بروكسل ـ المغرب اليوم
ساعد الأطباء البلجيكيون أربعين متطوعًا على التخلص من مرض السكري من النوع الثاني، وخفض نسبة الكوليسترول في الدم، وتحسين وظائف الكبد، مستخدمين ثقافات البكتيريا من جنس Akkermansia.
ونشرت مجلة Nature Medicine نتائج دراستهم.
يلاحظ باتريس كاني من جامعة لوفين (بلجيكا) أنه "بالإضافة إلى التحسينات في عملية التمثيل الغذائي، تخلص متطوعونا أيضًا من حوالي 2 كغ إضافيين ونحف الوركين بمقدار 2.5 سم. وفي الوقت نفسه، يجب أن نفهم أن تجاربنا ليست سوى الخطوة الأولى الناجحة في إنشاء وسائل من شأنها حل جميع هذه المشكلات في الحالات السريرية".
يحتوي جسم الإنسان على حوالي عشرة أضعاف بكتيريا أحادية الخلية وفطريات وأنواع أخرى أكثر من خلايا جسمه، وتظهر ملاحظات السنوات الأخيرة أن البكتيريا البشرية لا يمكن أن تؤثر فقط على عملية التمثيل الغذائي واحتمال الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى، ولكن أيضًا على سلوك الإنسان.
على سبيل المثال، قبل عام، اكتشف علماء الأحياء الأمريكيون، الذين أجروا تجارب على الفئران، أن تطور مرض التوحد قد يكون بسبب غياب بكتيريا Lactobasillus reuteri في أمعاء الأطفال وأمهاتهم.
قبل عشر سنوات، اكتشف كاني وزملاؤه أحد الأنماط الأولى من هذا النوع، وقاموا بتجربة على الفئران، ولاحظ العلماء أنه في الأمعاء لدى الأشخاص الأصحاء والنحفاء، توجد ميكروبات من جنس Akkermansia أكثر بكثير من تلك الموجودة في الجهاز الهضمي لمرضى السكر والرجال والنساء البدينين.
مسترشدين بهذه الفكرة، قام علماء الأحياء بالتحقق مما سيحدث إذا بدأنا في تغذية القوارض بكميات كبيرة من هذه الميكروبات، وانتهت هذه التجربة بشكل جيد: فالفئران لم تتخلص فقط من السمنة ومرض السكري، ولكن أيضًا من العديد من المشكلات الأخرى بسبب فشل عملية التمثيل الغذائي.
علاوة على ذلك، قبل عامين، اكتشف العلماء أنه يمكن تحقيق تأثير أكبر إذا لم يستخدم المرء الميكروبات "الحية"، ولكن قام بتبخيرها بوضع البكتيريا في "حمام دافئ" لمدة نصف ساعة، عاشت الفئران التي تتغذى على "حساء من" Akkermansia لفترة أطول بسبب انخفاض مستويات الكوليسترول في الدم.
كان نقل نتائج هذه التجارب إلى البشر معقدًا بسبب أنه حتى وقت قريب، لم يتمكن العلماء من زراعة هذه البكتيريا خارج الجهاز الهضمي للقوارض، مما جعل من المستحيل استخدامها في التجارب السريرية، في الآونة الأخيرة، قام كاني وفريقه بحل هذه المشكلة من خلال خلق بيئة اصطناعية يمكن أن تنمو فيها Akkermansia.
بعد أن حقق هذا النجاح، جمع العلماء مجموعة من أربعين متطوعًا يعانون من السمنة ومرض السكري من النوع الثاني، ودعوهم إلى تناول أقراص كل يوم تحتوي على بكتيريا حية أو مبسترة من نوع Akkermansia muciniphila.
بعد حوالي ثلاثة أشهر، لخص الأطباء التجربة، اتضح أن كل من المكملات الغذائية حسنت بشكل كبير صحة المتطوعين، على الرغم من أن العلماء لم يطلبوا منهم تغيير نمط حياتهم أو نظامهم الغذائي.
على وجه الخصوص، انخفض مستوى الأنسولين في دمائهم بنسبة 30 %، والأشكال "السيئة" من الكوليسترول — بنسبة 8.6 %. كل هذا حسن بشكل كبير حالة الجسم والدورة الدموية، بالقضاء على مرض السكري أو حالة ما قبل السكري.
والمثير للاهتمام هو أنه الرغم أن كتلة المشاركين في التجربة انخفضت إلى حد ما، لم يسجل العلماء تغييرات في مؤشر كتلة الجسم وفي نسبة الدهون تحت الجلد، ولا يعرفون حتى الأن بماذا يرتبط هذا، لأنه لم يكن لديهم معدات لازمة لقياس كمية الدهون بدقة في الأعضاء والأطراف المختلفة.
ويختتم كاني أن الباحثون البلجيكيون أكدوا أن هذه التجارب أظهرت أن المكملات الغذائية القائمة على Akkermansia muciniphila لها تأثير مفيد على الصحة، هذا يفتح الطريق لتطبيقهم العملي.
قد يهمك أيضًا: