الجزائر- ربيعة خريس
تشهد الجزائر خلال هذا الموسوم الصيفي، ارتفاع مهول في درجات الحرارة، وتجاوزت، الخميس، حسب الأرقام التي كشفت عنها نشرة خاصة في الديوان الوطني للأرصاد الجوية الجزائرية في ثلاث محافظات جنوبية، 48 درجة محليًا، وهي كل من بسكرة والوادي وورقلة.
ولكن وحسب ما روى شهود عيان إلى "المغرب اليوم"، فالأمر لا يتعلق بهذه المحافظات الثلاثة فقط، فهنالك رقان وأولف وأغلب مناطق أدرار، التي فاقت فيها درجة الحرارة 60 درجة مئوية، فحتى الماء الذي يلجأ إليه الإنسان، لسد ظمأه فإنه يأتي محملا بالملوحة وساخنا وكأنه كان يغلي فوق النار، فلا يمكن البقاء أبدا تحت أشعة الشمس، لمدة تزيد عن خمس دقائق وفي بعض الأماكن فإن الحرارة، تصل إلى درجات لا يمكن بالمطلق وصفها، الرمال التي تقع تحت أشعة الشمس، تتعدى درجة سخونتها الـ 100 درجة وهي قادرة على إذابة البلاستيك وطهي بيضة.
وفشوارع هذه المدن الجنوبية حسبما كشفه النائب في البرلمان الجزائري، مسعود لعمرواي والذي يقطن بمحافظة بسكرة تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من الجزائر، تبعد عن عاصمة البلاد 400 كلم، إحدى المحافظات الجنوبية التي اجتاحتها موجة الحر الذي تضرب البلاد، تتحول إلى طرق أشباح منذ الساعة الحادية عشرة، وفاقت درجة الحرارة خلال اليومين الماضيين 50 درجة، وما زاداها قساوة أنها جاءت برياح ساخنة محملة بالتراب، وهو ما عقد الوضعية الصحية للمصابين بالأمراض المزمنة كالربو، فأغلب السكان يفضلون البقاء في منازلهم إلى غاية حلول الساعة السادسة مساءً بتوقيت الجزائر.
ولا يقتصر هذا الوضع على المحافظات الجنوبية فقط، بل امتد حتى إلى المحافظات الشرقية والشمالية من البلاد، وتسببت درجات الحرارة المرتفعة خلال 48 ساعة الماضية في 31 حريقا، تسبب في إتلاف 378 هكتار من الغابات عبر التراب الوطني، خلال 24 ساعة مخلفا تلف 6714 شجرة مثمرة و 3110 حزمة و 43 واحة ، حسب ما جاء في بيان أولي للحماية المدنية.
وكشف العقيد عاشور فروق، مدير فرعي مكلف بالإحصائيات والإعلام في تصريحات صحافية، أنه من مجموع 378 هكتارًا من الغابات، تعرضت لحرائق يوم 11 تموز/يوليو 2017 أتت ألسنة النيران على 136.5 هكتارًا في ولاية المدية و 113 هكتارًا في ولاية تيزي وزو. وأضاف المسؤول ذاته أن ولاية تيزي وزو، تأتي في المرتبة الأولى، من حيث الخسائر المسجلة في الأشجار المثمرة بإتلاف 3620 شجرة، متبوعة بولاية سكيكدة ب 1946 شجرة.
وفضلا عن حرائق الغابات أتلفت النيران 110.5 هكتار من أشجار بالجبال و 132 هكتارًا من الشجيرات، فيما خصت الخسائر من حيث المحاصيل 129 هكتارًا من القمح و 4 هكتارات من الشعير، يشير ذات المسؤول مؤكدا على عامل الوقاية للحد من الخسائر في الثروة الغابية و غيرها.
وأكد المسؤول أن "التقييم الحقيقي للحرائق لا يكمن في تحديد بؤر هذه الأخيرة بل في المساحات التي تأتي عليها"، مبرزا ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف المعنية بالتصدي للحرائق خاصة منهم المواطنين "الذين يتعين عليهم تبني سلوكا حضريا".
وحاصرت النيرات التي أتت على الأخضر واليابس، العديد من العائلات التي تقطن بالمرتفعات، وتسببت درجة الحرارة المرتفعة في عدة وفيات، مثلا بمحافظة خنشلة شرق البلاد، سجلت خلال 24 ساعة الأخيرة، 3 وفيات و149 حالة حادة لضربات الشمس، نتيجة موجة الحر، التي تجتاح منطقة خنشلة، على غرار باقي محافظات الجزائر، والتي تجاوزت الأربعاء، درجة 46 مئوية وبمحافظة تيزي وزو.
وخلفت موجة الحرائق التي اجتاحت عدة مناطق من المحافظة، وفاة مواطن وإصابة عدد آخر بحروق بليغة من بينهم أعوان الحماية المدينة ومصالح الغابات، ناهيك عن خسائر مادية أخرى أرعبت السكان، وقد اضطرت الجهات المختصة لطلب تدخل الجيش الجزائري في منطقة ذراع الميزان. وقال الخبير الجزائري في علم الفلك وتقنيات الفضاء لوط بوناطيرو، إن الجزائر تمر حاليا بفترة "الصمائم الصغرى" "أسخن فترة في العام" وهو ما يفسر موجة الحر المرتفعة في الـ 48 ساعة المنقضية.
وقال لوط بوناطيرو، في تصريحات صحافية، إن ما تعرفه الجزائر هذه الأيام ناتج عن ظاهرة "الصمائم الصغرى" التي تغلّف الجزائر وأجزاء كثيرة من الكوكب الأرضي، وقال محدثنا إنّ الصمائم الصغرى افتتحت في الثالث من الشهر الجاري، وتستمرّ إلى غاية 23 من الشهر الجاري، مثلما هو حاصل كل سنة، مشيرًا إلى أن الجزائريين سيكونون على موعد مع موجه حر استنثائية جديدة بدياة من 24 يوليو / تموز المقبل، إلى غاية 13 اغسطس / آب المقبل، وهي بداية فترة " الصمائم الكبرى.
وعن المحافظات الجنوبية التي فاقت فيها درجات الحرارة 50 درجة مئوية، أرجع بوناطيرو هذا الأمر إلى هبوب رياح السيروكو الحارة، وزاد هذا الأمر من مهمة قاطني الصحراء الجزائرية، خاصة أولئك المصابين بالأمراض المزمنة والرضع والمتقدمين في السن والحوامل.