بروكسل ـ كونا
ارتفعت وتيرة القلق داخل الكتلة الأوروبية نتيجة الخسائر التي تكبدها القطاع الزراعي بسبب حظر روسيا استيراد الأغذية في السادس من الشهر الجاري ردا على العقوبات الأوروبية على قطاعات المال والطاقة على خلفية الأزمة الأوكرانية. يأتي ذلك في الوقت الذي ترددت فيه أنباء بتهديد روسيا أيضا بحظر شركات الطيران الغربية استخدام اجوائها فوق سيبيريا وامكانية فرض عقوبات في مجال الطاقة على الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على 25 في المئة من وارداته من روسيا ما دعا ببعض المحللين الأوروبيين الى توقع حرب اقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في المستقبل القريب. ومع ارتفاع حدة التوتر يوجه عدد من القادة الأوروبيين انتقادات لموسكو بذريعة أن العقوبات الروسية ضد اوروبا تستند الى دوافع سياسية. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان في مقابلة اذاعية ان الاتحاد الاوروبي "اذى نفسه" بفرض عقوبات تجارية على روسيا. وأضاف أن العقوبات الأوروبية "تسببت في ايذائنا أكثر من ايذاء الروس" مشيرا الى ان بروكسل يجب أن تقدم تعويضات للمنتجين الذين يعانون جراء تلك العقوبات وتعيد النظر في سياستها بكاملها. من جهته وصف رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو العقوبات ضد روسيا بأنها "عبثية ومضرة". وتعاني ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في أوروبا من نتائج العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا كما تشعر بقلق بالغ ازاء الحرب التجارية المتنامية بين الجانبين. ويحاول الاتحاد الأوروبي إقناع المجتمع الدولي بأن عقوباته ضد روسيا تستند الى الشرعية الدولية. وقال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بيان صادر عقب اجتماعهم في بروكسل أمس ان العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا " ترتبط مباشرة بانتهاكها للقانون الدولي وجاءت نتيجة ضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم وزعزعة استقرار أوكرانيا". واضافوا "من أجل ضمان وحدة المجتمع الدولي واحترام القانون الدولي يتوقع الاتحاد الأوروبي من البلدان الاخرى لاسيما المرشح منها للانضمام الى الكتلة الأوروبية الامتناع عن اتخاذ اجراءات تهدف إلى استغلال الفرص الناجمة عن تطبيق هذه العقوبات" ما يعني أن بروكسل تدعو بلدانا اخرى الى عدم سد الفجوة بزيادة صادراتها الغذائية إلى روسيا. ومع ذلك يرى المحللون أن البلدان الأخرى ليس عليها الزام قانوني بالاستجابة لمطالب الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الشأن يطرح المحللون تساؤلات حول رد فعل دول الاتحاد الاوروبي ازاء الامتناع عن استغلال الفرص التجارية في حال نشأ وضع مماثل بين روسيا ودولة أخرى غير أوروبية. يذكر أن قيمة الصادرات الأوروبية من الأغذية والمشروبات الى روسيا تبلغ 3ر11 مليار يورو وفقا لبيانات عام 2013 فيما لاتتعدى قائمة المواد المحظورة من روسيا نحو 3ر5 مليار يورو. واعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي حصول مزارعي الخوخ والناكتارين في أوروبا على تعويض عن الخسائر التي تكبدوها جراء الحصار الروسي فيما يتوقع أن تعلن المفوضية الأوروبية الاسبوع المقبل اجراءات لتحقيق الاستقرار في السوق الزراعية الأوروبية. وينتاب الأوروبيين مخاوف متزايدة نتيجة الحظر الروسي في حال أغرقت الأسواق الأوروبية بالمنتجات الفائضة ما سيؤدي إلى انخفاض حاد في الأسعار. ومن المقرر أن يعقد وزراء الزراعة الأوروبيين اجتماعا استثنائيا مطلع سبتمبر المقبل لتقييم الوضع فيما تحذر وسائل الإعلام الغربية من عواقب الحرب التجارية بين روسيا والغرب. وفي هذا السياق ذكرت صحيفة (فولكسكرانت) الهولندية اليومية انه "لا يمكن لمجموعة صغيرة من الشركات الهولندية أن تتحمل العواقب الاقتصادية لحرب تجارية سياسية" مشيرة الى أن "دفع التعويضات ليس بالأمر الهين وله عيوب كما ان المستهلكين سيقعون ضحية تحديد الأسعار التي ستضعها الدولة وزيادتها لذلك يجب على الدولة إيلاء اهتمام لكيفية تنظيم تلك الاجراءات وتنفيذها". من جهتها علقت صحيفة (اس ام أي) السلوفاكية بالقول إن روسيا ستشعر بآثار تلك العقوبات أكثر من الغرب مرجحة أن يكون وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أفضل في تحمل تلك التبعات ولكن على المدى القصير ما سيدفع "الساسة الغربيون الى تحمل تبعات العقوبات دفاعا عن الديمقراطية والقانون الدولي والاستقرار الأوروبي لاسيما أن التضامن مع أوكرانيا أمر غير قابل للتفاوض". ومع ذلك حسبما أوردت الصحيفة "فإن معظم الناخبين الأوروبيين لن تقنعهم تلك المبادئ وهم يتعرضون للتهديد فبالنسبة للعديد منهم فإن مشاعر القومية تحمل وزنا أكبر من الرغبة في الدفاع عن قيم مجردة أو إظهار تضامن مع دولة بعيدة(أوكرانيا)". وفي المقابل حذرت صحيفة (نوفايا غازيتا) الروسية من أن العالم على شفا حرب اقتصادية عالمية لن ينجو منها سوى الولايات المتحدة والصين. واكدت الصحيفة "نشوب أول حرب اقتصادية عالمية تصيب بشررها جميع شعوب العالم وبدلا من المدافع فإن تلك الحرب ستلجأ الى استخدام العقوبات و- مثل المدافع - سيخسر فيها كلا الجانبين ".