القاهرة ـ أ.ش.أ
اِستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم سيرجيه كريينكو رئيس مجلس إدارة مجموعة "روس أتوم" الروسية، وذلك بحضور وزيريّ الكهرباء والطاقة والمتجددة، والمالية، ونائب رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية ومن الجانب الروسي نائب وزير المالية، ونائب رئيس الهيئة الروسية الفيدرالية للمراقبة النووية والصناعية والبيئية، والسفير الروسي بالقاهرة سيرجيه كيربيتشنكو.
وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن رئيس مجلس إدارة مجموعة "روس أتوم" نقل للسيد الرئيس تحيات وتقدير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منوهاً إلى اهتمامه بتعزيز العلاقات الروسية مع مصر في كافة المجالات.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسى أعرب عن خالص تقديره للرئيس بوتين ودوره الفاعل في دفع العلاقات قدماً بين البلدين في كافة المجالات.
ونوّه السيسى إلى العلاقات التاريخية الممتدة والمتميزة التي تجمع بين البلدين، والتي تشهد تقدماً وتزداد رسوخاً يوماً تلو الآخر، مشيراً إلى أن مصر تتطلع إلى إنشاء المحطة النووية في الضبعة كصرحٍ جديد يُضاف إلى سجل الإنجازات التي حققها التعاون المصري الروسي على مر التاريخ، والتي لا زالت قائمة حتى الآن، وتمثل رمزاً لاعتزاز الشعب المصري بالصداقة المصرية الروسية.
وذكر الرئيس أنه عقب الدراسة المتأنية والمتعمقة من كافة الجهات المصرية المعنية؛ فقد استقر الرأي على اختيار العرض المُقدم من الجانب الروسي لإنشاء المحطة. وقد ذكر "كريينكو" أن توافر الإرادة السياسية لدى القيادتين المصرية والروسية كان لها أكبر الأثر في إنجاز هذا الاتفاق في فتر زمنية قصيرة نسبياً مقارنة بالمدى الزمنى التقليدي الذي يمكن أن تستغرقه مثل تلك المفاوضات.
وقال السفير علاء يوسف أنه عقب إتمام اللقاء شهد الرئيس السيسى مراسم التوقيع على ثلاث اتفاقيات بين الجانبين المصري والروسي، شملت الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا في مجال إنشاء وتشغيل المحطات النووية لإنتاج الكهرباء، واتفاقية تقديم قرض حكومي من جمهورية روسيا الاتحادية إلى جمهورية مصر العربية لإنشاء المحطة النووية الأولى سيتم سداده من عوائد إنتاج الطاقة الكهربائية من المحطة بعد تشغيلها، ومذكرة تفاهم بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية والهيئة الفيدرالية للشئون البيئية والصناعية والرقابة النووية بروسيا الاتحادية. وقد شهد مراسم التوقيع من الجانب المصري السادة وزراء الدفاع، والخارجية، والبيئة، والاستثمار، والتعاون الدولي.
وعقب إتمام مراسم التوقيع ألقى الرئيس السيسى كلمة أشار فيها إلى أن التوقيع على اتفاقيات إنشاء المحطة النووية بالتعاون مع الجانب الروسي في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة والعالم بأسره، تبعث رسالة أمل وعمل، وسلام وتفاؤل إلى مصر والعالم، وكافة الدول والشعوب المُحبة للسلام.
ووجه الرئيس السيسى خلال كلمته التهنئة للشعب المصري ببداية تحقيق حلمه في أن يكون لدى مصر برنامجها النووي السلمي، وشدد الرئيس السيسى على أن هذا البرنامج سيكون له طابع سلمي خالص، مؤكداً التزام مصر القاطع والكامل باتفاقية منع الانتشار النووي، موضحاً أن هذا الموقف ثابت ولن يتغير.
وأضاف الرئيس أن القدرة الحقيقية للأمم تُقاس بالعلم والمعرفة، والعمل والصبر. وأشار إلى أنه عقب فترة زمنية استمرت لما يربو عن العام تلقت خلالها مصر العديد من العروض لإنشاء المحطة النووية وبعد دراسات متعمقة تم اختيار العرض الروسي لإنشاء تلك المحطة التي ستضم أربع مفاعلات نووية من الجيل الثالث المُطور بطاقة إنتاجية تبلغ 1200 ميجاوات لكل مفاعل، وسوف يتم الانتهاء من إنشاء أول مفاعلين منها في غضون تسع سنوات من بدء التنفيذ، وسيتم تنفيذها وتشغيلها وفقا لضمانات ومعايير صارمة على صعيدي البيئة والأمان النووي، إذ يمكنها تحمل اصطدام طائرة وزنها أربعمائة طن وبسرعة مائة وخمسين متراً في الثانية.
وأضاف السيسى أن العرض الروسي يُعد الأفضل أيضاً على الصعيد الاقتصادي، وهو الأمر الذي أولته مصر اهتماماً كبيراً حيث سيتم سداد القرض الخاص بإنشاء المحطة على مدار 35 عاماً من عوائد إنتاج المحطة من الكهرباء.
وأبرز السيد الرئيس الأهمية العلمية والتكنولوجية لهذا المشروع الذي سيتم من خلاله تدريب العديد من العلماء والكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية، فضلاً عن مساهمة الشركات المصرية بنسبة 20% من عملية إنشاء المحطة.
ووجه الرئيس خلال كلمته الشكر لفريقيّ التفاوض الروسي والمصري اللذين عملا بجد واجتهاد على مدار الفترة الماضية لإنجاز الاتفاق في زمن قياسي، منوهاً إلى أن هذا الاتفاق يُعد بمثابة رسالة تعكس عمق ومتانة العلاقات المصرية – الروسية.
وأضاف أن شعب مصر يقدر شواغل الشعب الروسي، كما يقدر حجم المسئولية الملقاة على عاتق القيادة الروسية لتأمين مواطنيها، وذكر أن مصر أبدت كل تعاون ممكن مع الجانب الروسي وكافة الوفود الدولية للتحقيق في حادث سقوط الطائرة الروسية المنكوبة، وهو الأمر الذي يؤكد حرص مصر على التعامل بشفافية كاملة، فضلاً عما يعكسه من تقديرها لأرواح الضحايا.
وشدد السيسى على أن مصر اتخذت حِزماً من الإجراءات الأمنية المشددة في المطارات والموانئ المصرية وسوف تمضي في تعزيز تلك الإجراءات ولن تترك أية ثغرات يُمكن أن تمثل مصدراً للقلق لأي طرف. وأوضح السيد الرئيس أن تلك القرارات كانت محل دراسة وعناية من مجلس الأمن القومي المصري الذي عُقد مؤخراً، والذي ناقش كذلك موضوع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ووافق عليه بالإجماع.
وذكر الرئيس في كلمته أن مصر سبق أن أعلنت موقفها إزاء مكافحة الإرهاب منذ تولي سيادته للحُكم، والذي يقوم على أساس مقاربة شاملة لا تقتصر على المواجهات العسكرية والأبعاد الأمنية، ولكن تضم أيضاً الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وأكد السيد الرئيس أن مصر تشارك بقوة وفاعلية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب من أجل ضمان أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وفي سياق متصل، ووجّه الرئيس السيسى رسالة إلى القيادتين والشعبين الروسي والفرنسي، أكد فيها أن مصر شريك أساسي للبلدين وتقف إلى جوارهما في مواجهة الإرهاب، والتي يتعين أن تكون سريعة وحاسمة تلافياً للآثار المدمرة التي يُحدثها في شتى دول العالم.
وعلى الصعيد الداخلي، أشار الرئيس الرئيس إلى أن مصر بصدد إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، وهو الأمر الذي يدلل على وفائها بالتزاماتها الواردة في خارطة المستقبل ومضيها قدماً على المسار الصحيح واستمرارها في التعمير والبناء بمساهمة جميع المصريين الذين يحققون إنجازاً تلو الآخر على طريق طويل من الطموحات والآمال للأجيال القادمة.
وأعرب الرئيس عن تفاؤله بمستقبل مصر وقدرتها على تحقيق الكثير من الإنجازات رغم دقة الظروف المحيطة.