مراكش ـ وسيم الجندي
استطاعت مراكش أن تحدد إذا كان شخص ما صحيحًا من خلال امتلاكه لدراجة، وذلك بعد أن أطلقت مشروع لركوب الدرجات، حيث كانت شوارعها في إحدى الأيام مليئة براكبي الدراجات المتحمسين، لكنها حاليًا امتلأت بالدراجات البخارية والسيارات ما أدى إلى ازدحام الطرق.
وحاولت شركة الدراجات الفرنسية "سموفي" إحياء ثقافة ركوب الدراجات في مراكش لتعزيز النقل المستدام من خلال إطلاق أول نظام لمشاركة الدراجات في المدينة، وتزامن إطلاق المبادرة مع بدء مؤتمر المناخ "كوب22" في مراكش، وقالت حكيمة الهيتي وزيرة البيئة في الحكومة المغربية: "لقد حققنا جزء من الاستدامة في دستورنا، وحتى الآن يجري تنفيذ المشروع مع أسطول جديد من الحافلات الكهربائية التي خرجت في يوليو/ تموز فضلًا عن مبادرة الدراجات كجزء من خطط أوسع للنقل الأخضر المستدام في المدن المغربية".
وأطلقت شركة سموفي مبادرة مشاركة الدرات أيضًا في فلسنكي وشيكاغو وموسكو وفانكوفر وسعت إلى مراكش بعد فوزها في العطاء في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لبدء المشروع، ويقوم مشروع "دراجة المدينة" بطرح 300 دراجة تقوم بنقل الراكبين بين 10 محاور تمركزت في مواقع شهيرة في المدينة مثل مسجد الكتيبة وحديقة ماجوريل.
ويوضح لورنت مركات الرئيس التنفيذي لشركة سموفي " يقدم المشروع وسيلة حديثة لاستخدام الدراجات"، وتعمل الشركة مع منظمة محلية باسم Estates Vision للحفاظ على نظام المشروع لمدة 5 سنوات، آملين أن يحظى المشروع بدعم من السكان المحليين من خلال تاريخ مراكش من ركوب الدراجات.
وأوضح داميان هايدن مدير تطوير الأعمال لدى سموفي " قبل 40 عامًا كان هناك العديد من الناس وبخاصة النساء الذين يركبون الدراجات في المدينة، ولدينا صور بالأبيض والأسود تكشف عن ذلك، ولكن اختفى ذلك بسبب حركة المرور التي جعلت ركوب الدراجة من المستحيل في أجزاء من مراكش"، ويحتاج هذا المشروع إلى تغيير في البنية التحتية في مراكش ليستمر،، مثل توفير ممرات للدراجات على طول الطرقات، وأضاف هايدن: "أعتقد أن هذا النظام سينجح، ولكن فقط إذا ساعدتنا المنظمات العامة الأخرى لتهيئة الظروف لذلك، ليس من السهل ركوب الدراجات في مراكش".
وتمثل التحدي الآخر في توفير الدراجات للسكان المحليين ذات الدخل المنخفض، وتعمل سموفي على توفير خيارات مختلفة للدفع من خلال بطاقات الائتمان وتطبيقات الهواتف الذكية التي تستخدم في مخطط الدراجات، وتابع لورنت مركات: "لا نريد فقط أن يصل للدراجات الأثرياء من ذوي بطاقات الائتمان".
وتبلغ تكلفة اشتراك الدراجة 500 درهم سنويًا أو 150 درهم أسبوعيًا أو 50 درهم يوميًا، ويعادل الاشتراك 40-45 يورو سنويًا، وهو أغلى من رسوم نظام الدراجات في فرنسا لأنه غير مدعوم من الإعانات الحكومية حسبما أوضح ميركات، وترى سموفي أن هذا السعر يعد رادعًا للتخريب المحتمل والسرقة، ويشير هايدن إلى أن اهتمام المارة بالأمر يوضح أن السعر ليس عائقا.
وبينت نزهة العلمي المستشارة في أحد محطات الدراجات أنها تأمل أن يصل المشروع إليها في كزابلانكا، مضيفة: " استخدم الدراجات في باريس ولشبونة وبرشلونة، إنها عملية للغاية، وتعد كزابلانكا في حاجة إلى مثل هذا المشروع، لأنها مدينة كبيرة ويصعب التنقل فيها بالسيارات"، ومن المقرر التوسع في نظام مشاركة الدراجات في مواقع أفريقية أخرى، حيث يمكن للدراجات أن تحد من الازدحام في المناطق الحضرية.
وأوضحت نزهة العلمي: "خطط الدراجات لديها سجل يتخلله مشاكل السرقة وانعدام الأمن المالي على الصعيد العالمي، وستكون هناك تحديات فريدة من نوعها في السياق الأفريقي في كينيا على سبيل المثال، حيث أطلقت جامعة نيروبي مشروع الدراجة صغيرة الحكم في حرمها الجامعي، فيما لاحظ الباحثون ارتباط ركوب الدراجة بالفقر وهو ما يمكن أن يكون عائقًا أمام تبني الفكرة".
وأكد ميركات أن من ممثلي القارة الأفريقية في مؤتمر المناخ والذين سيلتقي بهم وهم، كوت ديفوار وجنوب أفريقيا وكينيا، أعربوا عن اهتمامهم بمشروع سيموفي، وأنهم سيتحدثوا بشأن تطبيق نظام الدراجات في بلادهم، وفي حال نجاح المشروع لمدة 5 سنوات في مراكش سيكون ذلك بمثابة نقطة إنطلاق لمشاريع مصممة خصيصًا لركوب الدراجات في جميع أنحاء القارة، وتابع ميركات: "نأمل في أن تبدأ العديد من المدن الأفريقية في التساؤل عما إذا كان يمكن تطبيق ركوب الدراجات في أفريقيا".