نيقوسيا ـ أ.ف.ب
استعادت وسائل الاعلام الاميركية اخيرا صورا ولقطات لـ"الاسطورة الحية" مايكل جوردان لمناسبة بلوغه سن الخمسين. وركزت تحديدا على الصورة الشهيرة لقفزته وتسديدته الاخيرة في المباراة النهائية التي جمعت فريقه شيكاغو بولز ويوتا جاز ضمن الدوري الاميركي للمحترفين في كرة السلة عام 1998. قفزة نجمت عنها تصوبية ناجحة جعلت بولز يفوز بنتيجة 86–85، ويساهم جوردان في احرازه اللقب مرة سادسة. عنونت صحف عدة: "جلالته يبلغ الـ50"، مستعيدة مقتطفات من مقابلات اجريت مع جوردان وتصريحات له، وافردت مساحات لردود افعال وانطباعات وآراء محللين ومجايلين له من زملاء نجوم واداريين. ولعل في هذه الاستعادة تركيزا على رمز ادى مهمته لاعبا بنجاح فائق، ويتعثر في دور الاداري الحالي كمالك لفريق تشارلوت بوبكاتس، الذي يتذيل ترتيب مجموعة الجنوب الشرقي (13 انتصارا في مقابل 43 خسارة) في دوري المحترفين. وللمناسبة، تطرق جوردان الى جوانب في "مسيرته المظفرة"، التي يشبهها بعضهم بالدور الذي اداه مواطنه جاكي روبنسون في اربعينات القرن الماضي. فقد كان روبنسون عام 1947 اول لاعب اسود يخوض الدوري الاميركي في البايسبول، كاسرا قواعد اجتماعية عدة. وهو شكل مثالا لجوردان في سن المراهقة علما انه لم يدرك اهميته الكبرى "الا عندما كبرت وسرت على درب الشهرة، وبعدما اطلعت على انجازاته قدرت كثيرا الدور الذي لعبه في المجتمع وما اسدى له من خدمات". يعتبر جوردان ان روبنسون افتتح الطريق ومهدها نحو التغيير، "على غرار مارتن لوثر كينغ في مجال آخر، كذلك لا انسى دور دكتور جاي (جوليوس ايرفينغ) في كرة السلة". ويضيف: "بعضهم جعلني خليفته في هذا الاطار، وعموما انا فخور بما حققته ليس من اجل ابناء عرقي الاسود (جلدتي) بل من اجل الجميع، من اجل كل انسان". ويعترف جوردان انه كونه مثالا يقتدى به "جعله يحسب خطواته وتصرفاته بتأن، من منطلق المسؤوليات المترتبة على كل نجم كبير، وهذا صعب للغاية". ويتابع: "لم اشعر يوما بضغط انني اسود البشرة بل بضغط العمل لمواصلة النجاح ولكي استمر في تحقيقه، انا القادم من مدينة صغيرة (ويلمنغتون في كارولينا الشمالية)، لا سيما ان من رافقني لم يعش تجربة مماثلة ليزودني بخبرته". يعترف جوردان، الذي زاول البايسبول وبرع بها في البداية، كما زاول العابا عدة، قبل ان يجد ضالته في كرة السلة ويقرر التفرغ لها، "خصوصا انها كانت فرصة للتميز في المدرسة وحافزا لارضاء غروري الشخصي، ولاحقا حددت الموهبة اختياري النهائي". جوردان (98ر1م 98 كلغ، مواليد بروكلين/نيويورك في 17 شباط/فبراير 1963) عرف بصاحب القميص رقم 23. لعب في صفوف كارولينا الشمالية، شيكاغو بولز وواشنطن ويزاردز. واغنى مسيرة احترافه بسجل تضمن تسجيله 32292 نقطة (معدل 1،30 نقطة في المباراة الواحدة)، 6672 متابعة تحت السلة "ريباوندز" (معدل 2ر6) و5633 تمريرة حاسمة (معدل 3ر5)، ولا يزال رقمه القياسي الشخصي في مباراة واحدة (69 نقطة) ماثلا في عقول محبي اللعبة حتى الان، وسجله في سلة كليفلاند عام 1990. يحمل جوردان الميدالية الذهبية الاولمبية في دورتي لوس انجليس 1984 وبرشلونة 1992، و6 القاب في دوري المحترفين (1991، 1992، 1993، 1996، 1997 و1998)، مقرونة بالقاب "افضل لاعب" في النهائي، فضلاً عن لقب افضل لاعب خلال مواسم 1988 و1991 و1992 و1996 و1998. كما فاز 10 مرات بلقب افضل مسجل، واختير 14 مرة لمباراة كل النجوم، وفاز خلالها 3 مرات بلقب افضل لاعب. عام 2001، قدرت مجلة "فوربس" ان ظاهرة جوردان حققت عائدات في العالم تقدر بـ10 مليارات دولار. ووفق اسعار حقبته، يحتل جوردان حاليا الموقع الـ87 على صعيد افضل مدخول من كرة السلة (المدخول العام طوال مسيرته من 1984 الى 2003) ويبلغ 2،90 مليون دولار. وعموما لا توجد طريقة لنتذكر العملاق جوردان، لان مجرد ذكر اسمه يكفي، هالة كبيرة وشخصية طاغية. لقب بـ"رسول كرة السلة" و"قوة من كوكب آخر". كان "يتحدى" الجاذبية في قفزاته واستداراته وتصويباته، يتفوق بتلقائيته امام منافسيه ويبدون مكبلين كأنهم ينتعلون احذية من رصاص! اما صورته واقفا في الهواء مسددا في اتجاه سلة يوتا في نهائي دوري المحترفين (14 حزيران/يونيو 1998)، اعتبرت الصورة التاريخية الاشهر والاقوى تاثيرا بحسب مجلة "سبورت ايلوستريتد". كانت المباراة السادسة في السلسلة النهائية، ومسرحها قاعة سولت لايك سيتي. دخلها شيكاغو بولز بقيادة المدرب فيل جاكسون متقدما 3–2 على يوتا جاز. تفوق جوردان في سن الـ35 على ذاته لا سيما في الثواني الـ40 الاخيرة. كان الوحيد في فريقه الذي لمس الكرة، احتفظ بها طويلا، راوغ وموه وقفز وسجل. كرة حبست الانفاس قبل ان تدخل سلة جاز، معلنة تقدم بولز 86–85. سدد جوردان الكرة قبل 6 ثوان من نهاية اللقاء مسجلا نقطته الـ43، وابهر 72 مليون مشاهد (رقم قياسي في دوري المحترفين لا يزال صامدا). لحظة رصدتها للتاريخ وسجلتها 20 كاميرا موصولة بجهاز واحد (التقطت الصورة من زوايا مختلفة في الوقت عينه). وهي فكرة نفذها بدقة وبتقنية عالية فرناندو ميدينا واندرو برنشتاين، يوم لم تكن الكاميرا الرقمية الفائقة ابصرت النور. منذ آذار/مارس 2010 يملك جوردان فريق تشارلوت بوبكاتس، بعدما اشترى رخصته في مقابل 175 مليون دولار، وذلك بعدما كان مساهما في واشنطن وايزاردز. لكنه يعتبر فاشلا اداريا خصوصا انه لم يحسن اختيار لاعبين مناسبين وضمهم في الوقت المناسب. ولم يفز تشارلوت العام الماضي الا في 7 مباريات في مقابل 59 خسارة (6ر10 في المئة)، ومعاناته متواصلة في الموسم الحال إذ لم يحقق الا 15 فوزا في مقابل 52 هزيمة.