الرباط ـ المغرب اليوم
في وقت تختار الحكومة خطاب طمأنة بشأن تراجع الأسعار خلال رمضان، آخره حديث الناطق الرسمي باسم الحكومة الخميس الماضي عن كون التضخم في تراجع، وبالتالي ستنخفض الأسعار قبل رمضان، إلا أن خبراء يعتبرون هذا الحديث “مجانبا للصواب”، وأن “هذا التراجع ظرفي ولابد من الحيطة والحذر في التعامل معه”.وفي هذا الإطار قال عبد النبي أبو العرب، الخبير الاقتصادي، إن “مستويات التضخم عرفت منحى تنازليا مستمرا طيلة سنة 2023، بلغت نسبته أعلى مستوياتها في الشهر الأول من سنة 2024، وذلك راجع إلى عدد من الأسباب”.
أول الأسباب التي ذكرها أبو العرب في حديثه “هو السياسة النقدية التي تبناها البنك المركزي، وآتت أكلها”، قائلا إن “رفع نسبة الفائدة بـ150 نقطة إلى 3 في المائة حد بكل تأكيد من الطلب على العملة”، وزاد: “يمكن أن يكون من الصعب إجراء تقييم دقيق الأثر، لكن هذه الإجراءات كانت بأثر إيجابي على مستوى السيولة النقدية، لأن مستويات دعم البنك المركزي في الأسواق المالية تراجعت بسبب تراجع الطلب على السيولة النقدية بسبب ارتفاع تكلفتها، وهو ما يكون له تأثير بطبيعة الحال على مستوى التضخم”.
العامل الثاني، بحسب المتحدث ذاته، له علاقة بمستوى الأسعار على المستوى الدولي، موردا: “هناك منحى تراجعي للأسعار على المستوى الدولي، فالاقتصاد العالمي تعافى بشكل ملحوظ من تبعات أزمة كوفيد، وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أكملت سنتها الثانية، وقد أصبحت معطى إضافيا في المعادلة الاقتصادية الدولية، لكن الاقتصاد العالمي تمكن من تحييد أثرها السلبي”.وتابع الخبير ذاته: “من الملاحظ أن أسعار البترول والغاز تراجعت أيضا بسبب تراجع الطلب العالمي، فكان لذلك تأثير على مستويات التضخم العالمية التي تراجعت”.
أما على الصعيد الوطني فقال أبو العرب: “عرفت أسعار الخضروات والمواد الغذائية تراجعا في المغرب بفضل الوفرة، والظاهر أن قرار موريتانيا رفع التعريفة الجمركية على هذه المنتجات بالضعف كان له تأثير على وفرة هذه المواد، وعلى انخفاض أثمانها في السوق الداخلية، خاصة أن هذا القرار تم فرضه بداية من شهر يناير المنصرم الذي تزامن مع تراجع التضخم إلى أدنى مستوياته منذ سنة ألفين وواحد وعشرين”.
وجوابا عن سؤال: “هل سيستمر التضخم في التراجع طيلة سنة 2024؟”، قال المحلل ذاته: “المسألة مرتبطة بحالة الجفاف التي يعرفها المغرب أيضا هذه السنة. والظاهر أن المؤشرات تدل على أن السنة ستكون أصعب من سابقاتها، وهو ما سيكون له تأثير على حجم الإنتاج الزراعي في المملكة”، وأردف: “لهذا أعتقد أنه لا بد من الحذر في التعامل مع هذه المعطيات، التي تدل على أن هذا التراجع ظرفي فقط، ومن المنتظر أن تعود الأسعار إلى الارتفاع بالنظر إلى ارتفاع الطلب خلال شهر رمضان، وبالنظر إلى أنه كلما اقتربنا من فصل الصيف وفصل الخريف كلما عرفت الأسواق ندرة في المنتجات بسبب الإجهاد المائي الذي يبلغ ذروته في هذه الفصول”.
من جانبه قال محمد جدري، الخبير الاقتصادي: “أعتقد أن المغرب بدأ يعيش في الآونة الأخيرة تباطؤا في الموجة التضخمية، خصوصا خلال شهر يناير الماضي، بسبب ثلاثة عوامل أساسية”.وأضاف جدري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “العامل الأول هو استقرار أسعار المحروقات ومجموعة من المواد الأولية، والثاني يتعلق بموجة الحرارة التي مرت منها المملكة المغربية، وساهمت في نضج عدد من المنتجات الفلاحية بسرعة كبيرة، فيما العامل الثالث يرتبط بالرسوم الجمركية التي أدت إلى عرض كبير للمواد الغذائية الفلاحية في السوق المحلية، وبالتالي تراجعت أسعار المواد الفلاحية في شهر يناير الماضي بأربعة في المائة”.
وتابع المتحدث ذاته: “صحيح أن مختلف المواد الغذائية خلال شهر رمضان المقبل ستكون متوفرة، لكن نعرف أن هناك سلسلة من الوسطاء والمهربين والمحتكرين، وبالتالي من المتوقع أن ترتفع الأسعار على الأقل خلال الأسبوعين الأولين من شهر رمضان؛ وعليه فالحديث عن أن الأسعار قد تكون مستقرة في رمضان القادم أمر مجانب للصواب”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :