الرئيسية » حوارات وتقارير
سد النهضة الاثيوبي

القاهرة - المغرب اليوم

دارت المفاوضات بشأن «سد النهضة» الإثيوبي، طوال عقد كامل من الزمان، وتعاقبت أنظمة مصرية وسودانية وإثيوبية مختلفة على إدارة الملف، وتعددت التفاصيل الفنية والسياسية فيما توالت الخلافات العلنية، لكن برغم كل ذلك يعتبر سفير إثيوبي لدى مصر، ماركوس تيكلي، الذي تسلم منصبه في نهاية أغسطس (آب) الماضي، أنه «من المبكر اعتبار أن المفاوضات فشلت».وقال لـ«الشرق الأوسط» خلال مقابلة معه بمقر سفارة بلاده بالقاهرة، «إن إثيوبيا لا تستهدف التفاوض إلى الأبد».وبينما تُقدر إثيوبيا تكلفة بناء «سد النهضة» بنحو أربعة مليارات دولار، آملة أن تصبح أكبر مُصدر أفريقي للكهرباء،

وسد الاحتياجات الداخلية لـ70 مليون شخص من مواطنيها، تقول إنهم «يعيشون في الظلام»، تحذر مصر من تأثيرات ذلك على حصة تعتبرها «تاريخية» في مياه النيل، تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتعتمد عليها في تلبية 90 في المائة من احتياجاتها المائية، داعية إلى «اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل»ويقول تيكلي مستعرضاً وجهة نظر بلاده: «لا نزال نؤمن بالتفاوض، ونتمسك بموقفنا المتسق في هذا الصدد، ونفترض أن الاتحاد الأفريقي سيمضي في دوره في إدارة جلسات التفاوض. لكننا نفضل دور الاتحاد الأفريقي كمدير لجلسات الحوار، وليس كوسيط».

وكثيراً ما يرفض المسؤولون الإثيوبيون مسألة «الوساطة» في مفاوضات «سد النهضة»، ويفضلون «مديري الجلسات أو رعاة التفاوض»، كما جرى في جولات المفاوضات، التي رعتها واشنطن نهاية العام الماضي.ولا ينحو تيكلي بعيداً عن مسؤولي بلاده في هذا الشأن، بقوله: «موقفنا هنا واضح تماماً. فنحن لم نطلب الاستعانة بأي وسيط، وما نزال نتمسك بهذا الموقف حتى اليوم، ونؤمن أنه باستطاعة إثيوبيا ومصر والسودان مناقشة القضايا المعنية فيما بينهم وتسوية خلافاتهم، وعليه فإننا لا ننوي حاليا توجيه الدعوة لأي طرف للمشاركة كوسيط، خاصة أن الاتحاد الأفريقي يضطلع اليوم بإدارة جلسات التفاوض،

وأعتقد أن هذا السبيل الأمثل للمضي قدماً».وعندما سُئل تيكلي حول ما إذا كان هناك تناقض بين تأكيده على أن إثيوبيا «تتفاوض بنية صادقة»، وإعلانها بدء ملء السد قبل التوصل لاتفاق مع مصر والسودان؛ رد قائلا: «نعم، شرعنا في ذلك، لكننا ما نزال نأمل في التوصل لاتفاق من خلال المفاوضات، لكن أحياناً وبسبب تفشي وباء فيروس (كورونا)، أو تغيير النظام الحاكم في السودان، أو بسبب بعض القضايا العالقة، لم تسر المفاوضات بالوتيرة التي كنا نأملها، وفي الصيف الماضي كان موسم الأمطار وفيراً للغاية، وكانت المرحلة الأولى من بناء السد اكتملت، وعليه لم نجد بأساً في ملء السد، وهذا ما حدث بالفعل».

 

ولم ينف تيكلي أنه «تاريخياً كانت هناك فترات مد وجزر في العلاقات بين إثيوبيا ومصر، ومنافسة للسيطرة على الماء»، لكنه قال في المقابل: «بصورة أساسية نركز اليوم على مجالات التعاون، وبالتالي يمكننا الربط بين البلدين، اللذين يتمتعان معاً بالكثير من الموارد ومجالات الإنتاج».وبشأن السلع التي يعتقد السفير الإثيوبي في القاهرة أن بمقدور بلاده تبادلها مع مصر، قال تيكلي: «يمكننا استيراد منتجات صناعية، وتصدير منتجات اللحوم والزهور... وأعتقد أيضاً أن المصريين اليوم بدأوا يتذوقون القهوة». وعندما أوضحنا لـ«تيكلي» أن «الشاي» هو الأكثر شعبية لدى المصريين... وما إذا كان ذلك «خطة» لتحويل «ذائقتهم»،

رد ضاحكاً: «لا، وإنما أسعى لتوفير القهوة لأولئك الذين يحتسونها بالفعل، فقد لاحظت الكثير من المنافذ المتخصصة في القهوة، وبلادي الأولى أفريقياً والخامسة عالمياً في مجال إنتاج القهوة».ورأى تيكلي أن عمله في مصر يواجه بعض التحديات بقوله إن تغيير التوجهات «يتطلب وقتاً، وبالتأكيد تغيير توجهات الإعلام إزاء إثيوبيا سيتطلب وقتاً، وبطبيعة الحال، لا أسعى نحو إنجاز كل شيء خلال فترة عملي هنا، وإنما أنوي فقط البدء لوضع الأساس الصحيح، بحيث يمضي من سيخلفني في منصبي على النهج ذاته. وأعتقد أن هذا السبيل الذي ينبغي لنا من خلاله بناء الثقة بين الجانبين».

وحول تقييمه لتعامل وسائل الإعلام في مصر وإثيوبيا تجاه الجانب الآخر، قال تيكلي: «في بعض الحالات تبالغ وسائل الإعلام المصرية في الحقائق والأرقام والقضايا، وهذا بالتأكيد ليس أمراً صحياً لسد الفجوات بين الجانبين، وينطبق القول ذاته على بعض وسائل الإعلام الإثيوبية.وعند سؤاله عما إذا كان يتفق مع ما ينشر في بعض وسائل الإعلام الإثيوبية من تلميحات، أو اتهامات مباشرة لمصر بالوقوف وراء احتجاجات تشهدها بلاده بين الحين والآخر، رد تيكلي باقتضاب: «لا يمكنني التعليق على اتهامات... دوري هنا تعزيز المزيد من التعاون... ولا يمكنني التعليق على مواد تنشرها صحف إثارة واتهامات».

نافيا ما تداولته وسائل إعلام عربية بشأن مناقشة البرلمان الإثيوبي مسودة قرار طرحته عضو الكونغرس الأميركي، كارين باس، يدعو الإدارة الإثيوبية لاتخاذ «موقف أكثر إنصافاً» في المفاوضات حول سد النهضة، وقال بحسم: «هذا غير صحيح. لقد ألقت رئيسة البلاد كلمة أمام البرلمان بشأن «سد النهضة» والمفاوضات حوله. وبخلاف ذلك، لم يتخذ البرلمان أي إجراء في هذا الملف».ومنذ إعلان عدم التوصل لاتفاق بشأن مسودة اتفاق أعدته الولايات المتحدة بين مصر وإثيوبيا والسودان، بدا أن العلاقات بين واشنطن وأديس أبابا ليست على حالتها السابقة، خاصة بعدما قررت إدارة الرئيس دونالد ترمب قطع مساعدات تتجاوز 100 مليون دولار أميركي عن إثيوبيا. لكن سفير الأخيرة في القاهرة قال: «سمعنا عن بيانات في بعض وسائل الإعلام، لكنا لم نجلس بعد لنناقش ونراجع تأثير مثل هذه القرارات على العلاقات بيننا،

وبين الولايات المتحدة، وفيما يخص إثيوبيا، نرى أنه تربطنا علاقات طيبة للغاية تزيد عن 100 عام مع الولايات المتحدة، وبالتالي نعتقد أن علاقاتنا ستستمر رغم مثل هذه الأحداث أو المواقف».ولم يُعلق السفير الإثيوبي على ما أعلنه الرئيس الأميركي قبل أيام عندما قال: «سينتهي بهم الأمر (المصريون) إلى تفجير السد. قُلتها وأقولها بصوت عالٍ وواضح: سيُفجرون هذا السد. وعليهم أن يفعلوا شيئا». غير أن تيكلي اعتبر الرد الرسمي الصادر عن رئاسة وزراء بلاده معبراً، والذي جاء فيه أن «التصريحات بالتهديدات الحربية يجعل إثيوبيا تخضع لشروط غير عادلة لا تزال كبيرة»، واستدركت في موقع آخر: «لن تستسلم إثيوبيا لأي اعتداءات... وما زلنا نرغب في إعادة تأكيد التزامنا بحل سلمي بشأن مسألة سد النهضة».

 

قد يهمك ايضا:

واشنطن تؤجّج نزاع "سد النهضة" ومصر تؤكّد رفضها لاستخدام القوة ضد أديس أبابا

مستشارة سابقة في "البيت الأبيض" تكشف عن عواقب خطاب ترامب حول "سد النهضة" الإثيوبي

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

غوتيريش يؤكد أن سوريا لديها فرصة تاريخية لبناء مستقبل…
رئيس الوزراء السوري يكشف آخر حوار دار مع بشار…
لافروف يدعو إلى تطبيق "صيغة أستانا" ويؤكد أن واشنطن…
وزير الخارجية الروسي يتهم أطرافاً دولية خارجية بتمويل الفصائل…
غوتيريش يُعرب عن قلقه بشأن التصعيد الأخير للعنف بأنحاء…

اخر الاخبار

دور فاعل وحيوي للمغرب في الاتحاد الإفريقي سنة 2024…
إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات في ميناء طنجة المتوسط…
مُباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية
الحكومة المغربية تُصادق على تُعين المهندس طارق الطالبي مديراً…

فن وموسيقى

لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

البرازيلي فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة غلوب سوكر لأفضل لاعب…
المغربي أيوب الكعبي ضمن قائمة أفضل هدافي الدوريات الأوروبية
محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…
المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

بوريل يأمل في أن يتفق أعضاء الاتحاد الأوروبي على…
أردوغان يآمل لقاء الأسد لإصلاح العلاقات ويتمنى أن يتبنى…
أردوغان يآمل لقاء الأسد لإصلاح العلاقات ويتمنى أن يتبنى…
غروسي يحذر إيران ويؤكد أن الوضع الدولي يزداد توتراً…
جو بايدن يدعو الأميركيين إلى التوحد من أجل مصلحة…