الرباط - سناء بنصالح
أكد رئيس محكمة النقض مصطفى فارس، بأن القضاء المغربي، أصبح بعد دستور2011 ملزمًا، ليس فقط بتطبيق القانون فحسب، بل التطبيق العادل للقانون، وضمان الأمن القضائي، وحماية الحقوق والحريات وللأفراد والجماعات، بمقاربة حقوقية جديدة تتلاءم مع الأوراش الإصلاحية الكبرى التي يقودها الملك محمد السادس، والتي جعلت المغرب بكل موضوعية نموذجًا تنمويًا متميزًا في المنطقة.
وشدد فارس في مقابلة مع المغرب اليوم على أن هذا الواقع الجديد، بمتغيرات كثيرة وطنيًا ودوليًا، جعلت من محكمة النقض، باعتبار موقعها الاعتباري والقانوني ملزمة بإعطاء القدوة والنموذج لقضاء منفتح شفاف، يعمل في إطار تخطيط استراتيجي بأهداف محددة قابلة للتطبيق والتقييم ورؤية دقيقة ورسالة واضحة.
وأوضح المتحدث ذاته أن المحكمة عملت على خلق توليفة من الجسور للتواصل بين الفقه والقضاء والتشريع، حيث فتحت على سبيل المثال أبوابها، للجامعات المغربية، والمدارس العليا المتخصصة في جميع المجالات وليس فقط القانونية منها، وذلك للمساهمة في بناء معرفة قانونية وقضائية والتعريف بالاجتهاد القضائي وتطويره.
وأضاف أن محكمة النقض تستقبل سنويًا الآلاف من طلبة الماستر والدكتوراه المغاربة والأجانب الباحثين، سواء على مستوى رصيدها الوثائقي أو على مستوى القرارات القضائية أو في إطار تدريبات ميدانية، أومن خلال الإشراف على بحوثهم ورسائلهم من قبل السادة رؤساء الغرف، فضلا، عن مساهمتها في العديد من اللقاءات والندوات والدورات التدريبية مع مختلف كليات الحقوق والمعاهد العلمية والمؤسسات الوطنية والدولية، التي تتيح التواصل بين الفقه القانوني والعمل القضائي، بين ما هو نظري وبين ما هو تطبيقي، هدفنا من كل هذا الوصول إلى فقه عملي وقضاء مبني على أسس فقهية.
وذكر فارس خلال الندوات العلمية الكبرى التي نظمتها هذا العام المتعلقة بالتحفيظ العقاري وقضايا المياه والغابات وإشكاليات الأمن العقاري وكفالة الأطفال المهملين والتحكيم التجاري الدولي والدورات التواصلية مع الإعلاميين، وهي كلها -يضيف فارس-لقاءات ساهم فيها فقهاء قانونيين وقضاة متمرسين وخبراء في التشريع مما جعلها تفرز وثائق علمية هامة جدا استفاد من توصياتها واقتراحاتها الجميع.
وأشاد مصطفى فارس بجامعة محمد الخامس التي تربط المحكمة معها اتفاق تعاون منذ مدة طويلة، مضيفًا "نسعى دائما إلى تفعيلها من خلال العديد من آليات المشاركة والمساهمة المتبادلة، كما نوه بالمشاركة الإيجابية لقضاة محكمة النقض ومساهمتهم فبإعداد ومناقشة العديد من مسودات القوانين وكذا من خلال تقاريرهم الدورية التي يقدمون فيها ملاحظاتهم حول مجموعة من النصوص والقوانين التي تثير صعوبات عملية عند التطبيق، مما يجعل محكمة النقض تقدم مقترحاتها بخصوصها ونضمنها في تقريرنا السنوي الذي نوجهه لكل الجهات المعنية ونشير إليها في كلمتنا بمناسبة افتتاح السنة القضائية.
وقال "إن أهمية تلاقح الفقه والقضاء، دفع إلى خلق آلي مجددة تستهدف رصد وتجميع وتصنيف العمل القضائي داخل محكمة النقض وهي آلية المكتب الفني الذي يعمل الآن على إعداد قاعدة معطيات مصنفة موضوعاتيًا، يتم الاستفادة منها عبر محرك بحث، يتم تجويده بشكل مستمر لتقديم أفضل الخدمات سواء القضاة أو للباحثين على اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم، قاعدة معطيات، لا تتضمن فقط أهم القرارات والمبادئ القضائية الصادرة عن كل غرف محكمة النقض، وإنما أيضا يتم تجميع أهم الدراسات والتعاليق والبحوث الفقهية والرسائل والأطروحات الجامعية وتقارير الندوات واللقاءات العلمية المتعلقة بالعمل القضائي لمحكمة النقض للاستفادة منها على عدة مستويات".