الرئيسية » مراجعة كتب

بيروت ـ المغرب اليوم

يدور كتاب "صراع التيارات في السعودية" لعلي بن محمد الرباعي في فضاء السؤال النقدي "لمصلحة مَن الصراع بين التيارات؟ ليس انكارا لمشروعية الصراع، اذ هو ضرورة في حياة الشعوب الحية العاقلة الساعية لايجاد "الممكن للتعايش" و"التوافق على المشتركات"، انما لتظهير خلفية الصراع وغائيته. يقول مؤلف الكتاب ان فكرة الكتاب نبعت من استقرائه الواقع الثقافي الشعبي الايديولوجي في السعودية منذ توحيدها مطلع الثلاثينات من القرن العشرين. هذا البلد الذي شهد "على اتم وأكمل مشروع سياسي شهدته الجزيرة العربية في تاريخها الطويل "كما يقول المؤلف بفضل جهود الملك عبد العزيز الذي "أسس فينا وبيننا لغة مليئة بالحياة وحب الوطن واستنفرنا جميعا للانضواء تحت مظلة عدله فأعلى من قيمة المواطن"، وعمل على تحقيق "الانتماء والولاء الى الوطن، فعم النور والتنوير وارتفع مؤشر النمو المعرفي والاجتماعي والاقتصادي، وصار معه هذا البلد "حصنا للحق وحصنا آمنا للمضطهدين"، لكن البلد الذي يغذي دول العالم بالموارد البترولية "لم يستطع ان يغذي شعبه بالوعي وتجاوز الجدل العقيم". وتضاف الى هذه المشكلة وتتضايف بها مشكلة استغلال البعض الدين كسلطة لتشويه مفهوم الوطن في الاذهان والواقع، "فلم تنجح الثقافة السائدة في مدّنا بأدوات التحول الى مجتمع منتج في افكاره وطرحه وصناعته". ويرى انه "باسم الدين" وباستمرار "التجاذب بين سلطة لا تعتمد على منهج دستوري وتيارات متدينة تدعي لنفسها صوابية الحق في الوصاية على الشعب"، الذي بات لا يعرف سوى "الوجه القبيح الذي ليس ديموقراطيا كما نحب، وليس اسلاميا كما يجب". وإزاء هذا الواقع وما يجري في العالم من انقلاب وانفلات "ما يجذر للمزيد من التسلط في ظل غياب دولة القانون والمؤسسات وتسويغ التيارات المتدنية للمتسلطين منهجهم بذريعة الحكم بشرع الله". الا ان السعودية اليوم تعيش زمن الاصلاح وفق توجهات الملك عبدالله "وما اعتمده من منهج اصلاحي يقوم على بعدين تنموي ووقائي اخرج المواطن السعودي من منطق الوصاية الى الباحث عن حقوقه ومشارك في الوطن من خلال مؤسسات مدنية موازية رقابية وشورية". ولتتأصل هذه الشراكة ويتحقق التقدم وفق منظومة دولة القانون ومجتمع المؤسسات، يطرح المؤلف التساؤلات المحرضة للتنقيب عن المشكلات التي تعيق التقدم. مؤكدا ان ازمة المجتمع ليس مع السلطة "فنحن نجمع على شرعية قيادتنا وهي في اولوية ثوابتنا مع اهمية طموحنا جميعا لعصرنة الانظمة وتطوير ادواتها كونها وسيلة حضارية لحفظ الكينونة واعلاء شأن النظام ومنع التسلط". ولأن الصلاح والاصلاح يستدعيان النظر في شروطهما وامكاناتهما لئلا يتحولان الى قمع ووأود معرفي وقتل معنوي ينتهي الى تشطير العباد وتشظي البلاد، كما هو حال الدول العربية الاخرى. يسعى المؤلف الى اماطة اللثام عن الواقع وما يعوقه عن "مواكبة الامم" "فتاريخنا كله محنة والحالة العدائية متأصلة في العرق العربي يمارس العدوانية ذاتها بآليات متقدمة ومتطورة. بتطور روح العصر"، ورغم "نصوص القرآن الكريم واحاديث السنة النبوية الصريحة التي تقوم على الحب والتآلف وتعزيز اواصر القربى بين المسلمين"، يبقى الفرد متأرجحا بين الكراهية والحب "لا يعرف لماذا ولا متى يأتي"، مبررا دائما الكراهية جاعلا الدين سببا للفرقة، ومتجاهلا حقيقة الدين والعادات العربية الاصيلة والاخلاق الانسانية. ويستبدل هذا العجز والضعف "بتبني العنف المبني على فهم مغلوط للرؤية الجهادية"، وسيطرة الظن على الفكر مع غياب الفكر التحليلي البرهاني العلمي في ظل ثقافة وتعليم تلقيني تقليدي مما يسهل الانصياع الى فتاوى تصدر عن رجل دين "يتلاعب بالنصوص ويفقد الدين خاصيته وقدسيته"، ويتسلط على الفكر ويستعبد العقل" ويضيع الانسان في فوضى الفتاوى وعبثيتها ويفشل الاصلاح"، باعتبار ان الاصلاح اكبر عدو يتصدى للمسترزقين بعبادة التدين الشكلي". لذا لا يستوي الاصلاح الا متى تأسس على السؤال: "ماذا قدمنا للناس من افكار خلاقة ارتقت بهم اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا؟" ولأن مسألة الفتوى تتطلب حكما ودراية فلا بد من اطلاق حرية العقل والاحتكام اليه "لتشريع قوانين صادقة تمنع المتطاولين على الوطن والشعب". ويتم تحصين المجتمع وتغذية النشء منذ سني الدراسة الاولى بقداسة الوطن وحرمة المال العام ودحر الانانية القائمة على الحصانة المفرطة". وتنتزع من النفوس "التراكمات السلبية الماضوية" ويتحقق المجتمع المدني بالتدرج الواعي حيث يكون للمثقف دور اساسي فيه، فدوره لا يحتمل ان "يكون ملاكا، انما الا يغدو شيطانا" ولعل أهم وأحق وأقوم من اي اصلاح هو "الثقة بالعدل واحترام الناس"، اذ ان "انجح الحكومات التي حافظت وتحافظ على بشرية الانسان وانسانية البشر". ويرى الرباعي "ان الاهم من تفكيك الخطاب الوعظي الجامد هو تفكيك العقليات التي ترى نفسها مؤهلة لاحتكار الدين وتصديره وتسويقه وفق مشيئتها بما يعطل حياة الناس وحركة المجتمع"، معتبرا "ان العجلة لن ترجع الى الوراء وسيرورة المجتمع حتمية نحو ما يوفر لها حياة كريمة". ويحذّر انه ان لم تفتح الابواب للتحديث وتعزيز نظم حقوق الانسان واقرار دولة الدستور وتقنين الاحكام ورفع الحصانة عن كل مفسد وتوسيع دائرة الشراكة مع الشعب "فستخلع الابواب ويساء الى من وراءها".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

الأردن يؤكد ضرورة دعم سوريا بدون تدخلات خارجية ويدين…
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني…
هبة مجدي تكشف أسباب مشاركتها في الجزء الخامس من…
بشرى تكشف عن أمنياتها الفنية في المرحلة المقبلة
الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة