الرئيسية » تقارير خاصة
الليرة اللبنانية

بيروت - المغرب اليوم

دخل لبنان رسمياً مرحلة نقدية جديدة، قوامها اعتماد السعر المعدّل للعملة الوطنية بواقع 15 ألف ليرة لكل دولار، من دون برمجة الانتقال ضمن مخطط توحيد أسعار الصرف في أسواق القطع التي تعتمد تشكيلة أسعار حافلة بهوامش متباينة بحدة، وتحت وطأة فشل مشهود لكل التدابير التقنية التي تعتمدها السلطة النقدية، بهدف منح منصة «صيرفة» صفة المرجعية الحاكمة للتسعير في المبادلات النقدية اليومية.

وينهي اعتماد السعر الجديد لليرة، والذي يمثل ارتفاعاً «نظرياً» بقيمة 10 أضعاف السعر السابق، الرحلة الطويلة للاستقرار النقدي الذي انتظمت تحت لوائه مجمل سياسات البنك المركزي على مدار 3 عقود، قبل أن يصطدم، بدءاً من خريف عام 2019، بدخول البلاد في مسارات انهيارات مالية واقتصادية تكفلت بتقليص الناتج المحلي بأكثر من النصف، وتستمر في توليد نتائجها الكارثية على المستويات كافة.

فمع انطلاق العمل بالسعر المحدث في ميادين محددّة، ولا سيما في استيفاء الضرائب على المداخيل وعائدات الضريبة على القيمة المضافة، وتطبيقه على استبدال حصص السحوبات الشهرية للمودعين في المصارف، ظلّت المبادلات النقدية في الأسواق الموازية تحلّق في فضاء آخر لتقترب مجدداً من تحطيم أرقام قياسية جديدة فوق حاجز 60 ألف ليرة لكل دولار. علماً بأنها تعكس وحدها السعر الواقعي لليرة في القيمة التبادلية وفي أسواق الاستهلاك.وتثبت هذه الوقائع السوقية، وفق تحليل مصادر مصرفية متابعة، التأثير الظرفي لقرار المجلس المركزي لمصرف لبنان، مطلع الأسبوع الحالي، والقاضي بتمديد عرض الدولار من قبله عبر منصة «صيرفة» بسعر 38 ألف ليرة حتى نهاية الشهر الحالي. ففي ظل اتساع الفوارق بين «سعر» العرض والسعر التداولي الفعلي إلى ما يزيد على 23 ألف ليرة يمكن تصنيفها كأرباح سريعة، يتضاعف تلقائياً حجم الطلب على المنصة بما يفوق بأضعاف أيضاً حجم المعروض حصراً للأفراد. وبالتالي تتقلص الحصص الشهرية المتاحة، وتزيد القيود تشدداً في تنفيذ العمليات اليومية.

وطبقاً لأحدث معطيات ميزانية البنك المركزي، والتي تحقّقت منها «الشرق الأوسط»، تبين أن الكلفة الإجمالية لتدخل مصرف لبنان في عرض الدولار لم تتجاوز عتبة 200 مليون دولار من إجمالي احتياطياته من العملات الصعبة التي تراجعت جزئياً إلى نحو 9.985 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، مقابل نحو 10.18 مطلع العام الحالي. مما يؤكد أن الضخ النقدي الذي تعدى 1.6 مليار دولار خلال الشهر عينه جرى بمعظمه بيعاً وشراء للعملة الصعبة من خلال الأسواق الموازية. وهو ما يفسر عودة الكتلة النقدية المحررة بالليرة إلى مستويات 75 تريليون ليرة، بعدما تدنت منتصف الشهر الماضي إلى نحو 67 تريليوناً.

وريثما يستقر البنك المركزي على توجيهات محددة بشأن سريان سعر الصرف الجديد على القروض القائمة، وبالأخص بينها مبالغ التمويل الإسكاني وأقساطها الشهرية، تبقى الهواجس على حدتها الأعلى من حصول زيادة استثنائية في فئة «المتعثرين عن الدفع» التي سينضم إليها حكماً كل المقترضين من ذوي المداخيل بالليرة، وهم الغالبية المطلقة للعاملين في القطاعين العام والخاص.

وتنطوي هذه المخاوف على أبعاد معيشية واجتماعية خطيرة. مع التقدير المسبق بأن السلطة النقدية ستعمل على مراعاة خصوصية المتبقين من هذه الشريحة، بعدما عمد الكثيرون منهم إلى إطفاء كامل قيم القروض سابقاً، وبوتيرة أعلى خلال الشهر الماضي. أما في حال شمولهم بتحديث سعر الصرف، فستتضاعف القيمة المتبقية 10 مرات ومثلها القسط الشهري، بينما بلغ الحد الأقصى لتحسن المداخيل 3 أضعاف فقط، ولا سيما في القطاع العام. فيما لم تشمل زيادات المداخيل الكثير من العاملين في القطاع الخاص، بانتظار إعادة هيكلة الحد الأدنى للأجور ولواحقه؛ من بدلات نقل ومساعدات مدرسية واجتماعية.

كذلك، يتخوف العاملون في القطاعين من عدم شمول تطبيقات السعر الجديد لقيمة تعويضات نهاية الخدمة، باعتبار أن الزيادات الجزئية اللاحقة بالرواتب يجري إدراجها كمعونات طارئة لا تدخل في صلب الدخل الأساسي. وتزيد المشكلة تعقيداً إلى المستوى الكارثي بالنسبة للأُجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولا سيما بينهم عشرات الآلاف من ذوي الرواتب المتدنية، والذين يفقدون أي دخل شهري بعد تقاعدهم. علماً بأن مجمل منظومة الرواتب أصبحت ضمن خانة «المتدنية». وبالمثل، فبعدما انحدر إجمالي الودائع من نحو 179 مليار دولار إلى أقل من 129 مليار دولار «دفترياً»، مع استمرار الأزمات في عامها الرابع فإن هذا الرقم مرشح للانكماش أكثر مع اعتماد السعر الرسمي الجديد، أي 15 ألف ليرة لكل دولار، إضافة إلى الاقتطاعات الجسيمة بنسب تفوق 70 في المائة عند تنفيذ السحوبات الشهرية من قبل المودعين.

وفي التخصيص الرقمي البحت، فإنه حتى نهاية الشهر الماضي، كان يتم احتساب الودائع المحررة بالليرة بالسعر الحالي البالغ 1515 ليرة، ليصل رقمها الدفتري إلى نحو 32.7 مليار دولار، بينما هي ستتقلص تلقائياً إلى 3.2 مليار دولار وفق السعر الجديد. علماً بأن السعر الواقعي يجعلها تتقلص إلى نحو 800 مليون دولار وإلى 1.29 مليار دولار وفق السعر الحالي للدولار على منصة «صيرفة».وفي نطاق التعداد، وليس الحصر للتأثيرات المباشرة، تبرز أيضاً مسألة تآكل رساميل المصارف المحررة بالليرة التي ستتقلص فوراً بذات نسب تغيير سعر الصرف. وهو الأمر الذي استدعى صدور تعاميم من قبل مصرف لبنان، تهدف إلى تمكين المؤسسات المصرفية والمالية من «الهضم» المتدرج للفروقات الجسيمة التي ستلحق بالميزانيات وفي حسابات الأموال الخاصة.

فقد طلب البنك المركزي، في تعميم حديث، من المصارف تصفية مراكز القطع المدينة لديها، وكما هي موقوفة بنهاية العام الماضي، تدريجياً على فترة 5 سنوات ابتداءً من العام الحالي، بشرط أنّ يتمّ إطفاء هذه المراكز بما لا يقلّ عن 20 في المائة في السنة الواحدة. وبالإضافة إلى ذلك، منع المصارف من توزيع أنصبة أرباح إلى حملة الأسهم العادية للفترة الممتدّة بين العامين 2019 و2022.

وعلى صعيد متّصل، سمح التعميم للمصارف بإدخال 50 في المائة بدلاً من نسبة 100 في المائة سابقاً من ربح التحسين الناتج عن إعادة تخمين موجودات المصارف العقاريّة المملوكة منها بكامل أسهمها، والموجودات العقاريّة المملوكة بكامل أسهمها من الشركات العقاريّة التي تساهم فيها تلك المصارف الممتلكة وفقاً لأحكام المادّة 153 من قانون النقد والتسليف.
وسيتم قيد هذه الحصيلة ضمن الأموال الخاصّة الأساسيّة لفئة حملة الأسهم العاديّة وقيدها بالدولار الأميركي الفريش على سعر «صيرفة»، شرط موافقة مصرف لبنان وإتمام هذه العمليّة قبل نهاية عام 2023. كذلك سمح مصرف لبنان بتقييم هذه الأصول كما المساهمات والتسليفات الطويلة الأجل الموافق عليها من قبله المرتبطة بمشاركات في مصارف ومؤسّسات ماليّة في الخارج بالدولار الأميركي النقدي، بحسب سعر «صيرفة» السائد في نهاية العام، ولمدّة خمسة أعوام.

قد يهمك ايضاً

لبنان يخوض الاختبار الأصعب في رحلة توحيد أسعار الصرف

الدولار يتجاوز عتبة الـ35 ألف مقابل الليرة اللبنانية

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تفاصيل مراجعة الضريبة على الدخل وفرض جبايات على "ألعاب…
الحكومة تدعم أسعار البوطة والدقيق والكهرباء بـ20 مليار درهم…
ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…
عجز الميزانية في المغرب يتراجع إلى 32.8 مليار درهم
القضاء اللبناني يُصدر مذكّرة توقيف بحق رياض سلامة بعد…

اخر الاخبار

الرئيس الصيني يُؤكد لولي العهد المغربي دعم بكين لأمن…
جمهورية لاتفيا تسعى إلى تعزيز تعاونها مع المملكة المغربية…
وزير الخارجية المغربي يُجري مُباحثات مع مفوض الأمم المتحدة…
قيادات مغربية إسلامية ويسارية تُطالب بتفعيل مذكرة اعتقال نتنياهو…

فن وموسيقى

رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…

أخبار النجوم

سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…
فردوس عبد الحميد تروي تفاصيل موقف إنساني جمعها بـ…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

ارتفاع قياسي في أسعار اللحوم بإقليم الحسيمة في ظل…