أوتاوا - المغرب اليوم
لا تنظروا إلى الوراء أبداً. كانت هذه هي الجملة التي تحولت إلى شعار مقدس في عالم المستديرة الساحرة. ولهذه الحكمة معنى خاص بالنسبة للمدربين الذين لا يريدون من لاعبيهم الاستكانة للأمجاد السابقة والتطلع للنجاحات الماضية. لكن هناك الكثير من الأمثلة تفيد بصواب هذه النصيحة، وأيضاً باستثناءاتها، وهو ما يجسده إيفن بيليرود تماماً. لدى المدرب النرويجي الكثير للاستفادة منه من تجربته الماضية، كانت الذروة عام 1995 عندما نال فريقه الميدالية الذهبية في كأس العالم للسيدات FIFA. بعد ذلك بعام، اعتزل تدريب المنتخب واستمر غيابه لست عشرة سنة شملت تدريب منتخبي كندا وغانا وناديي الرجال ليلستورم وإكاست. ومع اقترابه من عيد ميلاده الستين عام 2012، وفي مفاجأة للجميع، عاد بيليرود لعالم المستديرة الساحرة. ورغم أن وظيفته لم تتغير، إلا أن كرة القدم السيدات كان قد طرأ عليها تغيير هائل خلال فترة غيابه. وقال بيليرود لموقع FIFA.com: "كنت أدرس العودة إلى النرويج لأضطلع بدور في مجال الإدارة الفنية. لكن المدرب في تلك المرحلة كان يتوجب عليه الرحيل، وأصبح منصبه شاغراً وشعرت أن أمامي حافزاً لأستلمه مجدداً. منذ البداية، انتابني شعور جيد، ولا أزال أشعر بذلك. أحببت هذا العمل منذ المرة الأولى، وحصدنا نتائج مذهلة، لكن لا يوجد شكّ بأن كرة قدم السيدات تغيرت بشكل هائل منذ ذلك الوقت." وتابع قائلاً: "في تلك المرحلة لم نكن نولي منتخبات مثل أسبانيا وسويسرا وهوندا واسكتلندا جدية كبيرة. والآن، أصبحت هذه المنتخبات قوية جداً، وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى. كما إن كرة قدم السيدات أعلى مستوى فنياً وتكتيكياً. تغير أيضاً المنتخب النرويجي: فهن لا يزلن يتمتعن باللياقة والقوة والمقاربة الذهنية الجيدة، لكنهن يمتلكن مهارات فنية وتكتيكية أكثير بكثير من السابق." وبينما تطور المنتخب النرويجي للسيدات وكرة القدم النسوية عموماً، كان ذلك الأمر ملحوظا بالنسبة إلى بيليرود، ويقول في هذا الصدد: "لا أعلم ما إذا كنتُ مدرباً أفضل مقارنة بالمرة الأولى التي كنتُ فيها هنا، لكني أعتقد أنني أفضل على مستوى الإدارة وتنظيم من هم حولي. كما إنني أعتقد أنني أكثر هدوءاً وصبراً مع اللاعبات والكادر. تغير دوري أيضاً عما كان عليه في التسعينات، عندما كنتُ أرغب بأن أسيطر على كل شيء. فأنا الآن أكثر ليونة وأثق بكادري ولاعبي فريقي كثيراً، وأشجعهم على تقديم آرائهم." ولحسن حظ النرويج، فإن المقاربة الجديدة والأكثر مرونة التي ينتهجها المدرب تأتي بثمار تشابه تلك التي ألهمت الفريق للتتويج على العرش الكروي العالمي في التسعينات. وحقيقة الأمر، شكّلت كتيبة بيليرود مفاجأة النسخة الأحدث من كأس الأمم الأوروبية للسيدات UEFA في وقت سابق من العام الحالي عندما تغلبت على المانيا في الطريق إلى المباراة النهائية لتي خسرتها على يد حاملات اللقب نتيجة صدتين للحارسة المتألقة نادين أنجيرير. وقال ربان السفينة في هذا الصدد: "كان عامة الجمهور مشككاً للغاية، ولم يمنحنا الكثير من الثقة قبل البطولة. لكن اللاعبات أظهرن أن بوسعهم مجاراة أفضل الفرق. إني فخور جداً." حافظت النرويج على مستواها في الأشهر التالية لتفوقها القاري واستهلت مشوار التصفيات المؤهلة لكأس العالم للسيدات بثلاثة انتصارات، بما في ذلك فوز مظفر خارج الديار على هولندا. يؤكد بيليرود، الذي يُعرب عن قلقه من منتخبي بلجيكا وهولندا، أن كافة الاحتمالات قائمة في المجموعة، لكن عدم بلوغ كندا 2015 سيشكل مفاجأة كبيرة. وفي حال نجحت بنات النرويج بالوصول إلى كندا، فإن مدربهن سيكون على موعد مع استقبال حافل، فقد أمضى هذا المدرب ما يقرب عقداً من الزمن مدرباً في تلك البلاد لمنتخبها الوطني وما من شكّ في أن ذكراه، وبصمته، لا تزال واضحة لدى نجمات اليوم مثل كريستين سينكلير التي تصف ربان السفينة النرويجي بأنه "غيّر حياتنا كلنا". وعن مغامرته في كندا، قال بيليرود: "استمتعتُ بوقتي هناك. كان عملاً كبيراً، فقد أسست برنامجاً انطلاقاً من نقطة الصفر. تبيّن أن الأمر ناجحٌ جداً. أشعر بالسعادة عندما أنظر للخلف إلى تلك السنوات التسع. مع لاعبات مثل كريستين، استلمتُ تدريبهن وهن طفلات، ولفترة خسرنا مراراً وتكراراً. ثم بدأنا بالتعادل في المباريات ومن ثم بدأت الانتصارات تأتي. وطوال تلك الفترة كنا نرى الفتيات وهن يتحولن إلى لاعبات كرة قدم. كان تطوراً كبيراً، ولكنه أمرٌ عظيم أن نشهد كيف تطورت مسيرتهن." لم يقطع بيليرود علاقته بكندا نهائياً. وفي واقع الأمر تحدث مع موقع FIFA.com من فانكوفر قائلاً إنه في حال التأهل لكأس العالم للسيدات العام المقبل، فإن ذلك سيمثل بالنسبة له نوعاً من العودة للديار. وختم حديثه قائلاً: "زوجتي وابنتاي تعيشان هنا، ستنهيان المرحلة الثانوية قبل العودة إلى النرويج في الصيف المقبل. تمثل كندا مكاناً مميزاً لعائلتي، وبطبيعة الحال، آمل أن أمضي مزيداً من الوقت هنا في السنة التي تلي تلك المقبلة. أعتقد أنه سيكون كأس عالم رائع لأن كندا تملك تجربة جيدة في استضافة مثل هذه البطولات الكبيرة، وتنظيمها بشكل جيد إني على ثقة من أنها ستكون بطولة رائعة، وآمل أن تمثلنا النرويج."