القاهرة -ا ش ا
حين تصبح الأغاني سيرة شخصية مرتبطة بمواقف بعينها في الحياة، تكتسب الموسيقى والكلمات أكثر من معنى، وتحمل دلالة لم تخطر على بال مؤلفها أو مغنيها، وتتحول إلى خيط من نسيج الذاكرة.
وقبل أن يلتبس الأمر على قارئ كتاب عمر طاهر "إذاعة الأغاني" يأتي العنوان الفرعي "سيرة شخصية للغناء" ليشير إلى أن المؤلف لا يستهدف التأريخ للأغاني ولكنه يتقصى السياق "التاريخي" الذي جعل هذه الأغنية أو تلك جزءا من مزاجه وذائقته وتاريخه الشخصي. ولا ينسى المؤلف أن يمزج بمهارة -على طريقة المونتاج المتوازي في الأفلام السينمائية- موقفا كان طرفا فيه أو شاهدا عليه بأول مرة يسمع فيها أغنية ما فتظل مرتبطة بالموقف وتستدعيه بتفاصيله، لدرجة أن تصبح الأغنية أحيانا نوعا من التعذيب أو مصدرا للسعادة.
وفي بعض الفصول، لا يمر طاهر بالمطرب أو المطربة مرورا عابرا، ولكنه يتوقف أمام تاريخه الشخصي والفني، فيحتل مساحة لا تقل عن مساحة دراما الموقف.
ويسجل ما يشبه التراجيديا للمطربة المصرية نجاة علي "1910-1993" فيروي كيف تعثر مشوارها الفني بسبب توالي العثرات الشخصية، والكتاب الذي أصدرته "دار الكرمة للنشر" في القاهرة ويضم فصولا من "السيرة الشخصية".