لندن - كاتيا حداد
يتكاثر معظم جراد البحر عن طريق ممارسة الجنس. ولكن هناك أنواع من إناث الجراد متحولة يمكنها تطوير القدرة على استنساخ نفسها، من دون الحاجة إلى ذكر. وهى المعروفة باسم "المارموكريبز"، أو جراد البحر الرخامي"، وله قدرة على الاستنساخ بطريقة ملحوظة وأدى ذلك إلى أن يتكاثر بطريقة عشوائية وخارج نطاق السيطرة.
ويحذّر العلماء من أن القشريات الإناث بدأت في السيطرة على أوروبا وأجزاء من أفريقيا لأنها تتكاثر بسرعة. في حين أن ذلك قد يبدو وكأنه مؤامرة من فيلم الرعب، ولكن قد تكون هناك بعض فوائد لذلك الغزو. فإن تطور جراد البحر على غير العادة يمكن أن يوفر أيضا إستراتيجية لمعالجة السرطان فهو يستنسخ نفسه بطريقة مماثلة.
وانتشر "جراد البحر الرخامي" من ألمانيا عبر أوروبا وإلى أفريقيا بأعداد هائلة منذ العثور عليه في عام 1995، ويقول جيرهارد شولتز عالم الأحياء التطوري بجامعة هومبولت في برلين، الذي تتبع انتشاره السريع في جميع أنحاء العالم : "هذا الجراد هو آفة خطيرة"، وقد حظر الاتحاد الأوروبي الآن هذا النوع ولا يجوز بيعه أو الاحتفاظ به أو توزيعه أو إطلاقه فى البرية. وفي دراسة جديدة نشرت في مجلة "الطبيعة البيئية والتطور والباحثين" تسلسل الجينومات –الصفات الوروثة- لـ 11 من "جراد البحر رخامي" ليكتشفوا كيف تنتشر بسرعة كبيرة. فكان لكل المخلوقات الـ 11 "حمض نووي" متطابق تقريبا، مما يشير إلى أنها كانت حيوانات مستنسخة.
ويعتقد الباحثون أن هذه المخلوقات المتحولة بدأت تتطور عن طريق الصدفة قبل ما يقرب من 25 عامًا، بعد أن اشترى هواة الغوص الألمان جراد بحر قيل انه كان من "جراد تكساس". لكنهم فوجئوا عندما أنتج جرادهم الرخامي مئات البيض في وقت واحد ونما كثيرا. وانتهى بهم المطاف يباعوا في محلات الحيوانات الأليفة في ألمانيا، ولكن أصحابها بدأوا في وقت قريب يلاحظون أن "مارموكربز" كانوا يتكاثرون دون الحاجة إلى زوج، وكانت جميع ذريتهم من الإناث الخصبة وكانت النتيجة استنساخ أمهات جديدة . وبمجرد تطور الأنواع الجديدة من جراد البحر، لم يعد من الممكن أن يولد جراد ذكور، على الرغم من أن الانواع المنحدرة من الذكور العادية يمكن أن تتزاوج جسديا مع "المرموكربز" .
وقد استنسخت "مارموكربز" بسرعة، وعندما بدأ أصحابها في إغراقها في الأنهار والبحيرات، انتشروا عبر أوروبا، فضلا عن اليابان ومدغشقر. وحاليا، لا أحد يعرف بالضبط كم من جراد البحر الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم، ولكنهم يعتقدون أن عدد كبير وسريع النمو. ويقول "فرانك ليكو" رئيس قسم علم الوراثة في المركز الألماني لبحوث السرطان، لمجلة "نيوزويك": "لدينا حادث تطوري حدث منذ وقت قصير جدا، بالتأكيد سوف يكون هناك بعض التغييرات، والتطورات الجينية مع مرور الوقت، من شأنها أن تجعله أكثر طبيعية " .
وقد قدّم باحثون دراسة جديدة فى المركز الألماني لبحوث السرطان في هايدلبرغ في ألمانيا دليلًا على أن ذرية "مارموكبرز" من الإناث كلها متطابقة وراثيا. وقال الدكتور "فرانك ليكو"، المؤلف الرئيسي للبحث: "لا يمكننا الكشف إلا عن بضع من المتغيرات حدثت لها وهذا هو عدد قليل بشكل لا يُصدق أما الاختلافات الدقيقة يمكن أن يعزى إلى الطفرات الطبيعية.، كما بحث الباحثون مدى قدرة "جراد البحر" على الانتشار عن طريق التكاثر النسوي، وجاء نجاحه الإنجابي بمثابة مفاجأة للباحثين. وأضاف الدكتور ليكو "كان من المعروف أن جراد البحر يمكن أن تتكاثر في البرية بعد إطلاقها من الحوض لكن الخبر كان أنه يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع".
على الرغم من أن "مارموكريبز" قشريات مستنسخة ولدت من نفس الجينات، فإنها يمكن أن تتكيف مع مجموعة واسعة من البيئات عن طريق آليات جينية، ينظمها الحمض النووي. ووفقا للباحثين، فإن هذا التنظيم الجيني يمكن أن تجعل مارموكريبز مثيرة لاهتمام باحثين الأورام، وقد عرف العلماء أن آليات جينية لبضع سنوات تلعب دورا رئيسيا في هذه العمليات، ويمكن أن تؤثر على السرطان ودورة المرض. وتحدث ظاهرة تدعى "التطور النسيجي" في كل من الـ "مارموركريبز وفي الأورام" . وقال الدكتور ليكو "أن الحمض النووي للورم أيضا يتطور باستنساخ نفسها، لأنها تعود إلى خلية أصلية واحدة". ويريد فريق البحث الآن استخدام جراد البحر الرخامي لمزيد من البحث في دورهم و طريقة تكاثرهم .