنوات. وتراجعت أسعار الفائدة الألمانية بين 0,3 إلى 0,4% إلى 1,7%، وذلك نتيجة لصعوبة تأمين فرص لتوفير القروض. وهذا السباق ليس مستغرباً في ظل العائدات والأرباح الكبيرة والقروض التي تمثل نسبة صغيرة من قيمة العقار الممول، ويذهب النصيب الأكبر من الفوائد للمقرضين غير التقليديين، الذين على العكس من البنوك، لا يخضعون لمتطلبات رأس المال وللّوائح التنظيمية الدولية. ولا تزال اللوائح تقف عقبة في طريق البنوك التي ترغب في زيادة دفاتر قروضها، ليفضل بذلك المقترضين جهات الإقراض غير التقليدية لسرعتها في تنفيذ الصفقة. لكن المخاوف تتصاعد في ظل احتدام المنافسة في قطاع الإقراض في بعض الأسواق، في الوقت الذي تم فيه إغفال أسواق أخرى. ويضيف ويليام نيوسم، :»يوجد عدد كبير من مؤسسات التمويل في السوق البريطانية، إلا أن الجميع يتسابقون نحو نفس المنتج، ليتبقى القليل للمدن الصغيرة أو للعقارات الأقل درجة». ونتج عن ازدحام الأسواق تحري الدقة والحذر من قبل بعض جهات الإقراض. ويقول شارلس داولون، مدير علاقات الاستثمار في مؤسسة «أكسا» العقارية :»شهدنا منافسة حادة من قبل الداخلين الجدد للسوق مثل، مؤسسات التأمين والبنوك الأميركية خلال الفترة بين الستة إلى تسعة أشهر الماضية». وتتوقع المؤسسة التي أصبحت أول مقرض غير مصرفي خارج أوروبا في 2005، تقديم قروض تتجاوز قيمتها 2,5 مليار يورو خلال العام الحالي تتركز معظمها في فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وذكرت متحدثة باسم شركة «أليانز جي أم بي أتش العقارية»، التي تهدف لتوفير قروض بنحو 5 مليار يورو خلال العامين المقبلين في كل من فرنسا وألمانيا، أن الرغبة في القروض لا تزال قوية، إلا أن المنافسة خاصة في ألمانيا، لا تزال محتدمة مع تراجع الأرباح. كما تخطط شركة «كورنرستون» العقارية التي دخلت السوق البريطانية في 2012، لتقديم قروض قدرها 1 مليار جنيه إسترليني في بريطانيا وأوروبا. ويركز عدد كبير من المقرضين على الأسواق الرئيسية في دول غرب أوروبا، مع تخصيص معظم حصص التمويل لعمليات الاستحواذ، بدلاً من إنشاء مشاريع جديدة. بالإضافة إلى ذلك، توجد نحو 300 مليار دولار متوافرة لقروض عقارية في انتظار إعادة تمويلها في أوروبا هذا العام. وفي حين ارتفعت وتيرة إعادة التمويل وسط المقرضين، لا تزال الشركات التي أثقلت كاهلها بالعقارات الأقل جودة، تجد صعوبة في الاستفادة من ذلك..