بيروت ـ جورج شاهين
عاد الرئيس اللبناني ميشال سليمان، والسيدة الأولى وفاء سليمان والوفد المرافق، قبل ظهر الأربعاء، من زيارة لافريقيا شملت أربع دول هي السنغال، وكوت ديفوار وغانا ونيجيريا، حيث أجرى محادثات مع رؤساء هذه الدول تهدف إلى تعزيز العلاقات، وأثمرت عن توقيع 10 اتفاقات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية وتبادل الاستثمار. والتقى سليمان السفراء العرب المعتمدين في هذه الدول، حيث أطلعوه على أوضاع الجاليات العربية عمومًا في القارة الأفريقية، إضافة إلى البحث في السبل الكفيلة بتأمين حضور عربي دبلوماسي وسياسي متوازن في أفريقيا، يعكس حجم الحضور اللبناني والعربي فيها، وإلى جانب هذه اللقاءات الرسمية والاستقبالات الشعبية، كانت للرئيس اللبناني 5 لقاءات مع الجاليات اللبنانية، في هذه الدول للاطلاع على أحوالها ونشاطاتها وعلاقاتها مع المسؤولين في هذه الدول التي تجاوب رؤساؤها مع الدعوة التي وجهها إليهم سليمان لزيارة لبنان، ووعدوا بتلبيتها في أقرب وقت ممكن، كما انعقدت اجتماعات مع رجال الأعمال الأفريقيين من أصل لبناني حثهم فيها على الاستثمار في لبنان، ومهد لرجال الأعمال ضمن الوفد المرافق، لإجراء اجتماعات مع نظرائهم الأفريقيين لهدف تبادل الاستثمار. وأثمرت جولة الرئيس اللبناني الأفريقية، عن قرارين بإعادة سفارتي السنغال وكوت ديفوار، قبل نهاية العام الجاري، فيما تحولت محطة التوقف التقني في الجزائر إلى زيارة رسمية، بعدما حرص الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على استقبال الرئيس سليمان واصطحب معه رئيس وزرائه ورئيس مجلس الشعب وعدد من الوزراء، حيث انعقدت محادثات موسعة دامت أكثر من ساعتين، تم في خلالها البحث في سبل تعزيز العلاقات. وفي لاغوس، التقى سليمان أبناء الجالية اللبنانية، وتحدثت قنصل لبنان في لاغوس ديما حداد مرحبة بالرئيس والسيدة الأولى والحضور، ثم قال سليمان "اليوم بالذات وانا معكم، يجري تنصيب البابا الجديد في الفاتيكان، يحضره رئيس المجلس النيابي ومجلس الوزراء إلى جانب البطريرك الراعي ورئيس جمهورية لبنان هنا في نيجيريا، وأقول ذلك لأنه يدل على مدى أهمية لبنان العيش المشترك، وأقول أن الاعتداء الأخير على الشيخين هو مشهد غريب عن القيم اللبنانية والمشهد اللبناني ونستنكره ونحيي جميع الأفرقاء الذين رفعوا الغطاء عن المرتكبين، وإن لقاءنا بالجالية اللبنانية في أفريقيا تأخر كثيرًا، ولكن الزيارة مهمة جدًا، وأعطت ثمارها وستعطي ثمارًا في المستقبل أكثر، والمهم أنها فاتحة خير للطريق نحو علاقات أكثر توطيدًا واكتشفنا أن القارة الأفريقية فيها أبطال من لبنان صمدوا هنا رغم الصعوبات، وكان هدفهم فقط البقاء إلى جانب هؤلاء المواطنين وإعمار هذه البلاد معهم وليس منافستهم واستغلالهم، وأهل البلاد يحبونهم واكتشفوا فيكم النوايا الحسنة ونتمنى لكارلوس وعماد أن يتحرروا في أسرع وقت ممكن، وصحيح أنكم من أهل البيت ولكن هناك منافسة غير شريفة يقوم بها أعداء لبنان لأنكم تدافعون عن القضية المركزية التي تحملوها، وأنتم قمتم بالأنماء والتطوير في هذا البلد وأولها مشروع (إكو أتلانتيك) الذي زرته وغيرها ن المشاريع المهمة التي نفتخر بها، وميزة المغترب اللبناني أنه يحترم العادات والتقاليد، وهذا أمر محط اهتمام ومحبة من قبل المواطنين هنا والحكام، والزيارة هي للتعبير عن دعمكم ومحبتنا لكم، وهدف الزيارة هو تأسيس علاقات ثنائية مع الدولة والحكام لتصل إلى المستوى العلاقات الإنسانية التي بينكم وبين مواطنيها، وقد وقعنا مع الحكومة النيجرية مذكرة تفاهم تمهد لاتفاقات عدة، ويتبع هذه الزيارة تبادل لزيارات المسؤولين، وهناك دولتين ستفتح سفارات لها في لبنان مثل السنغال وكوت ديفوار، والرئيس النيجيري سيزور لبنان قريبًا، ولديكم قلقًا كبيرًا على لبنان جراء الاضطرابات الكثيرة حول الوطن من أن تنعكس على وضعه الداخلي، ولديكم خوف من أن يدفع لبنان ثمن ديمقراطية الآخرين، وقد دفعنا كفاية ثمن حريتنا وديمقراطيتنا، ولا نريد أن ندفع ثمن حرية الآخرين، ولكن يجب المحافظة على نظامنا وحريتنا وسلمنا الأهلي، فلبنان دفع ستين سنة لأنه كان ديمقراطي واتخذ ساحة للصراعات، وأنتم وأهلكم من ضمن الفواتير التي دفعت، والقلق موجود جراء تحول الاضطرابات إلى تطرف، وأعداء العرب يعملون على ذلك لخلق أنظمة لا تعترف بالديمقراطية". وأضاف الرئيس سليمان "سيبقى لبنان واحة الاعتدال، حيث يوجد فيها تفاعل وحوار بين الأديان والثقافات، ولذلك أخذنا قرار إعلان بعبدا، وهو حياد لبنان عن الأزمات المحيطة به، وقد استطعنا بفضله أن نحيد لبنان عن الأزمة في سورية، وإن شاء الله الحوادث الصغيرة كافة لن نسمح لها بالتوسع والانتشار، وعلينا التمسك بإعلان بعبدا قولاً وفعلاً، ولبنان لم يحضر لا اجتماعات للمعارضة ولا الموالاة، وهذا ما سمح للبنان اتخاذ مواقف النأي بالنفس، مع تمنياتي أن نحصل على حل سياسي ديمقراطي وبخاصة في سورية من دون عنف، ونتمنى على السوريين عدم التعرض بالقصف للبنان، وإذا كان هناك شك أحيانًا بوجود مسلحين فهناك قرار من الدولة اللبنانية أن يقوم الجيش بتوقيف عمليات مرور المسلحين والسلاح، وقد سمعنا الأربعاء نفي من السوريين، وأنا أتمنى ذلك، ولكن معلوماتنا تقول بحسب الاتصالات التي قمت بها مع قيادة الجيش إنه حصل قصف من دون أي إصابات"، موضحًا "نحن مع الديمقراطية وتداول السلطة ولا نوجه كلامنا ضد أي نظام، وهناك بعض الثغرات والإشكالات في الطائف، ويمكن أن تُعالج على قاعدة توزع المسؤوليات، وليس تنازع في الصلاحيات، وهو ساعدنا على تخطي الكثير من الصعوبات، وسمح لنا أن نعبر عن مواقفنا في للمواضيع الخارجية، وسمح لنا تخطي الأزمة المالية العالمية وحصول الازدهار، إن لبنان بلد الانفتاح والاعتدال، وهذا ما صوره الطائف ومن الطبيعي أن يكون هناك صراع بين التطرف والانعزال، ولكن في النهاية سينتصر للبنان الاعتدال، فيجب تحصينه ليستمر أكثر ولكي يفيد ويؤسس دولة عصرية متطورة وذلك عبر متابعة تطبيق بنوده كالمركزية الإدارية والإنماء المتوازن في بعبلك والهرمل وعكار، وبناء السدود وإلغاء الطائفية السياسية، أي أن نضع قوانين لا ترتكز على الطائفية للاختيار، بل على المواطنة أي المناصفة على قاعدة المواطنة، بالإضافة إلا مجلس للشيوخ يمثل العائلات الروحية، وهذه الخطوة يجب أن نصل إليها عاجلاً ام آجلاً، وإن إقرار قانون انتخابي هو أمر مهم جدًا، لا نريد قانون مذهبي للانتخابات غريب عن الصيغة اللبنانية، وأقول إن القانون الحالي ينص على اغتراب المغتربين، وأريد أن أخصص لهم قانوًا خاصًا جديدًا من دون تحديد طوائف، ويجب إشراك المرأة في المجلس النيابي ومجلس الوزراء ولو بنسبة 25 %، وانتخاب الشباب في سن ١٨ سنة، والأمر الآخر هو إقرار قانون استعادة الجنسية، وهو أصبح جاهزًا للتوقيع، إضافة إلى فصل النيابة عن الوزارة، وكذلك تطوير بعض القوانين وأهمها قانون الشراكة بين القطاع الخاص والعام وتحديث قانون الأحوال الشخصية، أي إيجاد طريقة لتسجيل الزواج المدني من دون أن يتعارض مع المشاعر الدينية، كذلك إقرار القانون العنف الأسري ومنع العنف ضد المرأة، إضافة إلى إصلاح قانون الأحزاب والجمعيات، وأيضًا إيجاد آلية شفافة لاستثمار الغاز والنفط، وهي ثروة أنعمها الله علينا، لذلك يجب تأمين صندوق سيادي لها من لحظة طرح الالتزام إلى بدء عمليات التنقيب، عندها يتحسن الوضع الاقتصادي في لبنان وستأتي الاستثمارات إلينا، والأمر المهم هو تعزيز الجيش اللبناني وقائد الجيش يقول الآن إن العسكر لا ينام، وهذا صحيح، فيجب تعزيز الجيش وحمايته وتحصينه، وكل من يتطاول على الجيش يجب أن يتحاسب من الشعب، وليس ضروري من القضاء بالانتخابات على الأقل، وهو يمثل رمز وحدة الوطن ومميز بتركيبته المكونة من كل الطوائف وحاربوا إسرائيل إلى جانب المقاومة وحاربوا في نهر البارد وقضوا على الإرهاب، وانتم هنا في لاغوس تبرعتم لأهالي شهداء الجيش، وأنا حولتها إلى صندوق موثق لهؤلاء العائلات، والجيش اللبناني يحب شعبه وشعبه يحبه وحافظ على الحرية والديموقراطية ولم يطلق النار على المواطنين العزل رغم أنه تعرض كثيرًا للإهانات والانتقادات، وهو أمر مهم يسجل للجيش اللبناني وللشباب اللبناني الذي تظاهر من دون أن يعتدي على الأملاك العمومية، فالجيش بحاجة للتجهيز وهو بحاجة للمساعدة، ويجب العودة إلى طاولة الحوار ونقر الإستراتيجية الدفاعية التي تحملت مسؤوليتها أنا، والجيش يدافع عن الأرض وعندما لا يستطيع ذلك، يستعين بالمقاومة، إلى حين أن يتمكن من منع الأعتداء على الأراضي والأجواء اللبنانية، وعندها يكون وحده فقط حامل البندقية، ويدافع ويساهم في عمليات الإنماء".