الدوحة ـ أ.ف.ب
يمضي مشرف بعض الظهر يسبح في بركة طولها 120 مترا، قابلة للتحول الى جاكوزي متى حان وقت اراحة عضلاته، هي جزء يسير من حياة رغيدة توفر في قطر للحيونات التي تؤصل للتفوق في سباقات الهجن.
ويقول احد الذين يهتمون بمشرف، ان التمرين "هو من اجل عضلاته، وهو مفيد لسرعة" الحيوان البالغ من العمر ثلاثة اعوام، والذي يتقدم بهدوء مربوطا بحبل، في بركة مستشفى ذرب للهجن.
والمستشفى هو المنشأة الوحيدة من نوعها في قطر، ويضم بركة عمقها عشرة امتار تبدو اشبه بواحة مغطاة بخيمة، مع ممرات مائية مخصصة لدخول البركة والخروج منها.
ويقع المستشفى وسط الصحراء في اقصى غرب قطر. ولعل الدليل الوحيد الى موقعه، هو العدد المتزايد للحظائر التي ترتاح فيها الهجن، والمنتشرة الى جانب الطريق السريع القريب.
الا ان هذا الموقع النائي لم يختر عشوائيا، فالمنشأة ليست مستشفى فقط، بل مركز لتأصيل الهجن من خلال نقل الاجنة والتلقيح الاصطناعي ايضا، ويحتاج الى ان يكون نائيا لحماية "منتجاته".
ويقول استاذ الطب البيطري والمستشار في المستشفى احمد طبري "نريد لمركز كهذا ان يكون بعيدا بما يكفي (...) لان نية التأصيل والتوليد عبر نقل الاجنة، تحتاج الى بعض العزلة".
يضيف "في نهاية المطاف، هذه المؤسسة ستضم الهجن ذات المستوى العالي".
وفي منطقة الخليج حيث تعد سباقات الهجن من ابرز النشاطات الرياضية وتستقطب اهتماما متزايدا ذا طبيعة تنافسية وربحية، تصبح مهام مستشفى ذرب اكثر اهمية.
وبحسب طبري، فان 13 من الهجن التي خرجت من رحم المستشفى، باتت تشارك حاليا في السباقات بقطر، او تتدرب للمنافسة.
وفي حين يشير الى ان جهود تأصيل الهجن تعد متأخرة مقارنة بما جرى مع فصائل اخرى، يؤكد ان هذا الواقع آيل للتبدل، وان هذا التأصيل سيكون "المستقبل".
ويرفع الطلب على الهجن القوية، البدل المالي الذي قد يطلبه اصحابها لارسالها الى ذرب بغرض التأصيل.
وبحسب ملاك للهجن في حلبة سباق الشحانية، فان احد اكثر الحيونات المرغوبة حاليا اسمه "الجزيرة"، ويبلغ من العمر ستة اعوام، وهو "لا يقدر بثمن".
يضيف احدهم ممازحا "لديه مشجعون اكثر من (نجم كرة القدم الارجنتيني ليونيل) ميسي!".
- شهرة وجوائز وثقافة -
بدأت سباقات الهجن رسميا في قطر عام 1972، وعادة ما يمتد موسمها بين ايلول/سبتمبر وآذار/مارس.
وتستقطب السباقات زهاء خمسة آلاف شخص، علما ان عدد الحيوانات المشاركة في سباقات الهجن بقطر يصل الى 22 الفا. ويتجاوز هذا العدد 55 الفا في كل دول الخليج.
وتبدأ مشاركة الهجن في السباقات عادة من سن العامين، وترسل للتأصيل في سن السادسة. ويمتد السباق على مسافة اربعة كيلومترات، وفي حالة الحيوانات الاكبر سنا، قد يمتد الى ثمانية كيلومترات.
وتشهد السباقات التي تقام على حلبات رملية بيضاوية الشكل، حماسة كبيرة. وعلى بعد امتار قليلة من حلبة السباق، يمتد مسار مخصص لسيارات عادة ما تكون رباعية الدفع، تلاحق الهجن المتسابقة. وعلى متن السيارات، يكون الملاك الذين يشجعون حيواناتهم، او حتى متفرجين يرغبون في ان يكونوا على مسافة اقرب من التنافس.
وعلى عكس سباقات الخيل، لا يقود فرسان الهجن، بل يؤدي دور السائس، جهاز "روبوت" آلي صغير يمكن التحكم فيه عن بعد، لضرب الحيوان بسوط صغير وتحفيزه على الاسراع.
ويضم موسم سباقات الهجن في قطر ثلاثة سباقات رئيسية، بينها "مهرجان سيف امير البلاد" الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ويحصل الفائزون على جوائز قيمة، منها سيارات قد تصل قيمتها الى مئتي الف دولار اميركي.
ويقول احد ملاك الهجن القطري سالم المري لفرانس برس "اذا فزت في هذه المسابقة... تصبح مشهورا جدا، وهجينك سيصبح مشهورا جدا".
ويوضح ان ثمانية بالمئة من الهجن التي يدفعها الى السباقات، تتأتى من عمليات التأصيل. يضيف "انا لست محظوظا بالشراء، بل محظوظ بالتأصيل".
وكغيرها من المسابقات الرياضية التي تمنح جوائز قيمة، اثيرت حول سباقات الهجن مخاوف من المنشطات. وحاليا، باتت الهجن تسجل في السباقات عبر تطبيق الكتروني، وتخضع لفحص دم قبل اربعة ايام من موعد السباق.
ويقول المري ان الجوائز ليست وحدها التي تجذب القطريين لسباقات الهجن.
ويوضح "سباقات الهجن، الهجن بشكل عام، مهمة جدا للبلاد وثقافتها".