الرباط - وكالات
إختتمت فعاليات المهرجان الوطني الثالث للوتار التي نظمت بمدينة سطات من طرف جمعية المغرب العميق لحماية التراث بشراكة مع وزارة الثقافة تحت شعار: «إيقاعات الوطن» أيام 5/6 / 7 يوليوز 2013، هذه الدورة عرفت نجاحاً كبيراً، حيث تابعت فعاليات هذا المهرجان عشرات الآلاف من المواطنين الذين حجوا إلى هذا العرس الوطني من خارج عاصمة الشاوية ورديغة.عن هذه المحطة الفنية، صرح للجريدة جلال كندالي، الكاتب العام لجمعية المغرب العميق لحماية التراث، بأن هذا الموعد السنوي هو موعد من أجل إعادة الاعتبار لهذه الآلة التراثية ولروادها الذين حافظوا عليها وطوروها، وأيضاً مناسبة للحفر ومقاربة هذا الموضوع، من خلال الأبحاث والدراسات التي يقدمها مختصون في هذا المجال، وتسليط الأضواء على هذه الآلة الوترية وما يمكن أن تقدمه من إمكانات للانفتاح على عوالم أخرى من الابداع المعاصر. وشدد جلال كندالي على أن هذا المهرجان يعرف تطوراً من سنة إلى أخرى، مطالباً بأن تتوحد جهود أبناء مدينة سطات في غياب وتخلي من أوكل لهم مهمة رعاية مثل هذه المبادرات من أجل أن نجعل من هذه المحطة الفنية موعداً سنوياً تكون في مستوى المهرجانات الكبرى، خاصة بعد أن اتخذ المهرجان الوطني للوتار موقعه على مستوى الإشعاع الذي تخطى أرض الوطن. وعرفت الدورة الثالثة، تكريم الشيخ مولود حمشي الذي عمل إلى جانب فنانين كبار، مثل الحاج مصطفى نعينيعة والمرحوم بوزكري عمران، محمد رويشة، محمد مغني وآخرين. ولازال يواصل عمله مع ابن المرحوم رويشة الفنان حمد الله رويشة، وتكريم الشيخ لكحل العربي الجزار المنحدر من آسفي، حيث تتلمذ على يد العديد من الكبار في هذا المجال. وعرف المهرجان مشاركة العديد من الفنانين مثل عبد العزيز السطاتي، الذي أبدع على آلة لوتار، كما هو حاله مع آلة الكمان، والفنان عمر بوتمزوغت ومجموعة نجيم ومجموعة جوق الملحون من مكناس ومجموعة زرزوقي ومجموعة حسن الصنهاجي ومجموعة لغراد من أقاليمنا الصحراوية ومجموعة المصمودي ومجموعة البهالة اللوز، والعيدي والعماري أولاد بن قربال، ومجموعة الترافح ونجوم امزاب وإخوان لبصير برشيد، وكذلك مجموعة أولاد مولاي أحمد، والشرفة البهالية المير ومجموعة الكازار، في حين نشط فقرات المهرجان الفكاهي عبد العالي فتيح والفكاهي الشرقي السروتي والفنان عبد الغني الصناك. وعرفت الدورة أيضاً ندوة تحت عنوان «آلة لوتار بين الموسيقى العربية والأمازيغية»، حيث تساءل الأستاذ أحمد عيدون في مداخلته ما الذي يجعلنا حينما نستمع إلى آلة لوتار نتعرف على أننا في عمق المغرب نغماً ووجداناً، هل الطابع الصوتي الذي تلتقي فيه مع العديد من الآلات الوترية الافريقية، أم هو التنظيم المقامي أم أن الأمر يعود لطريقة النقد بالريشة والأصابع، وماذا لو كان الأمر يتعلق بترسب في ذاكرتنا من جمل موسيقية يعينها، منذ أن أسهمت التسجيلات الصوتية في ترسيخها داخل محيطنا السماعي، يتساءل الأستاذ عيدون، ويؤكد أن هذه الآلة تنتمي إلى فصيلة الأعواد التقليدية المبثوثة في مختلف أنحاء المغرب، ورغم تنوع أحجامها تعتبر القاسم المشترك بين جهات المغرب، وكلمة لوتار نفسها نجدها في السهول الوسطى الأطلسية، وكنا نجدها في الأطلس الأمازيغي، وفي مناطق سوس وآيت باعمران ضمن فرق الروايس. ويضيف أن لها امتدادا في الصحراء وجنوبها بما يثبت التقارب والتشابه مع آلات افريقية زنجية، وحينما ننتقل من مجال الوصف والمقاربة، يرى أحمد عيدون تمنحنا المقاربة الوظيفية إمكانات تحليلية إضافية تمنح لهذه الآلة قيمة كبرى ليس فقط كمعلمة تراثية، بل كنافذة ممكنة على الإبداع المعاصر. الزجال المبدع ادريس بلعطار أكد أن الثقافة الشعبية تعرضت لتهميش كبير لأسباب مختلفة وعديدة. وفي إطار رد الاعتبار للهوية الثقافية الشعبية، بدأ الاهتمام بدراسة أشكال هذه الثقافة وضمنها العيطة، ولأن هذا الشكل الغنائي ارتبط خلال مراحل تاريخية عبر تداوله والإقبال عليه من طرف فئات اجتماعية بصمته بسمات سلبية، فالعيطة بالنسبة إليهم، هو النشاط والشيخات كمفهوم قدحي، في حين يرى ادريس بلعطار أن هذا الشكل الغنائي الشعبي له جذور شعبية ترتبط بفئات من الحرفيين والبحارة والرعاة وعامة الناس. وكشف بلعطار أن هذا الغناء تضرر بسبب ارتباطه في مرحلة بالقياد والمخزن، حيث تم تحريف مضامين متنوعة مثلا «دار السي عيسى گالوا خلات مقابل لمعاشات»، أصبحت دار السي عيسى كالو زهات.. وجاءت مرحلة لاحقة لرد الاعتبار لهذا الموروث الثقافي، خصوصاً على يد الراحل محمد البوحميدي الذي فتح الباب أمام مجموعة من الباحثين المغاربة والأجانب لدراسة العيطة. ولعل من أهم الظروف لإعادة الاعتبار لهذا الغناء الشعبي، يقول ادريس بلعطار قراءته قراءة علمية لتحديد خصائصه ودلالاته الاجتماعية والتاريخية والفنية. أما الأستاذ عياد السبيعي، أكد أن الموسيقى هي مكون ثقافي يحمل تاريخاً إنسانياً، وهي تبلور حياة التربة على المستوى الحضاري. ولهذا يرى أن الموسيقى مكون طقوسي وأشكال تعبيرية تحافظ على المكون اللغوي. وأكد أن السرب الحساني طرب ارتبط بفئات مجتمعية مزجت بين الموسيقى والشعر، من خلال الهول وازوات، مما يعكس تفاعل الانسان مع معطيات المجال.