الرباط - وكالات
الدورة الـ 24 للملتقى الثقافي لمدينة صفروفي موضوع "الموروث الثقافي بين التأهيل ورهان التثمين": -المهرجانات والمواسم الثقافية- 17-18 ماي 2013 تحت شعار المهرجانات أداة لحفز التنمية الترابية د. محمد الزرهوني د. محمد البقصي ذ. عبد الحق شاكر العلوي كتاب الدورة (صدر يوم افتتاحها) مطبعة سوجبريس فاس، ماي 2013م، 466 صفحة. أُقيمت الدورة الرابعة والعشرون للملتقى الثقافي لمدينة صفرو بقاعة الندوات يومي 17 و 18 ماي 2013م، لمناقشة موضوع "الموروث الثقافي بين التأهيل ورهان التثمين: المهرجانات والمواسم الثقافية"، تحت شعار: "المهرجانات أداة لحفز التنمية الترابية". 1- جلسة الافتتاح انطلقت الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس اللجنة الثقافية الذي رحب بالضيوف، وأعرب عن امتنانه وتشكراته لكل الذين أسهموا في تنظيم هذه الدورة وللمشاركين فيها، مذكرا بأهمية الموضوع المطروح للدراسة، الذي يندرج في سياق إعلان مهرجان حب الملوك بصفرو موروثا ثقافيا لاماديا للإنسانية من قبل منظمة اليونيسكو سنة 2012م، وبدور المواسم والمهرجانات في حفز التنمية الترابية عبر بوابة تثمين التراث الثقافي. وقد سارت كلمتا نائب رئيس المجلس البلدي وممثل وزير الثقافة في المنحى نفسه، إذ عبر الأول عن بهجته بانعقاد هذه الدورة، التي تتيح فرصة ثمينة لمناقشة قضايا من صميم العمل الثقافي، مُؤكدا حرص البلدية على دعم هذا المسار، واختتم كلامه بالثناء على جميع الفعاليات التي تُنشِّط الحقل الثقافي المحلي، ومختلف المؤسسات التي تدعمه. أما ممثل وزير الثقافة، فأشار إلى سياسة الوزارة في تنمية الثقافة ببلادنا، بصفة عامة، سيما ما يتعلق بالمواسم والمهرجانات التي تعد مرتكزا لتثمين الموروث الثقافي وتحريك عجلة التنمية، ولم تفته الفرصة دون التذكير بدور وزارته في التدخل المباشر في تنظيم بعض التظاهرات الثقافية وحفر بعضها الآخر بطرق متعددة، منها على الخصوص الإسهام في إجراءات تصنيفها من قبل منظمة اليونيسكو، كما هو الشأن بالنسبة لمهرجان حب الملوك بصفرو. هذا، وعرفت هذه الجلسة الافتتاحية نشاطين بارزين، يتعلق الأول بتقديم كتاب الدورة الرابعة والعشرين، الذي صدر يوم انعقادها في موضوع "المواسم والمهرجانات، فضاءات لتثمين الموروث الثقافي"، -مهرجان حب الملوك بصفرو إرث ثقافي لامادي للإنسانية-، وهو المُؤلَّف الذي يتطرق لموضوع جديد على الساحة الثقافية الوطنية، أسهم في تأليفه وإعداده ثلة من الباحثين بدراسات نظرية وميدانية، ويخص النشاط الثاني قراءة قصيدة شعرية، انصبت حول ما آلت إليه مدينة صفرو من تدهور، ألقاها الشاعر عبد الإله بوثنين. 2- الأنشطة المواكبة وبموازاة فعاليات هذه الدورة، نُظم معرض احتوى على صور ووثائق قديمة للمدينة، وكتب دورات ملتقاها الثقافي، ووثائق أخرى أحضرتها مصالح وزارة الثقافة، تخص مواقع الموروث الثقافي المادي واللامادي الوطني، التي صنفتها منظمة اليونيسكو إرثا ثقافيا للإنسانية. وقد تميزت هذه الدورة أيضا ببرمجة أنشطة مكثفة بقاعة الندوات ببلدية صفرو، اضطلعت بها نخبة من شباب المدينة وفعاليات من المجتمع المدني إناثا وذكورا، تمثلت على الخصوص في تنظيم أمسية لقراءة وتوقيع ديوان شعري للشاعر عبد الإله بوثنين تحت عنوان: "قطوف من الذكريات"، في اليوم الأول، وفي قراءة كتاب: "الجغرافية الثقافية"، من تأليف: مايك كرانغ، وترجمة: د. سعيد منتاق، (سلسلة عالم المعرفة عدد 317، سنة 2005)، في اليوم الثاني بحضور المترجم نفسه، وهو عمل من تنشيط: "شبكة تنمية القراءة " بصفرو. كما نُظمت علاوة على ذلك أنشطة ثقافية ومسابقات متنوعة، أشرفت على تأطيرها "جمعية الرسالة للتربية والتخييم بصفرو"، بمدرسة المغرب العربي بمدينة صفرو، إضافة إلى سهرة فنية من إبداعات الشباب بإشراف من "المجلس المحلي للشباب"، بمقر المعهد البلدي الموسيقي لمدينة صفرو. وبموازاة كل ذلك، انعقد "ملتقى الإبداع التلاميذي"، الذي احتضنته مؤسسة "بيت الحكمة" بالمركز السوسيوتربوي لدعم قدرات الشباب. 3- المداخلات العلمية توزعت مداخلات الدورة على محورين كبيرين، انتظمت في خمس جلسات علمية، بحيث خُصص المحور الأول للمواسم والمهرجانات والثاني للموروث الثقافي. 1.3- المحور الأول: المواسم والمهرجانات الثقافية انصبت مداخلات جلسته الأولى على دراسة موضوع المواسم والمهرجانات في إطاره العام، من منظور البحث العلمي الجغرافي، والتداول السياسي في الفضاء العمومي، والمدخل التربوي بالقطاعين المدرسي والجمعوي، مع إثارة السياق التنموي للمواسم والمهرجانات بتراب الجماعات المحلية، من جهة، وعلى مستوى الاستراتيجية الوطنية ضمن السياسات العمومية، من جهة ثانية. وركزت مواد جلسته الثانية، -من خلال عرض حالات مُركزة ودقيقة من تراب زرهون وصفرو والجديدة-، على مظاهر التحول الذي أصاب معظم المواسم الدينية، مُغيرا ملمحها العام ووظائفَها التي لم تعد تسهم في تنمية مجالاتها بالقدر الكافي، بل أصبحت تعرف طقوسا وممارسات، أفقدتها هُويتها وأصالتها الثقافية والروحية. وفي سياق متصل، ومن منظور تنموي صرف، قُدمت في الجلسة الثالثة لهذا المحور دراسات ميدانية لمواسم ومهرجانات من مناطق فاس وصفرو وتازة وشفشاون، والصويرة، وقد بدا واضحا التباين بينها على مستوى خصوصياتها ذات الأبعاد المتعلقة ب: المدينة والقرية، والجبل والسهل، وحجم الكيان الترابي، ونوع المضمون، وطبيعة التنشيط، ثم الإشعاع المجالي محليا ووطنيا ودوليا، وكذا الإسقاطات التنموية، زيادة على مستوى الإشراف ودرجة التأطير وحجم الدعم العمومي والخاص. 2.3- المحور الثاني: الموروث الثقافي المادي واللامادي أثارت مُداخلاته في جلسة رابعة موضوع التراث الثقافي في مداه المعرفي العام، وفي حمولته الثقافية الغنية بالتنوع والتعدد، وأيضا في بعده النفسي وأثره في تكوين الشخصية ونسج كيان المجتمع، وهو الدور التنموي الذي يُعد في الوقت الحالي رهانا قويا في مسار التنمية البشرية، مما يسترعي إنقاذ هذا الموروث والمحافظة عليه، تلك المهام التي تطرح عددا من التحديات المادية والمعنوية، لا يمكن بأي حال أن تكون مُثبِّطة للعزائم، فقد وردت في صددها مُداخلات كشفت عن تجارب طموحة في مجال الإنقاذ بالمغرب، تهم المخطوط والحرفيات، يمكن الاستئناس بها لتعميم فوائدها خدمة للتنمية الترابية. أما الجلسة الخامسة والأخيرة المنصبة بكاملها على منطقة صفرو، فلم تقتصر على عرض أهم مظاهر الثراء الحضاري بمدنها وقراها، في ما يخص تشكيلات العمارة الريفية والحضرية، والبنية الاجتماعية المتنوعة، ونمط العيش المتباين من حيث الشكل والمضمون، بل كشفت أيضا عن تمظهرات وتعابيرَ ثقافيةً، تتجسد في العيش اليومي المشترك وفي بعض التظاهرات الثقافية العريقة، من بينها مهرجان حب الملوك الذي ظل منذ تأسيسه 1919م. بوثقة للتعايش بين عناصر إثنية وعرقية استقرت بالمنطقة منذ القديم. ومن بين مظاهر هذا السلوك الحضاري، ما تجلى في المعيش الذي شهده حي الملاح بالمدينة القديمة، بحيث خُصصت له ثلاث مداخلات عَرضَت لكيانه وتطوره ومضمونه وأنشطته. وعلى المستوى العام، فإن الفصل المنهجي بين مكوني الموروث الثقافي والمواسم والمهرجانات، لم يحُل دون إخضاعه في التحليل لنظرة تكاملية، فقد تناولتهما التدخلات في تقاطعاتهما وتمفصلاتهما العضوية، فهُما من حيث المنشأ والوظيفة ينتميان معا لمكون الثقافة، ويتكاملان موضوعاتيا إلى حد التداخل التام، ليصبا على المستوى الإجرائي في خانة التنمية الاجتماعية. والملاحظ أن الموارد المعرفية المعروضة في هذه الدورة، أثارت بكيفية أو بأخرى اهتمام الحضور وفضوله، وحفَزت جزءا منه على المشاركة بملاحظات واستفسارات وإضافات، كان لها الوقع الإيجابي على المُحصلة العامة التي أفرزت اقتراحات وتوصيات، من شأنها الإسهام البنّاء في التراكم المعرفي حول موضوع المهرجانات والموسم، وفي بلورة مخرجات قمينة بتفعيل دورها في التنمية الترابية. 4- المخرجات العامة تم التأكيد في هذه الندوة على التوجهات العامة الموالية: 1.4- الأهمية الوازنة للموروث الثقافي المادي واللامادي، ودوره الجسيم في الحفاظ على الشخصية والهوية، وتقوية لُحمة النسيج الاجتماعي في إطار التنوع، وأيضا في تنويع المداخيل الاقتصادية وفرص التنمية إذا وُظف في الاتجاه الصحيح. 2.4- الدور البارز الذي يضطلع به هذا المكون الثقافي في التنمية الاجتماعية والنفسية والقيمية والتربوية لفئات المجتمع، فهو فضاء للتعبير الحر وللتسلية والفرجة، ومنفذ للتواصل والحوار والتقاسم، ومَلاد للتكوين واكتساب التجربة… 3.4- تثمين الموروث الثقافي في المواسم والمهرجانات، هذا المسعى الذي يتطلب تهييء استراتيجية وطنية بكيفية تشاركية مع المتدخلين، تكون من بين أولوياتها صون هذا المكون وتطهيره من الشوائب التي تُعرِّضه للتشويه، وعَرْضه في حُلة تليق بالقيم والكرامة الوطنية. 4.4- المكانة الوظيفية للمهرجانات الفنية والتربوية والتظاهرات المدرسية، لما لها من أثر على التنمية البشرية وبناء شخصية النشء والأجيال الصاعدة. 5- التوصيات انصبت التوصيات على عنصري المضمون الخاص بموضوع هذه الدورة، والتنظيم المتعلق بتدبير فعاليات الملتقى الثقافي. 1.5- التوصيات المتعلقة بموضوع المواسم والمهرجانات اقترح في شأنه عدد من الآليات لبناء استراتيجية وطنية للمهرجانات والمواسم، من بين عناصرها: 1.1.5- البحث العلمي: إن حفْز ها المكون الفكري يجعله يؤدي دورا جوهريا في تهييء السبل الكفيلة بعقلنة تنظيم قطاع المواسم والمهرجانات والإسهام في ترشيد تدبيره، وتعميق الرؤية حوله على مستوى تحديد المفاهيم (موسم-مهرجان)، وضبط معايير لوضع تصنيف وطني وجهوي ومحلي ملائم للمواسم والمهرجانات بما يفيد كل المتدخلين، وكذا إعداد شبكات لتقويم أدائها وتعرف إسقاطاتها التنموية. 2.1.5- المأسسة والتأطير: يتمثلان في العمل على خلق هيئة وطنية منبثقة من المتدخلين أنفسهم، "فيدرالية" كانت أو "هيئة" أو "شبكة" أو "مرصد"… مثلا، تتأسس على مبادئ الحكامة، وتَتحدَّد مهمتها في الإشراف على هذا القطاع، وتنظيمه وتوجيهه نحو خدمة التنمية الثقافية والسياحة الثقافية على الخصوص، وفق ضوابط أخلاقيات المهنة، تُسهم بكيفية مباشرة في تثمين التراث واستثماره في تعزيز فرص التنمية. 3.1.5- تنظيم يوم دراسي يخص موسم حب الملوك بصفرو، مواكبة لحدث تصنيفه ضمن التراث الإنساني العالمي، للارتقاء به إلى مصاف التظاهرات العالمية ذات البُعد الاحترافي في التدبير والحكامة، تفعيلا للتوصيات الواردة في مخرجات الدورة الرابعة والعشرين للملتقى الثقافي وغيرها من الاقتراحات السابقة. 4.1.5- أدوات أجرأة التوصيات، تعتبر هذه الأدوات بمثابة آليات أساسية من شأنها دعم الاستراتيجية المقترحة، ويتعلق الأمر ب: 1.4.1.5- تهييء دليل وطني للمواسم والمهرجانات: يتضمن جميع النصوص القانونية والمساطر المؤطرة لها، وتحديد ضوابط تأسيسها ومعايير تصنيفها ودعمها العمومي والخاص، وإعداد شبكات ضابطة خاصة بتبع فعالياتها وتقويمها… في أفق تطوريها. 2.4.1.5- خلق بنك وطني للمعطيات يشمل المعلومات الخاصة بجميع المواسم والمهرجانات، بعد تصنيفها وترتيبها وفق مؤشرات خاصة، والحرص على تحيينها ووضعها رهن إشارة كل المهتمين من باحثين ومدبرين ومهتمين وسياح… 3.4.1.5- إعداد خارطة وطنية للمواسم والمهرجانات الوطنية، من شأنها تحويل موارد بنك المعطيات المقترح إلى تمثيل مساحي خرائطي على أساس التصنيف المعتمد، بحيث يساعد على توطينها وتحديد مواقعها لتسهيل ولوجها. 4.4.1.5- إنشاء نظام جغرافي للمعلومات SIG متعلق بالمواسم والمهرجانات الوطنية، يجمع بين بنك المعطيات المواسم والمهرجانات وخارطتها، بإعمال الأداة المعلوماتية؛ والعمل على نشر هذا النظام على الشبكة العنكبوتية، وهي عملية إشهارية وتسويقية مهمة على المستويات الدولية والجهوية والوطنية. 2.5- التوصيات المتعلقة بفعاليات الملتقى الثقافي ركز هذا العنصر على بعض الاقتراحات التنظيمية التي من شأنها الرفع من مؤشرات أدائه، وتهم: 1.2.5- فتح موقع إليكتروني خاص بالملتقى الثقافي لمدينة صفرو على الشبكة العنكبوتية لتوسيع أفق إشعاعه وطنيا ودوليا. 2.2.5- استنساخ جميع أشغال دورات الملتقى الثقافي منذ سنة 1987م، ووضعها رهن إشارة العموم على الموقع الالكتروني المقترح فتحه تعميما للفائدة. 3.2.5- توسيع اللجنة العلمية للمتقى الثقافي في أفق إعطائه نفسا قويا، خدمة للعمل الثقافي والتنمية المحلية. 4.2.5- التصريح بموضوع الدورة اللاحقة للملتقى الثقافي مبكرا حتى يتسنى الإعداد لها بكيفية مناسبة. وعلى العموم، تعد هذه الحصيلة العلمية التي أنتجتها الدورة الرابعة والعشرون، ثمرة عمل جدي ومشترك تظافرت فيه جهود جميع المتدخلين من مؤسسة المجلس الجماعي بصفرو، واللجنتين التنظيمية والعلمية، وثلة فاضلة من الباحثين والمشاركين والمهتمين والضيوف، ولا سيما الحضور الذي تفاعل مع مختلف قضايا العرض الثقافي لهذه الدورة، والمأمول أن يتم تصريف هذه المخرجات في ممارسة نوعية ومشاريع تنموية.