الرباط - المغرب اليوم
تواصل بوادي المملكة المغربية معاناتها من وطأة التهميش والإهمال لعقود طويلة، والنتيجة غياب أبسط مقوّمات الحياة في "هامش المغرب"، وهو ما تجسّد جلّيا في ظل حالة "الطوارئ الصحية"، حيث وجدت الدولة نفسها "حائرة" بشأن كيفية ضمان ديمومة التعليم لفائدة الناشئة بعد إقرار الوزارة الوصية على القطاع التعليم عن البعد.
ففي أعالي جبال المملكة، توجد قرى خارج حسابات الزمن الحكومي في الظرفية العادية بفعل العزلة التي تحكُمها، وجاءت "أزمة كورونا" لتغرقها في مأساة اجتماعية أكثر حدة أرخت بظلالها على وضعية التلاميذ الذين يعيشون على الترقب والانتظار مع تفشي الجائحة رويداً رويدًا في شرايين البلد.
وأعلنت وزارة "التربية الوطنية" عن بعض الإجراءات المواكبة لعملية التعليم عن بعد، منها إطلاق منصة رقمية توفّر المضامين التربوية للتلاميذ، لكن التعليم الإلكتروني غير مُتاح لجلّ الأسر في البوادي نتيجة انعدام أو ضعف تغطية شبكات الهاتف النقال والإنترنيت وعجز الأسر عن اقتناء الأجهزة الإلكترونية لفائدة أبنائها.
كما تغيب أجهزة التلفاز عن العديد من العائلات في "المغرب العميق"، لا سيما بجبال الجنوب الشرقي والأطلس، الأمر الذي يعرقل استمرارية العملية التعلّمية في تلك المناطق القروية التي تعرف تعثرات على مستوى التمدرس في الأصل، ما أثار استياءً لدى كثير من الفاعلين الذين نبّهوا إلى عدم تكافؤ الفرص في المجال التربوي.
وإذا كانت الوزارة الوصية على القطاع تراهن على مواكبة الآباء والأمهات للأبناء في مرحلة التعليم عن بعد، فإن ذلك يبقى محصورا على الحواضر الكبرى فقط، ذلك أن العديد من الأسر في البوادي تكون غير متعلّمة، فضلا عن انشغالها بتوفير الاحتياجات الضرورية للعيش اليومي.
لذلك، قال أحد السكّان في منطقة أزيلال إن "طلاب وتلامذة المناطق الجبلية النائية في جبال الأطلس يعانون الأمرين؛ أزمة كورونا وتحديات متابعة الدراسة"، موردا أن "أبسط مقومات العيش الكريم غير متوفرة في العالم القروي بالمملكة، حيث تغيب أجهزة التلفاز وتضعف تغطية شبكات الهاتف النقال والإنترنيت".
وأضاف المواطن المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "سكان الهامش يبحثون عن إشارة شبكة الاتصالات كما لو أنهم يبحثون عن معدن ثمين"، موردا أن "الأسر تكابد من أجل سد احتياجاتها المعيشية فقط في ظل التبعات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة في الظرفية الراهنة".
وأوضح المتحدث القاطن في أزيلال أن "التلاميذ أو الطلاب الذين يتوفرون على الهواتف النقالة يعجزون عن متابعة الدروس الرقمية بسبب غياب مجانية الولوج إلى الشبكة العنكبوتية"، مؤكدا أن "هذه الفئة لا تملك النقود الكافية لشحن رصيد هواتفها بالنظر إلى المدخول الهزيل للأسر".
وقد أعدّت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي منصة رقمية للتعليم عن بعد، في إطار إجراءات احتواء فيروس "كورونا" المستجد، وذلك بعد تعليق الدراسة في جميع المستويات، ليكون البديل الاضطراري في الظرفية الراهنة هو التدريس الإلكتروني والتلفزي في البيت.
قد يهمك ايضا :
تعرف على تعويضات العمال الذين فقدوا وظائفهم جراء مواجهة"كورونا" في المغرب
وزارة الشغل تُعلق استقبال ملفات طلبات التأشير على عقود عمل الأجانب لمدة 15 يوما