لندن - المغرب اليوم
“تشجيع على مشاركة ما لا يمكن تصديقه” هكذا تلخص مؤسسة “غينيس” فلسفة عملها، وتضيف “نعتقد أن الفرح يأتي من الاكتشاف، والتمكين يأتي من تقديم كل ما لديك، والسعادة تأتي من مشاركة شغفك”. وتنشر المؤسسة العالمية نسخة سنوية من كتاب غينيس للأرقام القياسية، وتؤكد أن عملها هو وسيلة لجعل العالم مكاناً ممتعاً وإيجابياً. ووسّعت آفاق أهدافها في نشر الأرقام القياسية العالمية التي تحقق كل عام، والتي لم تعُد تقتصر على الأمور الرياضية أو تحطيم الأرقام القياسية والتفوق على السابقين من محطميها، بل وإيجاد أفكار جديدة غريبة غالباً ما تكون سبباً للمرح أو إثارة الدهشة والسرور لدى الجمهور. إليك القصة الكاملة لأشهر كتاب في العلم كما أعدتها “اندبندنت عربية” نقلا عن مصادرها. الأرقام القياسية هاجس بالطبع، فإن شهرة كتاب غينيس العالمية لم تأتِ من مجرد التحدي لتحطيم الأرقام القياسية في الأمور الغريبة أو المعتادة بين الجمهور، بل من الحشرية العامة لدى الناس في معرفة من وكيف حقق الرقم القياسي؟ وما هو هذا الرقم القياسي؟ وبالطبع لكل شخص ما يستهويه من هذه الأرقام، فهناك من تعنيه الأرقام القياسية الرياضية، وآخرون تلك التي تتعلق بالحيوانات، وآخرون بالأكل… إلخ. فهذه الحشرية تجعل من الكتاب الذي يصدر سنوياً منذ 67 عاماً من بين الكتب الأكثر مبيعاً في العالم، وبشكل سنوي، إذ تضاف في كل عام أرقام قياسية جديدة. وهناك أيضاً مهتمون كثر بالمشاركة في تحطيم الأرقام القياسية من الأفراد أو المجموعات أو حتى البلدان. فالرقم القياسي بات منذ عقود همّاً وطنياً أيضاً، كصنع اللبنانيين لأكبر صحن حمص في مواجهة الإسرائيليين الذين اعتبروا أن الحمص من مائدتهم القديمة. وهناك دول تسعى إلى تحطيم أرقام لتوكيد هويتها كأطول رقصة شعبية أو أكبر علم للدولة وأعلى سارية… وسهّلت وسائل الاتصال الحديثة والفيديو وأخيراً التواصل أونلاين بعد الجائحة في مشاركة عدد أكبر من الناس حول العالم في مسابقات غينيس. ووضعت الشركة قواعد سهلة جداً للمشاركة، ولو كانت المشاركة عن بعد أو عبر الفيديو، طالما أن التحدي يمكن للمشرفين والحكام مشاهدته بدقة وافية عبر الفيديو. هذه الأسباب المختلفة جعلت من كتاب غينيس حول العالم أحد الكتب المستساغة، التي تلقى رواجاً بين هواة التحديات وكسر الأرقام القياسية. وأسهمت الشركة في مثل هذا الانتشار حتى لا تكاد مكتبة عامة أو منزلية تخلو من نسخة من نسخ غينيس، بأن سهلت أمور التواصل والمشاركة والدعاية وإيصال نسخ الكتب إلى من يطلبه، والدعاية والإعلانات لمنتجات مختلفة إلى جانب المنتج الأساسي أي الكتاب. حين بدأ كل شيء بدأت فكرة كتاب تسجيل الأرقام في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي عندما حضر السير “هيو بيفر” (1890-1967)، المدير الإداري لمصنع الجعة “غينيس” مباراة لإطلاق النار على الطيور المجهزة لمثل هذه الألعاب، قبل ظهور الصحون التي يتم التصويب عليها. وأثناء هذه المباراة، اختلف السير بيفر مع زملائه حول من هو أسرع طائر ألعاب في أوروبا، ولم يتمكّنوا من العثور على إجابة في أي مرجع متوفر. عام 1954، خطرت للسير بيفر فكرة الترويج للأرقام القياسية في كتيّب للألعاب، الذي عادة ما يكون موجوداً في الحانات حيث يتسلى روادها بحل الأحاجي وألعاب المعلومات. فوجد فرصة لجعل الأرقام القياسية كما لو أنها لعبة، ودعا صديقيه نوريس وروس ماكويرتر، اللذين كانا باحثين لتقصّي الحقائق لتجميع كتاب حقائق وأرقام. وهكذا تأسست موسوعة غينيس في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، وافتُتح المكتب في غرفتين في صالة للألعاب الرياضية في 107 شارع “فليت”. بدأ العمل في تأليف الكتاب الذي استغرق 13 أسبوعاً، بما فيها عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية. لم يعرف حينها المؤلفان وزميلهما صاحب معامل الجعة أن الكتاب الذي يعملون عليه سيصبح من أكثر الكتب مبيعاً على الإطلاق، وواحداً من العلامات التجارية الأكثر شهرة وموثوقية في العالم. وباتت للمؤسسة اليوم مكاتب في لندن ونيويورك وبكين وطوكيو ودبي وعدد كبير من عواصم العالم، وعدا عن مدرائها والعاملين فيها، هناك أيضاً سفراء العلامات التجارية والمحكمين على الأرض في مختلف أنحاء العالم. “العائلة” وما يعنيه عملها وحول ما تعتقد الشركة أنها حققته حتى الآن، يُكتب في قسم التطلعات في موقعها الإلكتروني “سواء كان حلماً شخصياً مدى الحياة، أو محاولة جماعية داخل شركة مكونة من 5000 شخص، من السهل رؤية قوة تحطيم الأرقام القياسية وتأثيرها في إلهام الأعمال والإنجازات المذهلة كل يوم”. “نشعر أننا أنشأنا بيئة عمل فريدة نفخر بها” في التعريف بنوع العائلة التي يؤلفها العاملون في المؤسسة. ففي “غينيس للأرقام القياسية” هناك آلاف من العاملين حول العالم وأكثرهم من أصحاب المهارة في القسم الذي يعملون فيه، فهم من متخصصي الأبحاث وخبراء الأحداث والمسوقين ومنتجي المحتوى ومقدمي البرامج التلفزيونية والتقنيين والمحكمين على الأرض، ومراقبي الجودة والنوعية، ومن المعلنين ومخترعي طرق الإعلان الحديثة، ومن المساهمين في إيجاد قطاعات جديدة وأقسام مختلفة وأنواع معاصرة من الأعمال أو الهوايات التي لا بد من تحطيم الأرقام القياسية فيها. ولمعرفة معنى الحديث عن العاملين في المؤسسة، لا بد من عرض هذه الأرقام للدلالة على حجم العمل الذي يقومون به. مثلاً يصل إلى مكاتب غينيس ما يقارب 500 ألف طلب من 174 دولة سنوياً للاشتراك في تحديات كسر الأرقام القياسية. لذا يتوزّع ما يقارب 900 حكم في 60 دولة سنوياً، و65 محكماً في 9 دول يتحدثون 11 لغة. وتم اختيار 3 ملايين رقم قياسي جديد في آخر 12 شهراً. وبيع 134 مليون كتاب حتى الآن على مستوى العالم، وبيع 2.7 مليون عام 2014 في 100 دولة و20 لغة، ويتم تنزيل أكثر من 3 ملايين كتاب إلكتروني وتطبيق سنوياً، وتوجد مكتبة لما يقرب من 825 ساعة من اللقطات التلفزيونية، وكان عرض غينيس التلفزيوني الأعلى مشاهدة في الصين عام 2014، فبلغ حينها عدد المشاهدين 211 مليوناً على قناة “CCTV” الصينية الرسمية. وهناك ما يقارب 750 مليون مشاهد تلفزيوني سنوياً. المسؤوليات والشغف “بصفتنا مبتكرين لواحد من أفضل الكتب مبيعاً على مستوى العالم، فإننا ندرك تماماً المسؤوليات التي تقع على عاتقنا لإنتاج وتوزيع كل نسخة بأكثر الطرق استدامة ممكنة”. وعملية إصدار الكتاب تُعتبر من أسس أعمال مؤسسة غينيس، عدا عن الدعاية والمساهمة في نشر الأفكار البيئية المستدامة، وبيع المنتجات المختلفة على حدة، إلا أن الكتاب الذي ينتظره جمهور واسع حول العالم يخضع للمتابعة الأساسية وللتحسين في كل عام، على أن يتم إخراجه بأكثر الطرق جذباً ومعاصرة في عالم التصميم لما يشجع الأجيال الجديدة على تصفّحه. وتحرص الشركة على أن تكون طباعة ملايين النسخ من الكتاب صديقة للبيئة، فتهتم لنوع ومصادر الورق والحبر التي تستخدمها لإنتاج الكتب، إضافة إلى ضمان تلبية شركات سلسلة التوريد أي التي تلاحق الكتاب من المطبعة حتى وصوله إلى القارئ، أعلى المعايير الدولية للإنتاج المستدام وإدارة الطاقة. ومن ضمن طرقها للترويج عن نفسها، تقول غينيس إن مجموعتها الأم في إنجلترا أو المكتب الرئيس في فانكوفر في كندا وكل مكاتبها حول العالم، تلتزم تقديم الإقرارات الضريبية ويتم سداد المدفوعات في الوقت المحدد. وتضمن المجموعة أيضاً استخدام الإعفاءات الضريبية والائتمانات التي توفرها التشريعات لتحسين التدفق النقدي بعد الضريبة، الذي يمكن إعادة استثماره في العمليات. ويشترط على الأرقام القياسية تتبّع معايير معينة، بما فيها أن يكون الرقم القياسي قابلاً للقياس، ولا يُقبل أي نوع من الطلبات غير الموضوعية، كالجمال واللطف والعاطفة. ويجب أن يكون الرقم قابلاً للكسر وقابلاً للتحدي، وأن يكون قابلاً للتحقق منه، أي أن توفّر أدلة دقيقة لإثبات الرقم القياسي. وإذا كان اقتراحك جديداً، ستضع غينيس متطلبات محددة لإنجازه، بل وقد تحصل على أرباح هائلة منه طالما أنه سيكون مكتوباً لك ليس كرقم قياسي فحسب، بل وكفكرة جديدة. وتُمنع الأرقام القياسية عن كل النشاطات التي قد تؤدي إلى الضرر بالمشاهدين، أو أي رقم يتحقق بإلحاق الأذى أو الضرر بالحيوانات والبيئة، كما تُمنع كل الأرقام القياسية التي قد يؤدي الوصول لتحقيقها إلى القيام بنشاطات غير قانونية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
عراقي يدخل "غينيس" بأكبر عمل فني بالخيط والمسمار