الرباط_ المغرب اليوم
استثناء جميل بجهة كلميم واد نون، اختارت جمعية عائشة للتنمية عن قرب والاهتمام بالبيئة مجالا منفردا عن مثيلاتها من الهيئات المدنية، مفضلة قاموس الشجرة والماء والأرض لكتابة مسار جمعوي حافل ومعنون بجملة من الإنجازات والمشاريع البيئية المتنوعة التي امتدت منذ التأسيس سنة 2005 وما زالت مستمرة إلى غاية اليوم.
وعلى الرغم من تموقع جمعية عائشة بقرية أم إفيس بإقليم كلميم، فإن هذا الهامش لم يكن يوما حاجزا أمامها؛ بل حولته ليكون حافزا لها تمكنت عبر بوابته من نقش اسمها على جميع المستويات والأصعدة، ونالت من خلاله العديد من الصفات والجوائز نظير العمل المتميز الذي تقوم به من أجل بيئة آمنة وتوزان إيكولوجي مستدام وزرع ثقافة غرس الأشجار التي تعتبره سبيلا للتكيف مع التغيرات المناخية والتقليص منها.
ومن بين التتويجات التي حازت عليها هذه الجمعية عضوية شبكة المجتمع المدني للصندوق العالمي للبيئة ووسام الجودة من الفريق الأوروبي للتطوع والوضعية الاستشارية بالأمم المتحدة، فضلا عن تمكنها من نيل شرف الانخراط في برامج وطنية ودولية لتقوية قدرات الفاعلين الجمعويين في مجال البيئة والاقتصاد التضامني ونشر ثقافة التطوع الدولي الإنساني.
مستنبت نموذجي
تواصل جمعية عائشة للتنمية عن قرب والاهتمام بالبيئة، منذ سنة 2012، مجهوداتها الرامية إلى تطوير مستنبتها الكائن بمنطقة أم إفيس بجماعة لقصابي، قصد المساهمة في محاربة التصحر وزرع ثقافة غرس الأشجار في الأوساط المحلية بإقليم كلميم.
محمد مصطفى بنداود، رئيس الجمعية، قال، في تصريح لجريدة لهسبريس، إن “مستنبت عائشة بدأ صغيرا جدا على مساحة بضعة أمتار مربعة، ليتطور بعد ذلك بشكل تدريجي بفضل المتطوعين المتدربين الذين يأتون من أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا، وكذا متدربي معهد التكنولوجيا الفلاحية بالعيون الذين أصبحنا بمساهمتهم ننشد إنتاج 20 ألف فسيلة بشكل سنوي بعدما كانت تتراوح الحصيلة السنوية في ما يقارب خمسة آلاف من فسائل الأشجار المثمرة”.
ويهدف المشروع البيئي، وفق المتحدث ذاته، إلى زرع ثقافة غرس الأشجار لدى مختلف الشرائح العمرية بإقليم كلميم وتوزيع كميات مهمة من الفسائل، وخصوصا منها التي لا تستهلك كمية كبيرة من الماء وتتحمل شح الأمطار؛ وعلى رأسها الخروب الرمان والأركان والزيتون والسفرجل والتين.
وأشار الفاعل الجمعوي إلى أن المستنبت كسب شهرة واسعة، بعد حصول جمعية عائشة على جائزة المجتمع المدني سنة 2018 ونيلها لوسام الجودة من الفريق الأوروبي للتطوع وتتويجها سنة 2020 بالوضعية الاستشارية بالأمم المتحدة.
دعم الزراعة الأسرية
“تتوخى جمعية عائشة للتنمية عن قرب والاهتمام بالبيئة من المشروع البيئي إنتاج 20 ألف فسيلة سنويا وتوزيعها على 20 جماعة ترابية؛ منها 18 جماعة بإقليم كلميم وجماعة بآسا الزاك، وأخرى بسيدي إفني، من خلال استهداف صغار الفلاحين ودعم الزراعة الأسرية وتطويرها عبر مد الأسر بأصناف عديدة من الأشجار المثمرة”، يتابع بنداود في حديثه لهسبريس.
وأردف رئيس الجمعية: “بعد عملية التوزيع المجاني، نقوم بتتبع الأشجار والوقوف على مدى اهتمام الجهة المستفيدة، إذ تعتبر هذه الخطوة المعيار المعمول في وقف التعامل بصفة نهائية أو الاستمرار فيه وتمكين الأطراف المعنية من شتائل إضافية”.
“إن ساكنة كلميم أصبحت مقتنعة بالأشجار المثمرة؛ الأمر الذي أضحى يفرض علينا اليوم تثمين هذه القطاع ضمانا لاستقطاب سياحية إيكولوجية من شأنها تمكين السكان المحليين من موارد اقتصادية مصدرها التشجير، وبالتالي المساهمة في الحد من الهجرة من البادية إلى المدينة؛ وهو رهان متاح التحقيق وسبق الوصول إليه بدوار إمي إفيس، الذي لم تهاجر منه منذ 6 سنوات ولو عائلة واحدة بل أصبحت لدينا هجرة معاكسة”، يضيف المتحدث ذاته.
انفتاح تربوي وأكاديمي
أوضح بنداود أن جمعية عائشة للتنمية عن قرب والاهتمام بالبيئة تشرك في عملية إنتاج الفسائل مجموعة من التلاميذ النشطين بنوادي المؤسسات التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، من أجل تربيتهم على حب الشجرة ومعرفة أسرارها وأهميتها. كما نعمل على مد المدارس التعليمية بالأشجار المثمرة لتنشيط الفرق البيئية في مدينة كلميم والجماعات القروية المجاورة.
وأضاف رئيس جمعية عائشة للتنمية عن قرب والاهتمام بالبيئة: “كما انفتحنا، مؤخرا، على جامعة ابن زهر بكلية الاقتصاد بكلميم والمدرسة العليا للتكنولوجيا وجمعية أساتذة علوم الحياة والأرض، وكذا على المستوى الدولي نتعامل مع جامعة زوريخ التي سيحط وفد من خبرائها الرحال بكلميم ابتداء من شهر ماي لإنجاز دراسات معمقة من شأنها عقد شراكات مع جميع وكالات الصندوق العالمي للبيئة البالغ عددها 18 منظمة”.
دعم وطني ودولي
“نسهر، مؤخرا، على مشروع وضع الخطوات الأولى لغرس 40 ألف شجرة أركان على مساحة 200 هكتار، والذي من المقرر أن يضم كذلك غرس النباتات العطرية والطبية، بشراكة مع الوكالة الوطنية لتنمية الواحات ومناطق الأركان إضافة إلى منظمة ROAD TREEPS ومؤسسة YVES ROCHER التي تواصلت معنا بغرض إعداد ورقة تقنية لمشروع له علاقة بالتشجير والتكيف مع تغيرات المناخ”، يورد رئيس جمعية عائشة.
وتابع بالقول: “نحن، الآن، بصدد إنجاز مزرعة نموذجية مساحتها 10 هكتارات بتنسيق مع شركة متخصصة في تونس والمنظمة الفرنسية ووزارة الفلاحة عبر برنامجها المخطط الأخضر، والتي سنجهزها بالموزع المطمور الذي يمكن من ترشيد 70 في المائة من مياه الري مقارنة مع التنقيط”.
وأوضح الفاعل البيئي عينه أن هذا المشروع، الذي سيتم تنزيله بمنطقة الرويسات المتواجدة بالكيلومتر 22 على طريق كلميم الشاطئ الأبيض، حظي أيضا باهتمام جامعة سويسرية أبدت استعدادها لدعمه عبر بعث خبرائها في إطار برنامج إعادة التوازن البيئي؛ وهو الأمر نفسه مع الهيئة الأوروبية للتطوع التي ستمكن الجمعية من فريق متخصص لدراسة مجموعة من المشاريع، وهو ثمرة الصفة التي حصلت مؤخرا وتسمح لها الترافع لجلب مشاريع متعلقة بالتكيف مع متغيرات المناخ.
قد يهمك ايضا :
ظهور تأثير جديد لفيروس "كورونا" على أعماق الأرض
علماء يكشفون أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة يساهم في التغيرات المناخية