الرباط -المغرب اليوم
يعمل بوشتى، تاجر الدواب، على تفحص حمارين أنزلهما للتو من على متن سيارة لنقل المواشي قبل عرضهما للبيع برحبة الدواب بسوق الأحد بني زروال، حيث تشهد تجارة الحمير هذه الأيام بربوع إقليم تاونات انتعاشا ملحوظا مع الإقبال على شرائها لاستعمالها في نقل غلة الزيتون المنتشرة أشجارها بمناطق جبلية وعرة.
عرض الحمير يبدأ مع بزوغ الفجر
بينما كانت رحبة الدواب بهذا السوق تضج بالنهيق، انهمك بوشتى في لملمة جلبابه ليجنب تلابيبه التمرغ في الوحل الذي غطى أرضية السوق إثر التساقطات المطرية المهمة التي عرفها إقليم تاونات، وساهمت بدورها في الرفع من أسعار الحمير، وعودة الأمل للفلاحين في انتعاش ما تبقى من غلة الزيتون، وتحسن جودتها.
ومع فجر كل يوم لانعقاد الأسواق الأسبوعية بإقليم تاونات، خلال موسم جني غلة الزيتون، يسارع الفلاحون وتجار الحمير إلى السوق الموجودة بمنطقتهم من أجل بيع أو اقتناء حمار أو أتان (أنثى الحمار)، حيث يعمد تجار الحمير إلى عرض بضاعتهم بشكل يجعلها تثير فضول المتسوقين.
وبمجرد دخول الزبون إلى رحبة الحمير بمختلف الأسواق الأسبوعية بإقليم تاونات، التي تعج خلال موسم جني الزيتون بالحمير متفاوتة الأسعار والحجم والسن، حتى يتسابق أصحاب الحمير المعروضة للبيع إلى تقريبه من أسعار حميرهم وصفاتها المميزة، من قبيل صغر سنها، وسمنتها، وخلوها من الأمراض، متطلعين إلى بيعها قبل انفضاض السوق مع بزوغ أشعة شمس يوم جديد.
ويتم تقييم سعر وجودة الحمير من طرف الراغبين في الشراء، خصوصا منهم من جاؤوا لاقتناء حمار أو أثان لأول مرة، بالاستعانة بفلاحين “خبراء” من رواد السوق، وذلك حتى لا يتم النصب عليهم من طرف سماسرة الحمير، المعروفين بـ”السبايبية”.قال بوشتى، 45 سنة، إنه يمارس تجارة الحمير منذ أزيد من 20 عاما، موردا، في حديث لهسبريس، أنه ورث هذه المهنة عن والده لما كان شابا يساعده في نقل رؤوس الحمير نحو مختلف الأسواق الأسبوعية بإقليم تاونات وخارجه.
السعر بالسن والصحة
وفق التاجر بوشتى فإن أسعار الحمير تبدأ من 600 درهم إلى 3000 درهم، مبرزا أن تنوع الأسعار يرضي جميع الفئات حسب إمكانيات كل شخص، وموردا أن الطلب يرتفع على الحمير خلال موسم جني الزيتون إقليم تاونات؛ للحاجة الملحة إليها في نقل المحصول من الزيتون الذي توجد أغراسه في مناطق لا يمكن أن تصل إليها وسائل النقل الميكانيكية.
وأكد المتحدث أن سعر الحمير يتحكم فيه، على الخصوص، عمرها وقوتها البدنية، إذ يتم التعرف على سنها بفحص أسنانها، مردفا بأن الحمير الجيدة لا بد أن تكون سمينة، ويخلو جسدها من الجروح والكدمات التي تدل على أن قوتها بدأت في الانهيار.
وأوضح التاجر ذاته أنه يعمل على جلب الحمير إلى أسواق إقليم تاونات خلال موسم جني الزيتون من خارج الإقليم أو المناطق التي انتهى فيها جمع المحصول مبكرا، مبرزا أن الكثير من زبائنه هم في الغالب أشخاص من المدينة حلوا بمسقط رأسهم ببادية إقليم تاونات من أجل جمع غلة الزيتون، وذلك قبل إعادة بيع حميرهم بسعر أقل، ما إن يقضوا مآربهم منها.
من جانبه، قال الشاب حميد، الذي كان رفقة والدته المسنة، إنه جاء لرحبة بيع الحمير ليشتري أثان من أجل تسخيرها في نقل غلة الزيتون، مبرزا أن الوهن أصاب الحمار الذي تملكه أسرته، إذ أصبح لا يقوى على قطع المسالك الصعبة وهو يحمل ثقله من حبوب الزيتون.وأوضح حميد، في حديثه لهسبريس، أن عملية اقتناء الحمار الجيد من الأسواق الأسبوعية تحتاج إلى كثير من الخبرة، مبرزا أن تجار الحمير يعمدون إلى خداع المشترين بإخفاء عيوب الحمير التي يعرضونها للبيع، وذلك عبر عد
قد يهمك ايضا:
موسم جني الزيتون ينطلق وسط تخوف الفلاحين من هيمنة "القنب الهندي" في المغرب