الرباط - وكالاتقالت سعاد بلافريج الدويري، مسؤولة عن مكتبة كليلة ودمنة في الدارالبيضاء، في ندوة "مكتبات البيع رهان البقاء"، نظمت ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، إن مهنة الكتبي من المهن الصعبة. اعتبرت أن المكتبات تشكل نقطة ضوء تحسب في باب الإشعاع
قالت سعاد بلافريج الدويري، مسؤولة عن مكتبة كليلة ودمنة في الدارالبيضاء، في ندوة "مكتبات البيع رهان البقاء"، نظمت ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، إن مهنة الكتبي من المهن الصعبة. اعتبرت أن المكتبات تشكل نقطة ضوء تحسب في باب الإشعاع الثقافي والحضاري لسنوات طوال، إلا أن إكراهات عدة باتت تهدد مهنة الكتبيين بالانقراض، كاتساع رقعة النشاط والنشر الرقميين اللذين القيا بظلالهما على هذا المرفق المهم، فضلا عن عزوف المواطنين عن القراءة مقارنة بالسنوات السابقة. وأبرزت في الندوة، التي حضرها باحثون ومختصون في عالم الكتاب، وجمهور شغوف بالقراءة، إن "للكتاب دورا مهما في نشر العلم والمعرفة، وأن مهنة الكتبي مهنة صعبة، وليست في متناول الجميع"، وأضافت أن تجربتها الطويلة في ممارسة مهنة الكتبي، خولت لها مسافات في معرفة التغييرات التي مست هذا الميدان، مشيرة إلى أن المكتبة في السابق كانت معروفة بطبع ونشر الكتب. وفي بداية القرن العشرين عندما تطورت صناعة الكتب، وانتشرت الإصدارات بكثرة، تفرعت مهنة الكتبي إلى ثلاثة فروع، ألا وهي مهنة الناشر، والموزع، والكتبي، هذه المهن تمتاز كل واحدة منها بقانون خاص، وبالتالي أضحت مهنة الكتبي منحصرة في بيع الكتب، حيث يأخذ الإصدارات الجديد من الناشر، ويعرضها على القارئ، الذي يصبح زبونا وفيا وقريبا من الكتبي الذي يساعده على اختيار ما يبحث عنه، لان لديه إلمام بنوع الكتب التي يبحث عنها (الزبون). وأوضحت أن الكتبي يتولى دور جلب الإصدارات الجديدة وخلق نشاطات حول هذه الكتب، سواء كانت لكاتب كبير أو لآخر مبتدئ، فالمكتبة كانت بمثابة مقهى أدبي يستضيف الكاتب والقراء ويخلق جوا من النقاش الثقافي الراقي. من جهة أخرى، قالت بلافريج الدويري إن المكتبة لعبت دورا مزدوجا، في تقديم المعرفة وفي الحركة التجارية، لأنها تشتري الكتب من الموزع، وتعمل على بيعها بسرعة، لأنها أذا بقيت مدة طويلة في المكتبة حتما ستفقد قيمتها، لان للكتاب ارتباطا وحركية بما يجري في الساحة الثقافية، فالامر يتطلب من الكتبي بيعها بسرعة كي يؤدي ثمن الناشر والضرائب، والعاملين في المكتبة، وللحفاظ على المكتبة واستمرارها، أبرزت ضرورة الحفاظ على عنصرين مرتبطين بالمكتبة، ويتعلقان بالجانب الثقافي والتجاري. في السياق ذاته، أشار الزكي بنيونس، مكتبي من مدينة وجدة، إلى أن "المكتبة مؤسسة ثقافية وتجارية، والإكراهات التي يعيشها الكتبيون الآن، تتعلق بالجانب التجاري، الذي هو مطلب أساسي بالنسبة للكتبي، لأنه يعتبر تاجرا في الدرجة الأولى، يسعى إلى تحقيق الربح، إلى جانب المساهمة في تأسيس فكر ثقافي مساير لعصره". وأبرز في مداخلته أن مهنة الكتبي ليست سهلة، لأنه يعتبر عماد المكتبة، لدى لابد أن تكون له مواصفات معينة، وأن يكون على قدر من الثقافة، ويكون له إلمام بالكتب التي يعرضها، بل لابد أن يخضع لتكوين مستمر في المجال، لأنه اختار مهمة صعبة، باعتباره يشكل فكرا. وأشار إلى أن القارئ أصبح يعيش لحظات ثقافية ظرفية، فكلما وقع حادث أسرع القارئ إلى تتبعه من خلال الإعلام، لكن بمجرد انتهاء الحادث يغيب القارئ، مشددا على "مسألة العزوف عن القراءة، وأننا أصبحنا شعبا لا يقرأ، والمثقفون أنفسهم لا يقرأون، هذا ما أكدته الإحصائيات الأخيرة على أن نسبة القراءة لا تتعدى 2 في المائة، بمعدل دقيقتين في السنة وهو رقم مخيف جدا، فيجب أن ننمي عقولنا بالقراءة، حتى نتجاوز المثل القائل "أمة اقرأ لا تقرأ"، ويجب علينا أن نعقد صلحا جديدا مع الكتاب بمختلف علومه ولغاته، ليعود لحياتنا المتوازنة بين ما هو عقلي والروحي". من جهته، لفت عبد العزيز السباعي، كتبي من مدينة تطوان، إلى أن "عدد الكتبيين الحقيقين في في مدينة الحمامة البيضاء، لا يتعدى ثلاثة، دون الحديث عن أصحاب المتاجر التي تبيع الكتب ومنتوجات أخرى، ومهنتهم كانت تعرف في السابق إقبالا كبيرا سواء من طرف الأجانب أو المغاربة، في حين تدهورت هذه المهنة وأصبحوا يصارعون من أجل البقاء". وأبرز أن عند زيارته لأي بلد أوروبي يفاجأ بعدد المكتبات التي تؤثث شوارعه، مما يدل على رقيهم الفكري والثقافي الذي توارثوه جيلا عن جيل، الشيء الذي يساهم في تطور ازدهار بلدانهم، مشيرا إلى أن الإنسان الغربي مهووس بقراءة الكتب، حيت تصل مبيعات بعض الكتب في فرنسا مثلا إلى 10000 نسخة، بينما العكس في بلداننا العربية، والمكتبة بمثابة مقاولة تخضع لمنقط السوق، كما أنها قاطرة لنشر الثقافة والفكر في المجتمع. وجاء في مداخلة لأحمد الشيخ صحافي ومترجم مصري، أكد فيها أن أزمة الكتاب لا ترتبط بالعزوف عن القراءة، بل ترتبط أيضا بالمؤلف، وبصانع الكتاب والمتخصصين في إنتاج الكتب، الذين يلقون باللوم على القارئ، لان لدينا قراء. ومن وجهة نظره الأمور تنسب للهيئات المسؤولة عن الثقافة، مثل وزارة الثقافة، والإعلام، وحتى للكيفية التي يروج بها الكتاب، إذ ليس لدينا إعلام ثقافي لترويج ما في داخل هذه الكتب، فالقارئ ضحية أزمة تأليف وأزمة كتاب، والكتاب أحيانا لا يتواصلون مع القراء