الرئيسية » مراجعة كتب

بيروت - وكالات

في رواية "ملكوت هذه الأرض"، تصور الروائية اللبنانية هدى بركات جماعة لبنانية في معقلها الجبلي، وتتحدث عن حروبها، وأيامها الجميلة، وتقاليدها، وأوهامها، وتحكم الإقطاعي، ورجل الدين فيها. تبدأ بركات سردها متناولة فترة من الزمن تمتد نحو قرن في الماضي لتصور لنا هذا المجتمع الصغير وما لحق به من تطورات مع دخول مظاهر الحياة الحديثة إليه. في أحيان كثيرة تدخل اللغة المحكية إلي روايتها، وهو أمر على رغم من غرابة بعض تعابيرها ومصطلحاتها، يجعل النص أكثر حياة وواقعية. وهي في الحديث عن "حروبه" وعداواته تشير إلي عداوة قديمة قامت بين بلدة هذه الجماعة وهي بشري، وبين بلدة مسيحية مارونية أخرى أيضًا في جبل لبنان الشمالي هي زغرتا، وقد تحولت البلدتان الآن إلي مدينتين. وتسيطر على كثير من أفراد هذه الجماعة عقد ذنب ومصائر تبدو مكتوبة عليهم، بعضها ليس من صنعهم هم، بل ورثوه عبر تراثهم الإيماني وهو "الخطيئة الأصلية" التي تلحق بالمسيحي، وعليه أن يكفر عنها طوال عمره. طنوس، الشخصية الأبرز في الرواية، مع شقيقته سلمى، يمر في أكثر من حال من حالات الشعور بالذنب. وسيطر عليه شعور بأنه، وهو الولد الصغير، ما كان يجب أن يطيع والده الذي أمره أن يتجه إلى القرية، وبقي هو في الجبل حيث قضى "وافترسته الذئاب والضباع". وفضلا عن الشعور الموروث وهذا الشعور الجديد نجده بعد أن حاول الانضمام إلى الرهبان والتحول إلى واحد منهم، وبعد عدم قبوله في سلك الرهبنة، وقد تفاقمت حدة مشاعره، إذ خيل إليه أن المسيح لا يحبه، ولذا فقد رفض في سلك الرهبنة. ثم أن طنوس وشقيقته وصهره نجيب وجدوا أنفسهم في وضع لم يكونوا يتصورونه، انجروا إليه بسبب الخمر، إذ اضطروا بل اضطر نجيب إلى قتل ضابط فرنسي كانوا في سبيل القيام بنوع من العمل التجاري السري معه. هرب طنوس إلى سوريا، وأشيع في البلدة أنه سافر إلى أستراليا. وغاب سنوات هناك إذ بقي سنوات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وجلاء الفرنسيين. عمل في الغناء إذ كان صوته جميلا كما كان صوت والده الراحل. بعد  هذا الحادث رافقه كما رافق أخته سلمى هذا الشعور الجديد بالذنب.              وزاد من شعوره بالذنب وبعدم الجدوى أنه كان قد أحب حلا، ابنة عمه، وتركها تذهب إلى شخص غيره تتزوجه. أما سلمى تلك التي كانت مثل شمعة تحترق من أجل العائلة، فهي بعد أن كبرت كانت تحاكم نفسها وتقول لذاتها إنها لم تفعل ذلك تضحية من أجل إخوتها وأخواتها، بل لأنها لم تعرف الحب ولم تهتم بأحد من الرجال، ربما لخلل في نفسها كما صارت تعتقد. وتتغير أمور في البلدة إذ إن هذا المجتمع الزراعي البسيط سرعان ما دخلت إليه مظاهر الحضارة في صورة الفنادق ومؤسسات التزلج على الجليد في تلك المنطقة التي تعتبر الأكثر ارتفاعا في لبنان. وفي الصيف يتحول المنتجع الشتائي الى مصيف تنتشر فيه الفنادق والمباني الفخمة. وتتوسع حلقة اتصالات أهل البلدة، إذ أستأجر عدد منهم بيوتًا في بيروت بسبب الدراسة أو العمل. وسكنوا في المناطق الشعبية، حيث تجاوروا مع مسلمين ومع أرمن، ودخل شبان من البلدة ومن العائلة في الحركة السياسية وفي الصراعات والتظاهرات التي كانت تجري في لبنان قبل حرب سنة 1967 العربية الإسرائيلية وبعدها. وما لبثت المشكلات الفلسطينية اللبنانية أن بدأت وتقاطعت طرق شبان العائلة مع طرق أحزاب وجماعات مختلفة، وصارت الجماعة إلي حد بعيد جزءًا من الجماعة اللبنانية الكبرى بعد أن نشبت الحرب الأهلية عام 1975.وقد عادوا إلي بلدتهم هربا من الحرب. مرت الأيام فلا طنوس تزوج ولا سلمى، وتقدم العمر بالإثنين. حدّث طنوس سلمى عن العمر ومرّ الزمن قال: "أفكر أننا بعد خروجنا هكذا من الحياة، وبعدما عدنا إلي مرتفعاتنا الثلجية هذه كرعيان خائبين، وقد أضاعوا قطعانهم ينبغي أن ننسى. ينبغي أن نترك الكلام لمن سيأتي بعدنا. فنحن الذين لم نفهم ما الذي حدث لحيواتنا في الماضي، علينا أن نترك الرواية لفصول آتية لا نقدر الآن على أن نتخيلها ولو في الأحلام".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي
وزير الداخلية المغربي يدعو إلى التصدي للنقل "غير القانوني"…
رئيس الحكومة المغربي والشيخة المياسة يفتتحان منتدى الأعمال القطري…
إرسال دفعة إضافية من المساعدات المغربية إلى مدينة فالنسيا…

فن وموسيقى

حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…

الأخبار الأكثر قراءة