لندن - سليم كرم
كشف باحثون أن اتباع نظام غذائي، يعتمد على الحبوب، يحول "الهامستر البري"، في شمال شرق فرنسا، إلى آكل لحوم مضطرب يلتهم صغاره. وأوضح غيراد بومغارت، الخبير في الهامستر الأوروبي ورئيس مركز البحوث لحماية البيئة في Alsace، قائلًا "من الواضح أن هناك عدم توازن، موائل الهامستر لدينا تنهار".
ويعدّ الهامستر في حالة خطرة في غرب أوروبا، وعلى الرغم من انتعاشه عند تغذيته على مجموعة متنوعة من الحبوب والجذور والحشرات، إلا أنه يعيش اليوم من محيط عقيم من الذرة أو الحبوب التي تنمو صناعيًا.
واكتشف العلماء أن هذا النظام الغذائي الرتيب يترك الحيوانات تتضور جوعًا، وهو ما اكتشفه العلماء عن طريق الصدفة. وتكمن المشكلة في نقص الفيتامينات، وبخاصة b3 أو النياسين، وفحص باحثون من جامعة ستراتسبورغ بقيادة "ماتيلدا تيسر"، لمعرفة ما إن كان النظام الغذائي للهامستر، يؤثر على قدرته على التكاثر في البرية.
ونظرت البحوث السابقة في تأثير المبيدات الحشرية والحراثة الآلية، والتي يمكن أن تدمر منازل هذه الحيوانات تحت الأرض، وبخاصة خلال فترة السبات في الشتاء، فيما ظل احتمال وجود صلة بما يأكلون غير مكتشفة، وقارنت أول مجموعة من التجارب المعملية عينات برية، تعتمد على القمح والذرة في غذائها مع أطباق جانبية من البرسيم والديدان، ولم يكن هناك اختلاف في أعداد الذرية أو القيمة الغذائية الأساسية للقوائم المختلفة، ولكن كان الفرق كبير فيما يتعلق بمعدلات البقاء على قيد الحياة، وتم فطام أربع أخماس من الذرية المولودة من أم تتغذي على القمح والبرسيم أو القمح والديدان، والأكثر قلقًا هو كيف لقوا حتفهم.
وأضاف العلماء "خزنت الإناث صغار مع مخزونها من الحبوب قبل التهامهم، وكان الصغار ما زالوا أحياءً"، وأظهرت الأمهات آكلة لحوم صغارها علامات أخرى من الشذوذ، وعادة ما يجري الهامستر في دوائر ويتسلق نحو المُغذي عندما دخل العلماء إلى الغرفة، وكان لدى الإناث ألسنة متورمة وداكنة ودم سميك صعب أخذ عينة منه، ولاحظ العلماء هذه الأعراض، وتم ربط نقص فيتامين B3 بمتلازمة اللسان الداكن في الكلاب، وتدعى هذه الحالة لدى الإنسان "البلاغرا" أو مرض "3-d"، وتسبب الإسهال والخرف والتهاب الجلد مثل الإكزيما، وذكر الباحثون "ارتبط النظام الغذائي المعتمد على الذرة غير المطبوخ جيدًا بارتفاع معدلات جرائم القتل والانتحار، وأكل اللحوم البشرية لدى الإنسان".
ويعتقد أن مرض البلاغرا دمر نحو 3 مليون شخص في أميركا الشمالية وأوروبا من منتصف القرن 18 إلى منتصف القرن 20، وفكرت تيسر وزملائها في طريقة لمعرفة ما إن كان الهامستر الذي يتناول الذرة يعاني من حالة مماثلة، وفي المجموعة الثانية من التجارب قدم الباحثون للهامستر وجبات غذائية من الذرة، وتحتوي إحداها على فيتامين b3، وكان النظام الغذائي الغني بالفيتامين كافي للقضاء على هذه الأعراض المروعة، ومنع إناث الهامستر من أكل صغارها، وأشار العلماء إلى أن العواقب الوخيمة لنقص فيتامين b3 لم تنتج عن انخفاض هرمونات الأم، بل نتيجة تغير الجهاز العصبي، وهو ما أثار سلوكيات الخرف لدى البشر أيضا.
وحثّ الباحثون "مع العلم بأن هذه الأنواع تواجه بالفعل تهديدات كثيرة وأن معظمها يواجه خطر الانقراض، وهناك ضرورة مُلحة لاستعادة مجموعة متنوعة من النباتات في مشاريع زراعية"، ويتفق بومغارت الذي ناضل لأعوام لحماية القوارض المهددة بالانقراض قائلًا "التربية المنفردة في الراعة سيئة حقا للتنوع البيولوجي، نحن الأن بحاجة لاتخاذ إجراءات ملموسة".