الرباط - المغرب اليوم
علمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن المديرية العامة لإدارة الضرائب، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، فتحت تحقيقا حول استفادة شركات كبرى من الإعفاءات الضريبية باستعمال طرق تدليسية، وخاصة الشركات العقارية. وأكدت المصادر أن إدارة الضرائب ستقوم بحملة تفتيش واسعة النطاق ستشمل مختلف المصالح المركزية والجهوية التابعة لها، وكذلك القيام بمراجعة التصريحات الضريبية التي أدلت بها شركات العقار.
اتفاقات وتنازلات
كشف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات وجود اختلالات خطيرة تشوب مراقبة الأرباح العقارية من طرف المديرية العامة للضرائب، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، حيث يصرح المنعشون العقاريون بأرباح غير حقيقية، واستعمال «النوار» في عمليات بيع وشراء العقارات، ما يكبد خزينة الدولة خسائر جسيمة بالملايير.وأوصى المجلس بضرورة مراجعة طرق مراقبة الإقرارات بالأرباح العقارية، وأوضح أن مكتب المراقبة، التابع لمديريات الضرائب، يركز تدخله على مراقبة الإقرار التلقائي بالأرباح العقارية بالاعتماد أساسا على مراقبة عقود تفويت الملكية.
وحسب التقرير، فإن مراقبة الإقرارات بالأرباح العقارية تتميز باقتران المراقبة «باتفاقات وتنازلات» بدون ضوابط، مؤكدا أن مسطرة التصحيح التي تقوم بها المديرية المحلية للضرائب يفترض أن تفضي إلى تحرير جداول أو قوائم الإيرادات أو إلى إصدار أوامر الاستخلاص لتحصيل الواجبات الإضافية بصورة تلقائية، غير أن واقع الأمر يشير إلى غير ذلك، حيث إن معظم التصحيحات تنتهي باتفاقات تختلف في مجمل جوانبها عن الأسس التي انطلق منها التصحيح.
وأكد التقرير أن هذا الأمر ينطبق على العمل الذي يقوم به مكتب المراقبة سالف الذكر، بالإضافة إلى عيوب أخرى تخص التصحيحات التي يقوم بها هذا المكتب، وذكر التقرير أهمها، حيث يتم اتخاذ القرارات بصورة فردية وليس في إطار هيئات أو لجان، وتتم التصحيحات بطريقة جزافية لا تحكمها ضوابط موضوعية، حيث تنطلق من فرضية أن الخاضع للضريبة يقر بثمن أقل من الحقيقة وبنفقات استثمار مبالغ فيها، فتكون النتيجة خلال التصحيح رفع الأثمان وتخفيض نفقات الاستثمار بصورة تلقائية، مما يفضي إلى «التفاوض» والتراجع عن الأسس المصححة في جل الحالات. وكشف التقرير أنه لا يتم الالتزام بأي إجراءات شكلية، بحيث لا يتم تحرير مذكرات توضيحية ولا محاضر ولا صياغة قرارات مكتوبة ومعللة.
وأفاد التقرير بأن المديريات الجهوية والإقليمية تقوم بتصحيح الضرائب إذا لاحظت ما يستوجب القيام بذلك عقب القيام بمراقبة المحاسبة أو الوضعية العامة للملزم، ويتعلق الأمر باتفاقيات تبرم مع المهنيين بعد المراقبة الضريبية أو بعد مراقبة أثمان التفويتات، ويفترض أن تكون أسباب التصحيح المزمع القيام به وكذا طبيعته وتفاصيل مبلغه مؤسسة ومثبتة من قبل المديريات. كما يفترض أن تفضي مسطرة التصحيح إلى تحرير جداول أو قوائم الإيرادات أو أوامر الاستخلاص لتحصيل الواجبات الإضافية بصورة تلقائية، غير أن واقع الأمر يشير إلى غير ذلك، فمعظم التصحيحات تنتهي باتفاقات متباعدة عن الغايات والأسس التي انطلق منها التصحيح.
استثناء أصبح قاعدة
لاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن الاتفاقات أصبحت تشكل الأصل، رغم أنها ذات طبيعة استثنائية، كما أن هذه الاتفاقات تفضي إلى التنازل عن مبالغ مهمة. وأكد التقرير أن هذه التخفيضات ينبغي أن تكتسي غالبا طابعا استثنائيا بحكم مبالغها الكبيرة، وأبرز أن إدارة الضرائب تتمتع بسلطة تقديرية واسعة أثناء إبرام هذه الاتفاقات، وفي بعض الأحيان لا تلتزم بالمساطر الداخلية التي تؤطر هذه الاتفاقات، كما أن هذه الاتفاقات تبرم أحيانا على مستويات إدارية مختلفة ومن لدن أفراد بدلا عن هيئات يفترض أن تؤسس لهذا الغرض وذلك من أجل ضمان قرارات صائبة وجماعية.
وبعد افتحاص ملفات من الاتفاقات التي أبرمتها مصالح المراجعة الضريبية ببعض المديريات، سجل تقرير المجلس وجود نقائص تشوب إبرام الاتفاقات، مشيرا إلى أن المساطر المتبعة من أجل إبرام الاتفاقات تتعلق، على وجه الخصوص، بتلك المبرمة عقب القيام بمراقبة للمحاسبة أو للوضعية العامة للملزم. ورصد قضاة المجلس، بخصوص الاتفاقات، أنه لا يتم إقرارها مع الملزمين وفق معايير محددة كما تنص على ذلك المقتضيات القانونية، حيث لا تتم الإشارة إلى المراجع وأسباب الاتفاق، كما أن التخلي عن مبالغ الزيادات الضريبية لا يتم تعليله بوقائع موضوعية. ويتم، على إثر ذلك، تمتيع الملزم بالتخلي عن أداء هذه المبالغ بصورة تلقائية بعد حصر مبلغ الاتفاق.
وسجل تقرير المجلس أيضا، بشأن الحفظ، عدم تخصيص ملفات لهذه الاتفاقات، بل تتم فقط إضافتها إلى ملفات المراقبة الضريبية، وفي بعض الأحيان يتم الاحتفاظ بها في مكتب رئيس المصلحة. كما أن الملفات المتعلقة بالمراقبة الضريبية لا تتضمن نسخة من الاتفاق المبرم مع الملزم. ولوحظ كذلك أن الإدارة الضريبية لا تحترم المساطر المتبعة في ما يخص الحصول على إقرار من طرف الملزم بالتخلي عن حقوقه في متابعة النزاع، وكذا الحصول على إبراء للذمة أو رسالة مضمونة من أجل تبليغ الاتفاق إلى الملزم. كما لوحظ غياب الوثائق المثبتة لهذه العمليات في كثير من الملفات، كما أن المصالح المختصة لا تتوفر على قاعدة للبيانات تتضمن مجموع الاتفاقات ومراحلها المختلفة، وكذا طرق تتبع التحصيل الذي يعتبر شرطا ملغيا للاتفاق إذا لم يتم احترامه.
وتطرق تقرير المجلس إلى الجمع بين مهام متنافية من طرف المسؤول عن مكتب مراقبة التفويتات العقارية، وأوضح أن مهام المسؤول عن مكتب مراقبة التفويتات العقارية التابع لمديريات الضرائب، تتمثل في مراقبة الإقرارات الناقصة أو غير المودعة وتصحيح أساس الضريبة وتصفية المبالغ المطابقة لها، بالإضافة إلى هذا، يقوم المسؤول المذكور بالجمع بين مهام متنافية بالنظر إلى معايير نظام المراقبة الداخلية وتتمثل في إعداد الأوامر بالاستخلاص وتدبير ملفات المنازعات الإدارية والقضائية وإبرام اتفاقات مع الملزمين قد تفضي إلى تخفيض جزافي في حدود 30 بالمائة.وبهذا الخصوص، يوصي المجلس الأعلى للحسابات باستخلاص الديون العمومية وفق المساطر المعمول بها وعدم اللجوء للاتفاقات إلا استثناء، مع تأطير وتقييد هذا اللجوء بما يحد من السلطة التقديرية للإدارة الضريبية ويحفظ حقوق خزينة الدولة.
قد يهمك ايضاً