القاهرة ـ وكالات
صدر مؤخرا عن دار صفصافة للنشر كتاب الأصول السياسية للتنمية "الاقتصاد السياسى للإصلاح المؤسسى (1980-2011)"، ويعتبر أحد الإصدارات الجديدة للدار التى خرجت من المطابع مع الدور الجديدة لمعرض القاهرة للكتاب والمقام حاليا بأرض المعارض فى مدينة نصر.ويخرج هذا الكتاب وتمر مصر بلحظة فاصلة فى تاريخها المعاصر بعد سنتين من ثورة يناير بدا خلالها أن دورة كاملة قد تمت من الانتقال السياسى الذى أفضى إلى الميادين مرة أخرى، وبدا جليا أن اختزال التغيير الذى طالب به الملايين فى نظام سياسى إجرائى فحسب دون تعديل حقيقى وجوهرى وسريع فى النموذج الاقتصادى والاجتماعى الذى يحكم حياة المصريين يعد أمرا غير ممكن وغير قابل للتحقيق أو الاستمرار.وفى هذا السياق تأتى هذه الدراسة عن النموذج الاقتصادى السياسى الذى أرسى دعائمه مبارك منذ تبنى برنامج الإصلاح الاقتصادى والتحول الهيكلى، وما تماشى معه من إصلاحات "نيوليبرالية" برعاية صندوق النقد والبنك الدولى والمعونة الأمريكية، والذى جمع بين إجراءات تحرير اقتصادى وقمع سياسى، إذ إنها اللحظة المناسبة للوقوف على أركان هذا النموذج، وما ارتبط به من سياسات ومؤسسات وقوى سياسية واجتماعية، وذلك كخطوة أولى لإدراك أبعاده ومن ثم إمكانية تغييره.يقدم الكتاب عرضا مفصلا حول التطور الذى لحق بالمؤسسات والسياسات الاقتصادية منذ مطلع التسعينيات فى مصر، وآثارها على تحقيق التنمية الاقتصادية، ويظهر الجذور السياسية للعجز عن تعديل الأطر المؤسسية الحاكمة، نتيجة لتكوين النظام الحاكم والتحالف الاجتماعى الذى استند إليه، وبالتالى يفسر استمرار اعتماد مصر على الريع الخارجى ممثلا فى مبيعات الطاقة من بترول وغاز طبيعى وعوائد قناة السويس، والفشل فى إعادة هيكلة الصادرات لتكون أكثر اعتمادا على المنتجات الصناعية ذات القيمة المضافة المرتفعة نسبيا، وذلك رغم كل ما أصدره النظام من صخب وضجيج حول نجاحات اقتصادية مزعومة وزيادات فى الصادرات وفى جذب رؤوس الأموال الأجنبية حققت معدلات نمو ولكنها فشلت فى تحقيق أية تنمية حقيقية للغالبية من المصريين، ومن هنا كانت الثورة.ويقدم الكتاب مقارنة بين نموذج التنمية المصرى (١٩٩٠- ٢٠١١) والنموذج التنموى التركى الذى كثر عليه الكلام فى الآونة الأخيرة، ويعرض للحالة التركية منذ تبنى برنامج الإصلاح الهيكلى هناك فى مطلع الثمانينيات، أى قبل مصر بعقد من الزمان، وتقدم الدراسة عرضا وافيا حول الإصلاحات المؤسسية التى تم اتخاذها فى السياق التركى، والتى حققت نجاحا كبيرا فى إعادة هيكلة الصادرات لتكون أقل اعتمادا على المواد الخام وأكثر استنادا للقاعدة الصناعية، وهو ما مهد لانطلاق تركيا فى العقد الأخير بمعدلات نمو مرتفعة للغاية، وتحسن ملحوظ فى مستويات معيشة الغالبية من الأتراك، كما يقدم الكتاب فى هذا السبيل تحليلا سياسيا لديناميات نظام الحكم فى تركيا منذ الثمانينيات، وكيف أنها تداخلت مع تعديل الأطر المؤسسية الحاكمة للسياسات والنظم الاقتصادية حتى نجحت تركيا فى أن تكون ضمن أكبر عشرة مصدرين فى العالم، وبعدما كان إجمالى صادراتها فى ١٩٨٠ مساويا تماما للصادرات المصرية (نحو تسعة مليارات دولار) بلغت الصادرات التركية ١٠٧ مليارات دولار فى ٢٠٠٧، بينما لم تتجاوز الصادرات المصرية ٢٥ مليارا!.