القاهرة - المغرب اليوم
"تجسيد" هي مجموعة من الأعمال الفنّية التي تسعى إلى فهم ماهية العلاقة بين الإنسان والكرسي، وكأنّ الكرسي يصبح ممثّلًا لصاحبه، يعبّر عنه، ويوحي له بأنّه يملك شيئًا ما في هذا العالم، أو كأنّه الأمان، أو الروتين السعيد، أو ربما الاستعداد الدائم للاستقبال.
وتقول الكاتبة والصحفية اللبنانية ثناء عطوي، عن المعرض: علاقة الإنسان والكرسي لطالما سأل الفنّان الأردني زيد الشوّا عن حقيقتها، حتى بات الأمر يستهويه، وأنتج منه 15 عملًا تشكيليًا و9 منحوتات صغيرة، قدّمها في معرضٍ فرديّ افتتحه حديثًا في قاعة "وادي فِنان" في الأردن، بحضور شخصيّات ثقافية وفنّية مهمّة. لقد رسم الفنّان الكراسي كما تصوّرها في مخيّلته، نسج قصصًا وروايات حولها، وأعاد ترتيب عناصر الحياة على ما يشبه خشبة المسرح، أو غرفة التصوير، تلك التي يحتلّها كرسي أيضًا، سائلًا عن السبب الذي يدفع أشخاصًا مختلفين للجلوس على الكرسي بشكلٍ يومي، والتقاط صورٍ لهم، ثم المضي قدمًا.
وأضافت عطوي: يشرح الشوّا في حديثه عن معرضه، أنّنا في حياتنا الواقعية نتمسّك بمقاعدنا بل تصبح ملكًا لنا، وكأنّنا نحدّد ملكيتنا في هذا العالم بتلك المساحة الصغيرة. نلتصق بها ونصبح وجهين لشيءٍ واحد. تُشعرنا كراسينا بالدفء والأمان والاستقرار، لكنّها تُشعرنا بالخوف والقلق والترقّب أيضًا. وبقدر ما نستمتع بها ونتملّكها، نخشى فقدانها، فهي شاهد على قصص حياتنا، وعلى لحظاتنا الخاصة، تحمل ذكرياتنا وماضينا، تستمع إلى أفكارنا وهواجسنا، وتملك حاضرنا حتى نرحل، وهي تبقى. غريبٌ هو أمر علاقتنا معًا، كيف يصبح ما نصنعه بأيدينا هو جلّ ما نرغب فيه، فيتحكّم هذا الجماد الصامت فينا، يلاحقنا ويستهوينا، يتقمّصنا، بل يصبح شبيهنا.
والسؤال الذي يحضرنا في هذا المعرض هل للكرسي ذاكرة فعلًا، وهل تعرف أصحابها وتفضّلهم عن سواهم، هل تتعمّد إراحتهم أو إتعابهم، وهل تتعاطف معهم أحيانًا، تشعر بهم، أو ربما تملّ منهم ثم تعود وتشتاق إليهم، أم أنّ العلاقة هي علاقة حب من طرفٍ واحدة؟.
"تجسيد"، هو عالمٌ واسع يقلّل من تهاوننا الذي نمارسه عندما نفكر بالكرسي، هذه المادة التي أصبحت محفّزًا لدوافعنا؛ مادّة، الإنسان أداتها، ويخضع لشروطها، ويرتبط معها بعلاقة تشبه المقايضة، أو لها شكل التعايش المديد.
وقد يهمك ايضا :
ندوة لمناقشة الأدب في علم الأنثربولوجيا في ثقافة المنصورة
قصر ثقافة المنصورة يحتفل بيوم اليتيم برئاسة فاطمة الزهراء