الرباط - المغرب اليوم
بعد اجتماعات “ماراطونية” اقتربت من 25 اجتماعا، منذ التوقيع على “اتفاق 14 يناير 2023” مع “النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية”، خرج إلى النور “نظام أساسي موحَّد خاص بموظفي قطاع التربية الوطنية” إثر مصادقة الحكومة عليه، الأربعاء، متطلّباً “مجهودا مهما من الحكومة”، وفق توصيف وزارة التربية الوطنية.
وثيقة رسمية صادرة عن القطاع الذي يُديره شكيب بنموسى، تضمنت شروحات مفصلة لأبرز المستجدات التي حملها المشروع بالنسبة لكل فئة، خاصة في الشق المالي، الذي طالما كان مثار نقاش واسع بين النقابات والوزارة؛ قبل أن تعلن الأخيرة “تعبئة 9 مليارات درهم إضافية كل سنة في أفق 2027، بمعدل 2.5 مليار درهم إضافي كل سنة ابتداء من سنة 2024”.
وبموجب النظام الجديد، تشرح الوثيقة ذاتها، سيتم “ترسيم 140 ألف أستاذ وأستاذة ابتداء من سنة 2023، والاستفادة من الترقيات وفقاً لرُتَبهم بأثر رجعي على مدى السنوات الخمس الماضية”. كما نصت الوثيقة على أن “ما يناهز 80 ألف أستاذ وأستاذة (ثلث أطر التدريس)، الذين تم توظيفهم في السلم العاشر، سيتمكّنون، بحلول سنة 2027، من ولوج الدرجة الممتازة (خارج السلم) على أساس معايير الأقدمية والتقييم السنوي”.
هذا الإجراء سيكون له بالتأكيد أثر على الراتب الشهري ليشمل ما يناهز أكثر من 5 آلاف درهم خام و2700 درهم صافية، على أن الدرجة الممتازة ستشمل، في نهاية المطاف، ثُلثيْ الأساتذة الذين يتوفرون على 25 سنة من الأقدمية في الإدارة أو أكثر، حسب المصدر ذاته.
أما فيما يخص التوزيع السنوي للأعداد المستفيدة سنة 2023، فيتعلق الأمر بـ 4 آلاف أستاذ محال على التقاعد (تاريخ المفعول يناير 2023)، وأكثر من 27 ألف أستاذ في 2024، وأكثر من 20 ألف أستاذ بحلول 2025، وأكثر من 15 ألفا سنة 2026، وأكثر من 10 آلاف في 2027.
مكافأة الأداء
الأطر التربوية والإدارية في “المؤسسات الرائدة” من المنتظر أن تُمنح عبر هذا النظام الأساسي “مكافأة الأداء”، حيث إن المبلغ السنوي يصل إلى 10 آلاف درهم صافية (14 ألف درهم خام)، وبحلول سنة 2026 سيستفيد أكثر من 220 ألف موظف وموظفة في القطاع من مكافأة الأداء، موزعين على أكثر من 7 آلاف مؤسسة تعليمية.
ويُظهر التوزيع السنوي لأعداد المستفيدين مؤشرات دالة تهم وضعية 12 ألف موظف سنة 2023، على أن يبلغ العدد خلال السنوات من 2024 إلى 2026 أكثر من 70 ألف موظف وموظفة سنوياً.
التعويضات التكميلية
سيستفيد 40 ألف موظف وموظفة من فئات معينة من “الزيادة في التعويضات التكميلية” منذ شتنبر 2023، والرفع من قيمة التعويضات من أزيد من 600 درهم إلى ما يفوق 1300 درهم صافية شهرياً، أي “ما يعادل نسبة ما يزيد عن 80 في المائة، وما يزيد عن 350 في المائة”.
وتهم الفئات المعنية التالية “مديرات ومديري المؤسسات التعليمية والأطر التربوية والإدارية بالمؤسسات التعليمية، وأطر التدبير المادي والمالي على صعيد المؤسسات التعليمية، والمفتشين بمختلف تخصصاتهم، وكذا المستشارين في التوجيه والتخطيط، والأساتذة المبرَّزين”.
جودة التعليم والمدرسين
عن الأثر المالي المتوقع في علاقته بجاذبية مهن التعليم والتدريس والتربية والتكوين، التي قال الوزير إن “النظام الأساسي يحفّزها ويرفع من قيمة المسار المهني للمدرّسين”، سجل عبد الناصر ناجي، خبير تربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم بالمغرب (أماكن)، أن “الوزارة الوصية اعتمدت لأول مرة نظاما أساسيا موحّداً يقطع مع ما كان معهودا في السابق”، مشيدا باعتماده “في الجانب المتعلق بالتحفيز المهني آلية جديدة تقوم على منح مالية لأعضاء الفريق التربوي، وفق شروط معينة ترتبط بالمردودية والفعالية”.
ناجي أكد لهسبريس أن “التحفيز سيشمل أطر التدريس والأطر الإدارية والتربوية بمؤسسات التعليم العمومي الحاصلة على شارة “مؤسسة الريادة”، مع منح جائزة الاستحقاق المهني وشهادات التقدير والاعتراف، والزيادة في مبالغ التعويضات التكميلية”، مثنياً بالمجمل على هذه التحسينات.
وتابع قائلا: “ما يؤاخذ على النظام الأساسي الجديد أنه لم يتعامل بشكل متساوٍ يضمن الإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع موظفي القطاع والأطر”، منبها إلى أنه قد يترتب عن ذلك “ضحايا جدد كما وقع في النظام القديم”، مما يطرح “إشكالية الأثر والتحفيزات المالية لكل فئة حين الحديث عن الاستفادة المالية، فالنظام قام بمراجعة وضعية بعض الفئات وليس مراجعة جميعها”.
ولفت إلى أن “النقطة الجوهرية في إصلاح التعليم تفطّنت إليها الوزارة في النص الجديد، وهي أنه لا يمكن تحسين جودة التعليم إلا بعنصريْن: جودة التكوين، وجودة المدرّسين.. وهذه مِن تلك”.
بالمقابل، سجل الخبير التربوي ذاته أن النظام الأساسي “لم يحترم ما نص عليه القانون الإطار”. وزاد موضحا “ينبغي أن نحدد كفايات ومهام هيئة التدريس لأنها مرجعية قبل أن نراجع النظام الأساسي”، داعيا إلى “تحديد مواصفات كل مهمة مهنية وكفايات كل هيئة لممارسة مهامها بدقة”.
ناجي لم يغفل في إفاداته أن “المبالغ المذكورة ضمن مستجدات النظام والمرتقبة في كتلة الأجور سنويا لا تشمل عند احتسابها زيادة 2500 درهم للأساتذة الجدد في بداية مسارهم المهني، كما وُعِدوا بذلك في بداية الولاية الحكومية الحالية”، مسجلا أن “متوسط الزيادة لكل أستاذ لا يتجاوز 1000 درهم في السنة، تنقسم بين تعويضات جديدة وتحفيزات”.
واسترسل قائلا: “أكيد أن الوزارة استحضرت الإكراهات المالية السنوية عند إعداد الميزانية، إلا أنه من المتوقع أن الفئات المتضررة ماديا من هذا النظام الجديد ستحتجّ، معيدة سيناريوهات فئات سابقة”، مشيدا في الختام بـ”توحيد النظام الأساسي بعدما عانت المنظومة التربوية المغربية من انقسام الفئات وطغيان إشكال التعاقد، وهو ما سيضمن السِّلم الاجتماعي”.
ثمن إصلاح المنظومة
يتفق محمد الرهج، أستاذ الاقتصاد، مع ما ذهب إليه ناجي، مؤكدا أن “التعليم طالما عانى ظروفا صعبة أثرت بجلاء على جودة التعليم كمرفق عمومي أساسي”، وذكّر بـ”إشكالية الاكتظاظ (زيادة عدد التلاميذ مقابل محدودية الموارد البشرية التي حدّت الوزارة في سنوات سابقة من حجم توظيفها)”.
الخبير الاقتصادي سجل، في تصريح ، أن “ضمان تكوين عالٍ للمتمدرسين والأساتذة (باعتبارهم أبرز ركائز الإصلاح المنشود) من المنطقي أن يكون مُـرافَقـاً بتحسين الراتب والأجور، فضلا عن نظام التحفيزات مقابل الكفاءة والمردودية الفعّالة”، مقدّراً أن “الأثر المالي المتوقع بـ2.5 مليار درهم سنويا لن يؤثر في شيء على إمكانيات الدولة لتوفير هوامش مالية ممكنة ومواجهة مختلف المصاعب”، رغم إقراره بـ”صعوبة الظرفية”.
واعتبر الرهج أن “جاذبية مهنة ومسار التعليم تقتضي تعويضات محترمة تضمن كرامة الأستاذ وعيشاً لائقا، خاصة مع غلاء المواد الأساسية الذي عانينا منه مؤخرا”، مسجلا أن ذلك “احترام وتقدير للكفاءات في قطاعٍ لا يزال يُنظَر إليه حكوميا بكونه مَرفَق اجتماعي للدولة وليس استثمارا في رأسمال بشري ضمن حسابات الاقتصاد العصري والتأهيل لمواكبة تحولات الذكاء الاصطناعي والرقمنة”.
وختم قائلا: “توفير الهوامش المالية لفائدة كتلة أجور المستفيدين من النظام الأساسي الجديد مُمكن بشرط ترشيد أكبر للنفقات غير الضرورية في عدد من القطاعات، ووجود إرادة حقيقية لمواصلة محاربة التملص الضريبي”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية يَربط تحفيزَ الأساتذة بـ"المردودية والفعالية"
السلطات المغربية و«إيسيسكو» يدرسان التعاون لمواجهة آثار الزلزال على العملية التعليمية