الرئيسية » تقارير خاصة
الورطة الصينية في العراق: سياسة قطف الثمار لم تعد تجدي

بكين ـ شينخوا

كان بمقدور المرء حتى الآن تهنئة الصين فقط لأجل استراتيجيتها في العراق، فهي لم ترسل جنديا واحدا إلى بلاد الرافدين، ورغم ذلك فبكين هي الفائز في الحربين العراقيتين. أما أمريكا فقد أجهدت نفسها فقط هناك، وقُتل ما يقرب من 4500 من جنودها في حرب العراق الأخيرة وحدها، علاوة على مقتل أكثر من مائة ألف من المدنيين العراقيين. وكلفتها الحرب في العراق 79 مليار دولار أمريكي، أما عائدات الحرب عليها فليس لها وجود حتى اليوم. وقد يظن المرء أن الشركات الأمريكية قد أصبحت لها السيادة على حقول النفط في البلاد، وهو ما كان يأمله أيضا الرئيس الأمريكي جورج بوش آنذاك. ولكن بعد غزو العراق وإسقاط صدام حسين، جاء كل شيء عكس المتوقع. فقد كانت شركة بتروشينا الصينية هي أول شركة أجنبية تحصل على رخصة لاستخراج البترول في العراق بعد سقوط صدام حسين. وبعدها خطفت الشركات الصينية، أمام أنظار الشركات الأمريكية، حقوق التعدين واستغلال آبار النفط الواحد تلو الآخر. فرانك سيرنِ يرى أن أحداث العراق الحالية تضر الصين الصين أكثر بكثير من ضررها لأميركا. ويسيطر الصينيون حاليا على نصف استثمارات صناعة استخراج النفط في العراق. فأكبر ثلاثة حقول للنفط في العراق وهي الرميلة، وغرب القرنة وحلفايا تديرها شركات صينية أو بالتعاون مع شركات محاصة غير أمريكية. كما إن 80 % من النفط العراقي يصدر إلى الصين. ولم تستطع الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا تقديم أي تنازلات بسبب المشاعر المعادية للولايات المتحدة في البلاد. وهكذا انتظر الأمريكيون عبثا أن تظهر الحكومة العراقية اعترافا بأن القوة العالمية قدمت لها جميلا بوضعها في موقف (مكنها من) الفوز في الانتخابات. وبخيبة أمل، انسحبت واشنطن في أواخر عام 2011 وتركت للصينيين الأعمال النفطية؛ فالصينيون بإمكانهم دائما تقديم العروض الأرخص. والآن فإن بكين ستنزعج بسبب قيام قوات ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) بالزحف والاقتراب نت بغداد ورفع أعلامها السوداء بالفعل على مدن عديدة وإعلانها تطبيق الشريعة هناك. ومع أن حقول النفط التي تديرها الصين تقع في أقصى جنوب البلاد ولا تزال بعيدة كل البعد عن نفوذ قوات داعش، إلا أن تأثيرات الحرب الخاطفة التي تديرها داعش ظهرت الآن بالفعل على أنشطة الصين النفطية. ففي وقت قصير تمكن مقاتلو داعش الأسبوع الماضي من السيطرة على مصفاة النفط في بلدة بيجي، أكبر مصفاة للنفط في العراق. ومن ثم فإن حقول النفط في الجنوب توجب عليها وقف إنتاجها بسبب انخفاض الطلب على النفط. كما أن مقاتلي داعش أدركوا الأهمية الإستراتيجية لحقول ومصافي النفط، فدولة الخلافة التي يحلمون بإنشائها عند الحدود العراقية السورية لا يمكن أن تعيش من خلال أداء الصلوات الخمس فقط. إنتاج النفط دون عائق أمر مشكوك فيه الوضع حاليا في العراق غير واضح المعالم. ومن غير المحتمل أيضا أن تتمكن الشركات الصينية في الشهور أو حتى السنوات القادمة من استخراج البترول في العراق دون عوائق، لأن المستشارين العسكريين الأمريكيين الثلاثمائة الجدد لا يمكنهم التأثير كثيرا إذا ما واصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تهميش السنة والأكراد، ولا توجد الآن في الأفق بدائل سياسية للمالكي. وفي الوقت نفسه لا تريد واشنطن أن تنجر مرة أخرى إلى حرب برية. [مقاتلو داعش في محافظة صلاح الدين. داعش استولت على مصفاة النفط في بيجي بمحافظة صلاح الدين وهي أكبر مصفاة للنفط في العراق] مقاتلو داعش في محافظة صلاح الدين. داعش استولت على مصفاة النفط في بيجي بمحافظة صلاح الدين وهي أكبر مصفاة للنفط في العراق الصينيون لديهم كل الأسباب للقلق، فتوقف الإنتاج لفترة قصيرة مسألة يمكن تجاوزها، لكن الصينيين على المدى الطويل، بحاجة إلى النفط العراقي. فحتى حلول عام 2030، سيستهلكون سنويا 800 مليون طن من النفط، ويجب استيراد ثلثي هذه الكمية. ومن هنا فإن سياسة الصين الخارجية "الصالحة للاستخدام اليومي" معروضة للمناقشة. وفي يوم الأحد (22 يونيو/ حزيران 2014) حمل السفير الصيني في بغداد، وانغ يونغ، رسالة من بكين إلى الحكومة العراقية فيها أن بكين تدعم إجراءات الحكومة العراقية "لإعادة الأمن إلى البلاد مرة أخرى، وإعادة السيطرة مرة أخرى" على سلسلة من المدن العراقية. ولأجل ذلك توجب على ممثل للحكومة العراقية أن يعد بأن الحكومة ستفعل كل شيء لضمان "أمن العاملين في السفارة والعمال الأجانب". حيث إن العراق يعمل بها حوالي عشرة آلاف صيني. وهذا لن يكون كافيا لحماية مصالح الصين. والسؤال المهم للسنوات القادمة هو: هل ستنجح إستراتيجية التركيز على الأعمال التجارية والبعد عن التدخل في الشؤون الداخلية لبلد ما، عندما يكون التعامل هنا مع متطرفين دينيا؟ وهذا الأمر لا ينطبق على العراق فقط وإنما ليبيا أيضا، وقبلهما أفغانستان، حيث يجب أن تتحدث بكين في المستقبل ليس مع الحكومة فقط وإنما مع طالبان أيضا. مع ذلك، فإن الوضع في العراق أكثر تعقيدا: لأن المالكي ليس مدعوما من الولايات المتحدة فقط، وإنما مدعوم في نفس الوقت أيضا من إيران، التي تعد الصين أقرب حليفة لها. أما خصوم المالكي، الجهاديون، فقد حصلوا على تمويل أيضا من أغنياء النفط والغاز العربي، التي تحافظ بكين كذلك على علاقات وثيقة معهم. وفي شهر مايو/ أيار، اتفقت بكين مع السعوديين على عقد لتوريد طائرات صينية بدون طيار. بينما تمت الموافقة بالفعل على تزويد الجيش العراقي بطائرات "سكان إيغل" الأمريكية بدون طيار. ومن الممكن جدا أن تواجه الطائرات الأمريكية بدون طيار نظيرتها الصينية في العراق، وذلك رغم أن كلا الموردين (الصين، وأميركا) لديهما نفس الرغبة وهي: عراق مستقر ومأمون العواقب. فرانك زيرِن، أحد أبرز المتخصصين الألمان في الشؤون الصينية، ويعيش في بكين منذ 20 عاما.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تفاصيل مراجعة الضريبة على الدخل وفرض جبايات على "ألعاب…
الحكومة تدعم أسعار البوطة والدقيق والكهرباء بـ20 مليار درهم…
ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…
عجز الميزانية في المغرب يتراجع إلى 32.8 مليار درهم
القضاء اللبناني يُصدر مذكّرة توقيف بحق رياض سلامة بعد…

اخر الاخبار

الرئيس الصيني يُؤكد لولي العهد المغربي دعم بكين لأمن…
جمهورية لاتفيا تسعى إلى تعزيز تعاونها مع المملكة المغربية…
وزير الخارجية المغربي يُجري مُباحثات مع مفوض الأمم المتحدة…
قيادات مغربية إسلامية ويسارية تُطالب بتفعيل مذكرة اعتقال نتنياهو…

فن وموسيقى

رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…

أخبار النجوم

سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…
فردوس عبد الحميد تروي تفاصيل موقف إنساني جمعها بـ…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…