الدار البيضاء - المغرب اليوم
ازدان بيت الموروث الحضاري للذاكرة الوجدية بكتاب تحت عنوان "وَجدةُ والجدَّة"، للفنان الموسيقي الباحث الدكتور أحمد طانطاوي، بدعم من مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، وذلك في إطار "الحفاظ على امتدادات رأس المال الرمزي اللامادي والمادي للمدينة الألفية، وصفا وتوثيقا، مما أصبح كثير منه في طي النسيان أو يكاد، لا لسلطان الزمن الذي لا ترحم عجلتُه الدائرة فحسب، ولكن أيضا لتيار العولمة الغربية الجارف الذي اكتسح في العقدين الأخيرين الخصوصيات الثقافية الأممية العريقة اكتساحا يكاد يصل إلى التغريب الكُلي بعد الاجتثاث".
ووقف المؤلِّف في تداخل بين الذاكرة المروية عن الجدة المخضرمة "راضية بنت إدريس بن صالح" التي عمرت أكثر من قرن (1886/1991)، والذاكرة الشخصية التي عاينت كثيرا من التحولات الحديثة بالمدينة إلى حدود سبعينيات القرن الماضي، عند كثير من عوائد وجدة، وأعيادها، ومناسباتها، وأفراحها، وحرفها وصنائعها، ومآكلها ومفارشها، ومزارات صُلحائها، ومساجدها العتيقة، وحماماتها العريقة، وأمور أخرى تبرز الغنى الاجتماعي والتاريخي والعمراني للمدينة.
ويُعتبر مؤلَّف "وجدة والجدة" كتابَ نوستالجيا غنيّا بالأسماء والوجوه والاصطلاحات والطقوس المحلية، بمسحة أدبية تُيسر قراءة المتعة والمنفعة، واختصارُه يفتح الباب للتأليف في مجالات أخرى من الأمور التي عُرفت بها حاضرة وجدة منذ القدم إلى ما بعد الاستقلال، كالتراث العلمي، وخاصة ما تعلق منه بالمدارس الحرة، وأساتذتها الذين جمعوا بين التعليم والوطنية، وكذا التراث الموسيقي الغرناطي الذي سبق لصاحب الكتاب أن أنجز فيه رسالة دكتوراه، علاوة على أماكن أخرى من صميم الذاكرة الوجدية، كالأسواق والمتنزهات والبيوت والبيوتات، وعوائد أخرى من قبيل طقوس رمضان، والختان، والمآتم، والألعاب الشعبية للصغار والكبار، والأهازيج، وغيرها من مكونات الذاكرة الشعبية التي تهددها شفهيتُها بالزوال في كل حين.
يُشار إلى أن الكتاب صادر عن دار "هبة برنت"، في تسع وتسعين (99) صفحة من القطع المتوسط العريض شبه المربع، في حلة قشيبة مزودة بصور تاريخية وحالية، للإيضاح والتوثيق.